تتكون الأرضية السياسية للانتقال الديمقراطي التي عكفت على إعدادها لجنة مختصة من ممثلي الأحزاب الخمسة والمرشح المنسحب من الرئاسيات أحمد بن بيتور في التنسيقية، من 5 محاور تبرز فلسفة التنسيقية المشتركة في التغيير عبر الانتقال الديمقراطي. وتتكون هذه المحاور من ديباجة تشرح الوضع العام في الجزائر، ثم تنتقل إلى الأهداف التي تأسست من أجلها التنسيقية والمبادئ التي تتبناها في عملها المشترك، وتبرز أسباب الدعوة إلى الانتقال الديمقراطي، ثم تعرج على الآليات التي تعتبر أهم محور في الوثيقة. وتدعو تنسيقية المعارضة في محور الآليات إلى تشكيل حكومة انتقالية مستقلة، تضمن مراحل الانتقال الديمقراطي، وتطالب أيضا بإنشاء هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات. كما تنصص الوثيقة على إعداد دستور توافقي بمشاركة الجميع، وعرضه للاستفتاء على الشعب وليس البرلمان. وتؤكد على ضرورة ”إقامة حوار مجتمعي يهدف للقضاء على الفساد وثقافة اللاعقاب”. واللافت في هذه الآليات المطروحة، أنها اكتفت بالعموميات ولم تجب عن تفاصيل هامة، مثل الموقف من الدعوة لانتخابات مسبقة أو تحقيق ذلك في ظل مؤسستي الرئاسة والبرلمان الحاليتين، وكذلك الاكتفاء بإقامة حوار مجتمعي حول الفساد، دون اشتراط هيئة أو مرصد لمكافحة الفساد والكشف عن المتورطين الحقيقيين في الفساد ومعاقبتهم. كما أغفلت الآليات موضوع المصالحة وما إذا كانت تدعو لتعميقها بالذهاب إلى العفو الشامل وتفكيك ألغام مخلفات الأزمة الأمنية والسياسية لسنوات التسعينات، مثل ملف المفقودين والمعطوبين والمفصولين وغيرهم. وذكر مصدر من التنسيقية ل ”الخبر” أن هذه ”الأرضية لا تزال مشروعا قابلا للإثراء والمناقشة والتعديل، حيث لم يصادق عليها قادة التنسيقية إلى اليوم، وستبقى مشروعا حتى بعد المصادقة عليها، لأنها ستكون قابلة للتعديل في ندوة الانتقال الديمقراطي من خلال نقاشات وإثراءات المدعوين من الأحزاب والشخصيات الوطنية”. وأوضح المصدر أن ”خلافات برزت أثناء إعداد الأرضية السياسية، نظرا للتباين في أطروحات الحساسيات المشكلة لها، لذلك تأخرت المصادقة عليها”، لكنه اعتبر أن المصادقة على هذه الأرضية سيمكن من الحصول على ”وثيقة تاريخية وخطوة متقدمة في العمل السياسي بين أحزاب مختلفة الإيديولوجية واستباقيا لأي انزلاق بالبلاد مستقبلا”. وتبرز ديباجة الأرضية في الوثيقة التي تتكون من 7 صفحات، أن الجزائر تعيش ”أزمة خطيرة” تستدعي العمل على الخروج منها بالآليات السياسية. وتذكر التنسيقية أنها تهدف لبناء عمل سياسي سلمي بعيد عن العنف، وتتخذ الأرضية من بيان أول نوفمبر 1954 كقاعدة ومرجعية للدولة التي تسعى لإقامتها. وفي محور أسباب الانتقال الديمقراطي، عرضت الوثيقة تشخيصا عاما لحال الجزائر، وذكرت أن البلاد تعيش أزمة سياسية وأخلاقية واقتصادية واجتماعية تستدعي المبادرة إلى حلول جذرية. وتراهن الأحزاب المشكلة للتنسيقية (حمس والنهضة والعدالة والتنمية والأرسيدي وجيل جديد وأحمد بن بيتور) على استقطاب الندوة التي تعتزم تنظيمها، شهر جوان المقبل، لشخصيات مؤثرة بإمكانها صناعة توافقات واسعة على مستوى المعارضة، بينما يظل الرهان الحقيقي وفق مراقبين في مدى قدرتها على استقطاب وتحريك الشارع، الذي قد يكون أداة الضغط الوحيدة التي تخشى منها السلطة من أجل دفعها للتنازل.