سكت فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، عن مقترح مثير للجدل كان قد طالب به في نهاية 2012، يتعلق بإضافة مادة دستورية تخول الجيش حماية الديمقراطية، خلال لقائه أمس مع أحمد أويحيى، مدير ديوان رئيس الجمهورية، في إطار المشاورات الجارية حول تعديل الدستور المنتظر. واستمرت لليوم الثاني على التوالي المشاورات حول الدستور القادم للبلاد، بغياب لافت للشخصيات الوطنية المعروفة بحسها النقدي للسلطة ومعارضتها للخيارات المنتهجة في السنوات الماضية. واكتفت لجنة أحمد أويحيى باستقبال المحامي والحقوقي فاروق قسنطيني الذي تتبع هيئته رئاسة الجمهورية، وعبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني سابقا والقيادي سابقا في حزب جبهة التحرير الوطني. وأوضح فاروق قسنطيني أن أهم المقترحات التي تقدم بها تتمحور حول ”ضرورة استقلالية قطاع العدالة والقاضي على وجه الخصوص باعتبار هذه الاستقلالية ركيزة أساسية في سبيل إرساء الديمقراطية الحقة ودولة القانون”. واعتبر رئيس اللجنة في هذا المقام أن ”الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق دون استقلالية عمل القاضي الذي يجب أن يخضع بدوره أولا وأخيرا للقانون ولضميره المهني”. وأضاف بأنه ضمن لقاءه ”جملة من المقترحات ترتبط بطبيعة نظام الحكم في الجزائر وتحديده إن كان رئاسيا أو شبه رئاسي، وبحرية الأشخاص وحرية الصحافة، من أجل إعطاء مصداقية أكثر للديمقراطية في الجزائر”. واللافت أن مقترحات قسنطيني المعلنة لم تتضمن اقتراحه في ديسمبر 2012، بتعديل الدستور الجزائري وفق النموذج التركي، من خلال تمكين مؤسسة الجيش من صلاحية التدخل لحماية الديمقراطية. وطالب قسنطيني وقتها على أمواج الإذاعة الثالثة أن يتم تعديل المادة 70 من الدستور الجزائري، من أجل إدراج الجيش الوطني الشعبي كحامي للدستور. ويخول الدستور الحالي لرئيس الجمهورية صلاحية حماية الدستور. من ناحيته، يفضل عبد العزيز زياري في الوقت الحالي ”الإبقاء على نظام الحكم الرئاسي أو إقرار النظام شبه الرئاسي في الجزائر، ما من شأنه إقامة توازن حقيقي بين السلطات، وضمان حقوق المواطنين الجزائريين في مختلف المجالات وتكريس مؤسسات الجمهورية، شريطة أن تتمتع كل سلطة بصلاحياتها الخاصة وأن لا تطغى الواحدة على الأخرى”. ورافع زياري أيضا على ”إضفاء فعالية أكبر على التعددية الحزبية في الجزائر”، من خلال ”تعيين الوزير الأول أو رئيس الحكومة من الأغلبية الحزبية في البرلمان”، إضافة إلى ”الإسراع في ترقية المرأة في مختلف مؤسسات الدولة وأن لا يقتصر الأمر على تدرجها في المناصب العليا”. وبشأن تصوره لصلاحيات المجلس الشعبي الوطني، أكد زياري على الأهمية التي يوليها كمسؤول سابق في هذه الهيئة لمسألة التوازن بين غرفتي البرلمان من خلال ”توسيع صلاحيات المجلس خاصة وأنه نابع من اختيار الشعب”. بدوره أكد رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، أمس، أن الدستور القادم لا بد أن يكون ”ديمقراطيا وتوافقيا” ويتضمن المبادئ العامة المترجمة لأبعاد دولة الحق والقانون. وقال بلعيد في تصريح للصحافة عقب لقائه مع مدير ديوان رئاسة الجمهورية السيد أحمد أويحيى في اليوم الثاني من المشاورات، أن المقترح الرئيسي الذي قدمه بالمناسبة يقر ب«ضرورة صناعة دستور استشرافي ديمقراطي وتوافقي بأتم معنى الكلمة يمتد إلى فترة زمنية طويلة وليس دستور أزمة أو مرحلة يعدل فيها من حين لآخر، وذلك ضمانا لاستقرار واستمرارية الدولة بآلية واضحة”، مشددا على أن مثل هذا الدستور ”لا بد أن يمر حتما عبر استفتاء شعبي”. وعن رؤية حزبه لنوعية النظام في الجزائر، أكد المسؤول الحزبي على ضرورة تبني نظام شبه رئاسي ”يراعي تقاسم الصلاحيات والمهام بشكل واضح”. كما اقترحت الجبهة، حسب وثيقة العرض العام للاقتراحات المتعلقة بتعديل الدستور وزعت على الصحافة، الرجوع إلى منصب رئيس الحكومة وتعزيز صلاحياته مع حصر صلاحيات رئيس الجمهورية الموسعة في سياق إحداث توازن يحقق تعاون هيئات الدولة. كما اقترح ذات المسؤول إنشاء هيئة دستورية وطنية مستقلة دائمة للإشراف على الانتخابات والاستفتاءات المختلفة، تنظيما ومراقبة وإعلانا عن النتائج، مضيفا بأن حزبه يحبذ تحديد مدة العهدات الرئاسية بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.