تُحذّر التقارير الدولية من مخاطر تعرض الجزائر لأزمة مالية في آفاق الخمس سنوات المقبلة، بالنظر إلى الوضعية الهشة للاقتصاد الوطني العاجز عن خلق الثروة وتنويع مصادر الدخل خارج قطاع المحروقات الذي لا يمكن أن يكون بمنأى من الاضطرابات سواء بفعل تراجع الإنتاج الوطني أو ارتفاع تكاليفه أو بسبب تراجع أسعاره في العالم لعوامل مختلفة. وعلى هذا الأساس، أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد الرحمان مبتول أن الجزائر تنفق أكثر بمرتين لبلوغ نتائج أقل بمرتين عما تحققه عدة دول لها وضعية مماثلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في إشارة إلى تضاعف المصاريف العمومية لإنجاز مشاريع البنية التحتية بالدرجة الأولى، استنادا إلى مداخيل المحروقات واعتماد على ارتفاع أسعار النفط في البورصة العالمية، قبل أن يؤكد على إعادة النظر في السياسة الاقتصادية الوطنية، ما يفرض على الحكومة التقشف في الإنفاق العام وتقليص الميزانيات الممنوحة لمختلف القطاعات الوزارية. وأوضح المتحدث بأن الحكومة مطالبة على وجه الاستعجال بتعديل الخطة الاستراتيجية من خلال التوجه الى اقتصاد السوق له أهداف وتوجهات اجتماعية، على أن يتم إقرار ذلك على مستوى التعديلات المقررة في الدستور، من منطلق أنه قال من بين عوامل التكيّف مع التغيرات العالمية الجديدة المتوقعة خلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2020، حيث استبعد قدرة السلطات العمومية على الاستمرار ببناء سياستها المالية على أساس أسعار النفط تفوق 110 دولار. واستدل الخبير الاقتصادي بأن ميزانية التسيير ارتفعت خلال السنة الجارية 378,9 مليار دينار بالمقارنة مع القيمة المسجلة في قانون المالية لسنة 2013، بالإضافة إلى أن النفقات المسطرة في قانون المالية للسنة الحالية حسب أسعار الصرف الرسمية قدرت بحوالي 100 مليار دولار، وعليه فإن ارتفاع النفقات يصل الى 11.3 في المائة مقارنة ب2013، يعكس نمو ميزانية التسيير بوتيرة أسرع ثلاث مرات من نمو الناتج الداخلي الخام المقدر ب4.5 في المائة. ومن ناحية أخرى، أوضح مبتول أن الأرقام الرسمية، لاسيما الصادرة عن المركز الوطني للإحصائيات، تؤكد أن 59.8 في المائة من اليد العاملة تشتغل في القطاعات غير المنتجة على الصعيد الاقتصادي، كما هو الشأن بالنسبة لنشاط التجارة والخدمات غير المنتجة للقيمة المضافة، متبوعة بمجال البناء والأشغال العمومية ب16.6 في المائة، أي ما يعادل مليوني عامل، بينما لا يتجاوز قطاع الصناعة 13 في المائة، ويشتغل في قطاع الفلاحة 10 في المائة فقط من اليد العاملة الوطنية، وأشار بالمقابل إلى أن الإدارات العمومية توظف حوالي 3 ملايين، حسب الأرقام الأخيرة، وهو الرقم الذي من المقرر أن يرتفع في حال العمل بالتقسيم الإداري الجديد واستحداث ولايات إضافية، وقال إن ذلك من شأنه إثقال تكاليف ميزانية التسيير وتحمل أعباء تسديد أجور عدد أكبر من الموظفين.