يمثل، اليوم، أمام محكمة الجنح بآفلو، سائق الحافلة المتسببة في حادث المرور الذي خلف 17 قتيلا و24 جريحا، وسط مطالبة عائلات الضحايا بتشديد العقوبة وضرورة مراجعة وتحيين قانون المرور، خصوصا في مجال سياقة الحافلات والشاحنات التي تتسبب في مجازر على الطرقات لعوامل كثيرة. كشفت مصالح الدرك الوطني في الأغواط أن الطريق الوطني رقم 23 الرابط بين الأغواطوتيارت، مرورا بآفلو، هو أكثر الطرق دموية في ولاية الأغواط، بإحصاء 58 حادث مرور منذ بداية السنة، آخرها حادث المرور الذي وقع يوم 30 سبتمبر الفارط بالمكان المسمى “الفرشة” بالقرب من قرية الجدر بواد مرة في الحجرة الكيلومترية 329، نتيجة اصطدام عنيف بين حافلتين للمسافرين. هذا الحادث المأساوي يبرز ضرورة مراجعة القوانين للتقليل من الخسائر في حال وقوعها، خصوصا بالنسبة للحافلات والشاحنات، لكونها المتسببة في هذا الحادث الأخير بقيادة السائقين المتهورين، لكون العامل البشري، حسب إحصاءات الدرك الوطني، المتسبب في 86 بالمائة من حوادث المرور، واعتبار الشباب البالغ من العمر بين 18 و39 سنة أكثر الفئات المتورطة في حوادث المرور، رغم النشاط الردعي والتحسيسي الذي لم يعط النتيجة المرجوة في حفظ أرواح مستعملي الطرق. أربع تهم يواجهها المتهم الرئيسي يواجه سائق حافلة “دايوو” التي كانت تضمن خط وهران أدرار مرورا بآفلو، والبالغ من العمر 34 سنة، أربع تهم هي جنح القتل الخطأ والجرح الخطأ وتجاوز السرعة ومخالفة قانون المرور، بعد مقتل 17 شخصا وجرح 24 شخصا آخر في هذا الحادث المأساوي. وكان هذا السائق المقيم بحي “ڤمبيطة” في مدينة وهران، يحاول تجاوز جرار طريق في خط مستمر، ليتفاجأ بحافلة أخرى من نوع “تويوتا كواستر” قادمة في الاتجاه المعاكس من الأغواط باتجاه آفلو ويحاول تجنبها من الجهة اليسرى، غير أنه صدمها في جهتها اليمنى موديا بحياة 17 راكبا كانوا على متن هذه الحافلة الصغيرة والمنحدرين من مدينة آفلو والبلديات المجاورة لها وبعضهم كانوا طلبة جامعيين استبقوا عطلة العيد. كشفت معلومات من ملف التحقيق أن السائق الشاب كان ينوي شراء كبش العيد في طريق العودة، عندما يعود من أدرار باتجاه وهران إلى بيته لإسعاد والدته وابنتيه، باعتبار الجهة تشتهر بتربية الأغنام من السلالة الجيدة طبقا لاتفاق مع أخيه العامل في المنطقة، غير أن القدر شاء أن يمكث الشاب في المنطقة ويقضي العيد في حبسها تحت النظر، في انتظار تقديمه للعدالة في ثاني أيام العيد يوم الأحد الفارط، وتأتي والدته وابنتاه لزيارته وهو في الزنزانة بعدما تورط في هلاك 17 شخصا كلهم من هذه المنطقة، لم ينعموا بفرحة العيد بسبب تهوره في السياقة. عائلات تطالب بالقصاص ومراجعة القوانين طالبت عائلات الضحايا التي حاصرت محكمة آفلو أثناء تقديم المتهم والاستماع إلى طلباتها كطرف مدني بالقصاص وتطبيق القانون، رغم أن تكييف القضية هو جنحة لا تتعدى عقوبتها الثلاث سنوات حبسا نافذا، ودعت إلى مراجعة القوانين الخاصة بقانون المرور بخصوص شروط سياقة الحافلات وتقنين السرعة المستعملة من طرف سائقيها للحد من كوارث الطريق وتحمل الحكومة مسؤولياتها، بعدما اكتفى الوزير الأول بإرسال تعزية عن طريق “الفايسبوك”، فيما لم يتنقل أي وزير لمواساة عائلات الضحايا التي فقدت أفرادها عشية العيد، بينما أبرقت الحكومة الفرنسية والمملكة المغربية رسائل تعزية رسمية، كما دعا هؤلاء إلى ضرورة الشروع في ازدواجية الطريق الوطني للحد من هذه الحوادث المرعبة. الشرطة في مدارس الأغواط للتحسيس بمخاطر الطريق شهد الوسط الحضري بمدينة الأغواط ارتفاعا في حوادث المرور التي استهدفت المارة، لاسيما الأطفال الذين أصبحوا ضحايا لتهور بعض السائقين داخل المدينة. ومن أجل التحسيس بمخاطر الطريق، بادرت جمعية مزي لحماية المستهلك في الأغواط بالتنسيق مع الأمن العمومي لأمن ولاية الأغواط، بتنظيم حملة تحسيسية حول السلامة المرورية لفائدة أطفال المدارس الابتدائية، تشتمل على تقديم دروس ونصائح من طرف إطارات الشرطة حول اجتياز وقطع الطريق وعدم اللعب فيه، وتوزيع لافتات يحملها التلاميذ أثناء خروجهم ودخولهم للمدرسة، تدعو للتوقف أثناء عبورهم. وقد انطلقت هذه الحملة من مدرسة الحبيب شهرة وسط مدينة الأغواط، على أن تشمل مدارس أخرى في الأيام المقبلة، حسب ما أكده ممثلو الشرطة للحفاظ على أرواح الأبرياء. دراسة لازدواجية الطريق الوطني رقم 23 كشف مدير الأشغال العمومية لولاية الأغواط، السيد إبراهيم شنين، أن دراسة لازدواجية الطريق الوطني رقم 23 أسندت لمكتب الدراسات التقنية في سطيف، بالتنسيق مع مخبر الأشغال العمومية بالجنوب بمبلغ ستة ملايير سنتيم على مسافة 120 كيلومتر إلى غاية الحدود مع ولاية تيارت، مضيفا أن هذا الطريق هو الأكثر كثافة مرورية على مستوى الولاية، لكونه يربط الجنوب الشرقي كورڤلة وغرداية بالجنوب الغربي كالنعامة وبشار وكذلك الغرب كتيارتووهران، معتبرا أن 80 بالمائة من مستعملي هذا الطريق هم من أصحاب الوزن الثقيل وسائقي الحافلات. وأشار مدير الأشغال العمومية إلى أن إشكالية ازدواجية هذا الطريق تكمن في وجود ممتلكات خاصة بجواره من الجانبين، ما يستدعي التدقيق في الدراسة، معتبرا النقاط السوداء التي كانت موجودة تمت إزالتها والتكفل بها بنسبة 95 بالمائة، بوجود 30 كيلومترا من الطريق المزدوج كانت بعضها نقاطا سوداء إلى غاية إقليم بلدية واد مرة، مؤكدا أن المكان الذي سجل حادث المرور لم يشهد في السابق حادثا لوجود إشارات فوقية وعمودية وكون الطريق عريضا بطول سبعة أمتار ونصف عوض 7 أمتار القانونية للسماح بمرور المواكب الخاصة التي تستعمل هذا المسلك.