ما هي قراءتكم للحدث باعتباركم رئيس حركة الدفاع عن أعوان وإطارات الشرطة ضحايا الإدارة، إلى جانب أنكم من المطالبين بإنشاء نقابة في جهاز الشرطة؟ اعتبر هذه الحركة شرعية، وليست تمردا عن أداء المهام، لأن الغاضبين واعون بأنه من غير الممكن أن يقوم شخص عسكري التكوين بقيادة جهاز مدني كالشرطة، بل أن معظم القيادات الحالية هي من الدرك، ولهذا فإن رحيل المدير العام بداية الحل، وتنصيب إطار ينتمي إلى الشرطة على رأس الجهاز، لأن عقلية الشرطي والدركي لا تتوافقان بحكم طبيعة التكوين والنظام. أما بخصوص مطلب النقابة المستقلة، من غير الممكن التقدم إلى مسؤول عسكري التكوين بمطلب كهذا، لأن القانون يمنع إنشاء نقابة في الجيش أو الدرك، إذن فإن القيادة الحالية تتعامل مع هذا المطلب من هذا المنطلق، في حين الشرطة لا تعتبر هذا منافيا لقانونها الأساسي، فلو كانت هناك نقابة مستقلة لما خرج الأعوان إلى الشارع.. وهو الخيار الوحيد الذي كان متاحا في غياب نقابة تستمع إلى انشغالاتهم.
هل لهذه الحركة خفايا وأبعاد سياسية؟ أنا أعرف النظام جيدا وكنت داخله، والآن أنا ضده، فلا أحد بإمكانه تحريك الشرطة وإخراجها إل الشارع بغرض سياسي أو توظيفها في هذا الشأن، لأن السياسيين حين يفشلون في إيجاد حلول لأزمات معينة يلجأون إلى حلول أمنية، مستعملين أفراد الشرطة لمواجهة الشعب مباشرة، لكن عناصر الأمن واعون بدورهم التقني البعيد عن التجاذبات السياسية، فما حصل عفوي ومشروع، عملنا على تحقيقه منذ وقت الراحل علي تونسي، وتجدد الآن وفرض نفسه نتيجة تراكمات مهنية واجتماعية صعبة لمنتسبي الوحدات الجمهورية. كما أشير هنا إلى أن خطاب الأيادي الخارجية التي تحرك الشرطة، يراد من ورائه تغيير نظرة المواطن حيال الحركة الاحتجاجية ووصمها بأنها غير شرعية وخارجة عن القانون، في حين أنها سلمية وعفوية وشرعية، ودليلي في ذلك يتمثل في أن الحركة ليست منظمة جيدا، ما يدل على أنها ليست محضّرة سلفا، وأن المحتجين من فئة واحدة. هناك من اعتبر خروج الشرطة غير شرعي، ما رأيكم؟ السلطة ترى أن جهاز الشرطة أداة في يدها تعمل بها ما تشاء، وليس مؤسسة دستورية في خدمة القانون والشعب والدولة، فهذه العقلية يجب أن تتلاشى من أذهان المسؤولين، كما يتوجب عليهم التعامل مع الاحتجاجات بجدية وليس بأسلوب التأجيل الذي قد يُؤزّم الأوضاع ويدفعها للانحراف والتصعيد أكثر مما يطرح حلولا. في رأيكم لماذا توجه المحتجون إلى مقر الرئاسة بالضبط؟ الغاضبون توجهوا إلى قصر المرادية بعدما انهارت ثقتهم في مسؤوليهم من وزير الداخلية إلى المدير العام، والآن سلال، فثقتهم الوحيدة في رئيس الجمهورية، رغم أني اعتقد أن رحيل المدير العام وإنشاء نقابة غير ممكن في عهدة الرئيس بوتفليقة. ما هو الحل في اعتقادكم إذن؟ الحل في رحيل المدير العام وإنشاء نقابة مستقلة، وإذا واصلت الحكومة سياسة الهروب إلى الأمام، فإن الأمور تتأزم أكثر، ونحن لسنا بحاجة إلى مشاكل أخرى في ظل التوترات الحالية، كما أن النقابة التي نريدها ليست كباقي النقابات التي تشوبها الإضرابات، بل نقابة تسهر على حقوق عون الأمن في إطار أكثر انضباطا. لماذا ترفضون شخصية عسكرية على رأس الجهاز؟ نحن الآن في نظام يرتكز على عسكرة مؤسسات الدولة، كي تكون سلسلة قيادات الدرك والمخابرات والشرطة والحماية المدنية على رأسها عسكريون، كي يتمكنوا من تحقيق التوافق، ومن ثم فإن دخول بينهم شخصية مدنية من شأنه، حسبهم، أن يثير إزعاجهم والخروج عن الطريق، كونه ليس من نفس الطينة، وأنا لست ضد العسكر، بل مع تنصيب شخصية مدنية على جهاز مدني.