قال الملك في خطاب طويل، أول أمس، بمناسبة مرور 39 سنة على “المسيرة الخضراء” (1975)، التي تمثل للصحراويين احتلالا لأرضهم من طرف النظام المغربي، بعد خروج الاستعمار الإسباني منها، إن بلده يعارض “محاولة تغيير طبيعة هذا النزاع الجهوي، وتقديمه على أنه مسألة تصفية استعمار. فالمغرب في صحرائه، لم يكن أبدا قوة محتلة، أو سلطة إدارية بل يمارس صلاحياته السيادية على أرضه”، في إشارة إلى الطرح الصحراوي والجزائري للقضية، على أنها “تصفية استعمار”. ورفض محمد السادس الابتعاد عن فكرة الحكم الذاتي، في مسار التفاوض مع البوليزاريو، قائلا: “لا لأي محاولة لمراجعة مبادئ ومعايير التفاوض، ولأي محاولة لإعادة النظر في مهام المينورسو أو توسيعها، بما في ذلك مسألة مراقبة حقوق الإنسان”. داعيا إلى “عدم محاباة الطرف الحقيقي في هذا النزاع، وتمليصه من مسؤولياته”، يقصد الجزائر وكلام الملك موجه إلى فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكيةوالأممالمتحدة، وهي أطراف تأخذ دائما رأي الجزائر عندما تتعاطى مع ملف الصحراء الغربية. وانتقد محمد السادس ضمنيا المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية، كريستوفر روس، الذي تتهمه الرباط بالانحياز للموقف الجزائري في القضية، فقال: “سيادة المغرب لا يمكن أن تكون رهينة لأفكار إيديولوجية، وتوجهات نمطية لبعض الموظفين الدوليين. وأي انزلاقات أو مغالطات سترهن عمل الأممالمتحدة في هذه القضية”. وطلب المغرب من الأمين العام الأممي ومن الولاياتالمتحدةالأمريكية “موقفا واضحا من هذا النزاع”. ويؤاخذ الملك على الطرفين ما يلي: “في الوقت الذي يؤكدون أن المغرب نموذج للتطور الديمقراطي، وبلد فاعل في ضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة، وشريك في محاربة الإرهاب؛ فإنهم في المقابل يتعاملون بنوع من الغموض مع قضية وحدته الترابية”. ولم يذكر الملك لا فرنسا ولا إسبانيا بالاسم. فالأولى تدعم الرباط على طول الخط، فيما تؤيد الثانية كقوة استعمارية سابقا مبدأ استقلال الصحراء. واعتبر العاهل المغربي تحميل الجزائر المسؤولية في النزاع شرطا لحله، مشيرا إلى أن ذلك “لا يعني الإساءة للجزائر، أو لقيادتها، أو شعبها، الذي نكن له كل التقدير والاحترام. فكلامنا موزون، ومعناه واضح. وإنما نتحدث عن الواقع والحقيقة، التي يعرفها الجميع. هذه الحقيقة التي كلما قالها المغاربة، يتم اتهام الحكومة والأحزاب والصحافة المغربية بمهاجمة الجزائر”. ويزعم محمد السادس أن المسؤولين الجزائريين يوظفون أموال النفط لتسيير القضية الصحراوية دوليا في اتجاه رفض مقترح الحكم الذاتي، فقال: “إذا كان المغرب ليس لديه لا بترول ولا غاز، بينما الطرف الآخر لديه ورقة خضراء، يعتقد أنها تفتح له الطريق ضد الحق والمشروعية، فإن لدينا مبادئنا وعدالة قضيتنا. بل لدينا أكثر من ذلك : حب المغاربة وتشبثهم بوطنهم”. وهاجم محمد السادس أطرافا داخل المغرب، فقسّم المغاربة إلى صنفين بشأن نزاع الصحراء. فالمغربي، حسبه، “إما أن يكون وطنيا أو خائنا وليس هناك مرتبة وسطى بين الوطنية والخيانة”. وذكر بالتحديد: “إننا نعرف جيدا أن هناك من يخدم الوطن، بكل غيرة وصدق. كما أن هناك من يريد وضع الوطن في خدمة مصالحه. هؤلاء الذين جعلوا من الابتزاز مذهبا راسخا، ومن الريع والامتيازات حقا ثابتا، ومن المتاجرة بالقضية الوطنية مطية لتحقيق مصالح ذاتية. كما نعرف أن هناك من يضعون رجلا في الوطن، إذا استفادوا من خيراته، ورجلا مع أعدائه إذا لم يستفيدوا. وهنا أقول : كفى من سياسة الريع والامتيازات. وكفى من الاسترزاق بالوطن”.