رغم التعليمات المتتالية الموجهة من طرف الوزير الأول، عبد المالك سلال، لمختلف المصالح المعنية بمحاربة ظاهرة تهريب العملة الصعبة، إلا أن هذه التعليمات تبقى مجرد حبر على ورق، ولا تعني الكثير بالنسبة لمهربي العملة الصعبة، الذين يدفعهم صدور التعليمات وتشديد المراقبة إلى التفكير فقط في تغيير أساليب التهريب وقائمة الدول المحولة إليها، لتسجل الجزائر تحويل ما تجاوزت قيمته 200 مليون أورو خلال الأربعة أشهر الأولى فقط لهذه السنة، مقابل استيراد سلع دون قيمة اقتصادية ومادية يتم التخلي عنها في الغالب في الموانئ. قالت مصادر حكومية، في تصريح ل”الخبر”، إن محاربة ظاهرة تهريب العملة الصعبة مازالت مستعصية على جميع المصالح المعنية، رغم التدابير والإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة للحد من ظاهرة التهريب، مشيرة إلى أن ذلك يتجلى في الأرقام المسجلة إلى غاية نهاية أفريل الفارط، حيث تكشف عن تسجيل تهريب مقنع بأكثر من 200 مليون أورو تم تحويلها إلى بنوك أجنبية، مقابل استيراد سلع وعتاد دون أي قيمة تجارية، وحتى استيراد حاويات فارغة وأحيانا مملوءة بالحجارة والرمال مثل تلك المستوردة من الصين وبالضبط من شوارع شنغهاي. في السياق ذاته، أكدت المصادر ذاتها أن معظم المستوردين المتهمين في قضايا تهريب العملة الصعبة، استفاد من المزايا الجبائية والضريبية الممنوحة من طرف الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، في إطار مشاريع “أنساج” و”أنجام” و”كناك”، في حين تم الكشف عن تحايل العديد من الشركات المستوردة والتي كانت تعمل بفواتير مزورة تعتمد فيها على تضخيم أسعار المواد المستوردة لتهريب مبالغ هامة من العملة الصعبة، خاصة نحو الشركات الأم في الدول الأجنبية. على صعيد آخر، أسرّت مصادر من مديرية الجمارك لوهران بنجاح أعوان هذه الأخيرة في الكشف عن عمليات استيراد، هربت من خلالها مبالغ هامة من العملة الصعبة، مقابل استيراد عتاد دون أي قيمة تجارية، ليتم إرسال ملفات المعنيين بالتهريب إلى العدالة، بقيمة غرامات لمخالفات تخص الصرف، تجاوزت خلال العام الماضي ما قيمته 600 مليار سنتيم. للتذكير، كان الوزير الأول قد نصب لجنة تضم ممثلين عن جميع المصالح المعنية بمحاربة ظاهرة تهريب العملة الصعبة، من إدارة الجمارك، إلى الضرائب، إلى ممثلين عن الموانئ الوطنية، حيث كلف الوزير الأول اللجنة بإيجاد حلول جذرية واستعجالية للحد من ظاهرة التهريب التي أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على عاتق الاقتصاد الوطني، خاصة بعد تراجع مداخيل الجزائر من العملة الصعبة.