نحن في بداية العشر الأواخر من رمضان، فكيف يستغلها المؤمن؟ ذ إنّ العشر الأواخر فضل من الله على مَن لم يغتنم العشرين الماضية من رمضان، فإن أراد الخروج من رمضان مغفورًا له مرحومًا معتوقًا من النّار فما عليه إلاّ استغلال هذه العشرية العظيمة، الّتي كان فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجتهد في العبادة ويوقظ أهله للصّلاة ويحيي لياليها كلّها بالصّلاة والذِّكر، لأنّ فيها ليلة هي خير من ألف شهر، ليلة القدر الّذي تنزل فيها ملائكة الرّحمة إلى الأرض ويستجاب فيها الدعاء. فعلى المؤمن أن يكثر في هذه العشر الأواخر من تلاوة القرآن ومن ذِكر الله ومن الدّعاء ومن الصّلاة ليلاً، وأن يكثر من الدّعاء الّذي علّمه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأمّنا عائشة رضي الله عنها ولنا من بعدها وهو “اللّهمّ إنّك عفُوٌ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنّا” رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وهو حديث صحيح. ومن المؤسف أن يغفل الصّائمون عن هذه العشر، أي الأيّام الأخيرة، فتراهم ينشغلون بصنع أصناف وأطباق الحلوى وتراهم ينشغلون في الأسواق بشراء الملابس يوميًا وبإمكانهم فعل كلّ هذه الأمور باعتدال مع الاجتهاد في العبادة، فعلينا أن لا نغفل والخير كلّه في إدراك ليلة القدر، الّتي قال فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدّم من ذنبه” أخرجه البخاري ومسلم. ومن حُرم فضل ليلة القدر، فقد حُرم الخير خيره. وللمؤمن أن يتحرّاها في ليلة الوتر من هذه العشر الأخيرة، وفّقنا الله جميعًا إلى قيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا.
امرأة تسأل عن التّرتيب في الصّيام بين الست من شوال وبين قضاء دينها المترتّب على إفطارها بسبب الحيض؟ الأولى أن تبدأ المرأة في صوم دينها قبل الست من شوّال، لأنّ قضاء الصّوم على الحائض واجب لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنّها سئلت هل تقضي الحائض الصّوم والصّلاة؟ فقالت: “كنّا نؤمر بقضاء الصّوم ولا نؤمر بقضاء الصّلاة” متّفق على صحّته. وأمّا صوم ست من شوّال فليس واجبًا، ولكن من صامها يكون كمَن صام الدّهر كلّه كما ثبت في الحديث. فعلى المرأة إذًا المبادرة إلى قضاء صومها عقب رمضان مباشرة، ولا يفهم من هذا تحريم تأخيره بشرط أن لا يدركها رمضان آخر وهي لم تقضيه، ففي هذه الحالة يلزمها القضاء مع الفدية وهي إطعام مسكين عن كلّ يوم. وإذا شُقّ على المرأة القضاء مع صيام شوّال خافت ألاّ يكفيها شوّال، لذلك هناك مَن أجاز لها البدء بستة أيّام من شوّال ثمّ قضاء الدّين، غير أنّ القضاء أولى لأنّه واجب.