كشفت، أمس، الأستاذة رياش فائزة، رئيسة مصلحة ما قبل التاريخ بمتحف “الباردو”، أن المتحف سيحتضن معرضا حول “الحفريات والاكتشافات الحديثة بالجزائر”، بداية الأسبوع الأول من شهر مارس القادم، وذلك خلال الندوة التي احتضنتها جريدة “الشعب” تحت عنوان “الجزائر ما قبل التاريخ.. أبحاث واكتشاف”. وقالت السيدة رياش إن إنشاء معرض عن الحفريات والاكتشافات الحديثة يعد المبادرة الأولى بين متحف ما قبل التاريخ والإثنوغرافيا “الباردو”، بالتعاون مع “مخبر عصور ما قبل التاريخ” التابع لمعهد علم الآثار بجامعة الجزائر 2. تجسدت هذه الفكرة، تضيف رياش، بعد سلسلة الاكتشافات الأثرية التي عرفتها الجزائر خلال عشرين سنة الماضية، من أبحاث وعمليات مسح أثرية مهمة في عصور ما قبل التاريخ، وأعمال قام بها باحثون جزائريون تهدف إلى اكتشاف البقايا الأثرية، وجمعها ودراستها ومن ثم نشر نتائج أبحاثها من أجل قراءة علمية للإنسان البدائي وبيئته. يهدف المعرض، حسب رياش، إلى التعريف بعديد الثقافات التي تزخر بها مرحلة ما قبل التاريخ للجزائر، من خلال تقديم نتائج أبحاث عدة مواقع أثرية بالجزائر بمقاييس عالمية منها الثقافة “الألدوانية” أقدم ثقافة تعود للعصر الحجري القديم الأسفل، وفيها نجد الصناعة الحجرية على الحصى “الشوبر والشوبينغ تول”، وكذا بقايا عظمية حيوانية تم اكتشافها بموقع “عين الحنش” بولاية سطيف، الموقع الذي يؤرخ ب1.8 مليون سنة، وأبحاث خصت العصر الحجري القديم الأسفل والمتمثل في الموقعين الأشوليين “الرايح” بمستغانم الذي يؤرخ ب1 مليون سنة، وموقع “تيغنيف” بولاية معسكر المؤرخ ب750 ألف سنة. يتم عرض الأدوات الحجرية منها الفؤوس الحجرية وبقايا عظمية حيوانية تعود لسلالات حيوانية كانت تعيش في تلك الأحقاب مثل الخيول، البقريات وفرس النهر، كما سيتم عرض مكتشفات تعود للعصر الحجري الأوسط والتي تم العثور عليها بموقع أولاد الحاج “مستغانم”، وهي الفترة التي تمتد منذ 150 ألف سنة وتتميز بأدوات أكثر تهذيبا ودقة، كما يجسد المعرض صورة للعصر الحجري القديم الأعلى بتقديم مكتشفات موقع “تازا” بولاية جيجل والذي يستعرض بالتفصيل الثقافة “الإيبيرومغربية”، وهي الفترة التي تتميز بصناعة حجرية قزمية من الصوان وظهور الصناعة العظمية.
كما قدم البروفيسور عبد القادر دراجي، مختص في التاريخ القديم والأنتروبولوجيا، من جهته، حوصلة للأعمال التي قام بها مع فرقة البحث في مواقع أثرية صنفها بالأساسية والمهمة، منها موقع “الرايح وأولاد الحاج” بمستغانم تخص العصر الحجري القديم الأسفل “اليونيتي”، وقال إن موقع “الرايح” يمثل امتدادا للوجود البشري، كما مكن فرقة البحث من اتباع مراحل التعمير البشري. وأكد البروفيسور دراجي أن التواصل والاستمرارية الثقافية هي مهمة الباحثين فيما قبل التاريخ، كما أن إعطاء البعد الحضاري لهذه الاكتشافات ومعرفة البيئة التي يعيش فيها الإنسان في تلك الفترة من أولويات الباحث في الميدان. وذكر المتحدث الفرق بين الاكتشافات في الفترة الاستعمارية وفترة ما بعد الاستقلال، وقال إن الاستعمار الفرنسي كان يعتبر جل الاكتشافات امتدادا للوجود الفرنسي بالجزائر، عكس الأبحاث المقامة في فترة ما بعد الاستقلال. ويرى البروفيسور دراجي أن تحديد أقدمية الوجود البشري في الجزائر ليس بالعملية السهلة، نظرا لشساعة بلادنا ووجود العنصر البشري في مختلف المناطق سواء في الشمال أو الجنوب، ويعتبر ما توصلت إليه فرق البحث في الميدان بمثابة امتداد للمهد الحضاري في إفريقيا الشمالية والجنوبية، كما ساهمت هذه الفرق في نشر ما تزخر به الجزائر وبالتالي التعريف بالتاريخ الثري لبلادنا.