عقد خير الدين زطشي العزم على تسويق أتعس صورة عن “الاتحادية العالمية” مع سبق الإصرار والترصّد، وتحوّلت مواقفه “العدائية” للهيئات القارية والإقليمية وحتى الدولية، من مجرّد تعصّب لرئيس اتحادية جديد متحمّس وفاقد للخبرة والرزانة في التعامل مع محيط الكرة ومعطياته، إلى مضحكة ومسخرة بكل المقاييس، بعد أن جعل خليفة روراوة نظراءه من مختلف الهيئات الكروية، يصطدمون بالفرق الشاسع بينه وبين من وضع “الخضر” قبله مرتين في كأس العالم وولج بحنكته وتمرّسه دواليب التسيير قاريا وإقليميا ودوليا. يحق اليوم أن ندق ناقوس الخطر في قصر دالي إبراهيم، بالنظر إلى استراتيجية التعامل للاتحادية مع الهيئة الكروية العربية، فردّة الفعل العنيفة ضد ما اعتبرته “الفاف” تجاوزا لحقها في اختيار ممثليها من الأندية في البطولة العربية، ولو أنها مبنية على خلفية صراع معلن مع نائب رئيس الاتحاد العربي محمّد روراوة، إلا أن خير الدين زطشي، أصبح يسيء بشكل خطير لمصلحة الاتحادية لخياره “شنّ الحروب” وفتح جبهات صراع على جميع المستويات، ما يترتّب عنه منطقيا “كثرة الأعداء” للكرة الجزائرية، وهو واقع سيؤدي حتما إلى “عزل” الجزائر كرويا وتحييدها. وقياسا بعدم إلمام خير الدين زطشي بواقع العلاقات في عالم الكرة التي تحدده “المصلحة” و”اللوبيات” من جهة والإستراتيجية الدولية الدقيقة من جهة أخرى، فإن ما حدث من صدام قبل أسابيع مع “الكاف” واستعمال رئيس الاتحادية للغة التهديد مع “إمبراطورية” كروية، وما سبق كل ذلك من “امتعاض” من خليفة روراوة لمواقف رئيس “الفيفا” الجديد، جياني أنفانتينو، والتعالي على اتحاد شمال إفريقيا، ثم الإعلان صراحة عن عدم تقبّل خيار الاتحاد العربي لكرة القدم، يقدّم مؤشرات قوية بأن الكرة الجزائرية بيد رئيس فاقد للبوصلة، يتعامل بمنطق “ردّة الفعل” بدلا من تغليب “الذكاء”، ويعرّض مصالح الاتحادية، من حيث لا يدري، لخطر حقيقي. وحتى وإن كان خيار الاتحاد العربي لوفاق سطيف واتحاد الجزائر يحمل رائحة “مكر” من محمّد روراوة بغرض النيل من معنويات زطشي، إلا أن هذا الأخير عرّض نفسه للإهانة بنفسه، بعد أن استبق الأوضاع واختار اتحاد بلعباس للمشاركة في المنافسة عربيا، وهو يعتقد بأنه سيوجّه “أمرا” لنائب الاتحاد العربي، ليكتشف زطشي في النهاية بأنه “نسي” الإجراءات الإدارية، والتي تفرض على كل اتحاد انتظار المراسلة الرسمية من منظّم الدورة بشأن معايير اختيار النوادي، وهو الاتحاد العربي، لحسم خيار ممثلي الجزائر عربيا. والغريب في كل ما يحدث أن رئيس الاتحادية ووزير الشباب والرياضة يسبحان ضد التيار ويرفضان الاعتراف بأنهما هاويان في عالم الكرة، فقول الهادي ولد علي وزير الشباب والرياضة بأن الاتحاد العربي أخطأ وبأن الأمر يتعلّق بخيار وطني لممثلي الجزائر، فقد نسي الرجل بأن الأمر يتعلق بدعوة لم تحرج أي بلد عربي، والدعوة يقابلها القبول أو الرفض وينتهي الأمر عند هذا الحد بعيدا عن الخطاب الشعبوي العقيم الذي لفظته البلدان الكبيرة. الدخول في صراع مع العرب بعد الذي حدث مع الأفارقة، هو فصل من فصول مسلسل “السقوط الحرّ” للكرة الجزائرية التي غابت عنها “حكمة” اتخاذ القرارات السليمة والمدروسة حتى في أسوأ الحالات، كون النظرة الصحيحة لأي رئيس اتحادية البعيدة عن الارتجال هي وحدها التي يمكنها أن تدفع الرأي العام الرياضي للوثوق به.