يعتبر الرئيس الأسبق لرابطة كرة القدم المحترفة، محمد مشرارة، مهندس المديرية الوطنية لمراقبة التسيير، حيث يتحدث في هذا الحوار الذي خص به "الخبر" عن دور هذه الهيئة وأهميتها في تنظيم الاحتراف كاشفا في الوقت نفسه عن أسباب انسحابه من هذه المديرية في مناسبتين، الأولى خلال فترة رئيس الاتحادية السابق محمد روراوة والثانية مع الرئيس الحالي خير الدين زطشي. كما تحدث عن موقفه بشأن تعديل نظام المنافسة، مؤكدا أن كل النوادي الجزائرية خارجة عن الاحتراف من نظرة القانون. قررت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تفعيل عمل مديرية مراقبة تسيير الأندية "دي أن سي جي".. فهل لكم أن توضحوا مفهوم هذه الهيئة؟
المديرية الوطنية لمراقبة التسيير هي الهيئة الوحيدة المذكورة في قانون الرياضة الصادر في أفريل 2013، فهي اللجنة الوحيدة المفروضة على الاتحاديات كلها.. زيادة على ذلك هناك توجيهات الاتحادية الدولية لكرة القدم التي تلزم بضرورة التحلي بالتسيير المالي النظيف والمعمول به في أوروبا. ففي فرنسا مثلا مالك فريق باريس سان جرمان أبرم عقدا إشهاريا مع مؤسسة قطرية بقيمة 430 مليون أورو، وهذه المؤسسة ليس لديها أي نشاط اقتصادي، ففي هذه الحالة تدخل الاتحاد الأوروبي ورفض العقد وأجبر مسؤولي النادي الفرنسي على تقليص المبلغ إلى 80 مليون أورو فقط من مبلغ الصفقة لأن العملية لم تكن قانونية. أما المديرية الوطنية لمراقبة التسيير عندنا جاءت تبعا لقوانين الوزارة والاتحادية. ففي قانون الاحتراف الصادر في جويلية 2010 والذي يحمل 35 مادة يجبر النادي المحترف على الخضوع للمحاسبة الواضحة من خلال الكشف عن مداخيله ومصاريفه، ودور المديرية هو مراقبة حسابات الأندية وحتى تقرير مصير النادي في الاحتراف نهاية الموسم، ما إذا كان قادرا من الناحية المالية ويستوفي جميع الشروط لمواصلة الظهور في الاحتراف.. كما تجبر المديرية كل ناد على تقديم تبريرات في حال وجود عجز مالي مقارنة بالمصاريف والمداخيل.
في جميع الدول عمل المديرية ينطلق قبل بداية الموسم، أليس كذل ؟
هذا أكيد فكل النوادي تحضر الميزانية المتوقعة قبل انطلاق الموسم، وهناك مثلا ناد يحدد ميزانيته ب40 مليار سنتيم في الموسم عليه أن يصرح من أين يحصل على المداخيل ويكشف الكتلة الشهرية للاعبيه وكل النفقات القارة، كما عليه تقديم التزامات حول القيمة المالية التي تستفيد منها الخزينة، وإذا كانت النفقات أكثر من المداخيل عليه أن يعطي التزاما للمديرية الوطنية لمراقبة التسيير بأن مداخيل أخرى سيتحصل عليها النادي، وفي حال عدم إثبات تلك المصاريف التي تفوق الميزانية ستطبق عليه بعض الإجراءات كحرمانه من الانتدابات الموسم القادم أو تقليص عدد الانتدابات لتحقيق التوازن المالي للفريق.
هل تعتقدون أن الظروف الحالية التي تعيشها النوادي المحترفة تشجع المديرية الوطنية لمراقبة التسيير على ممارسة نشاطها؟
اعتقد أنه من الصعب جدا أن تمارس هذه الهيئة نشاطها في ظل الظروف التي تعيشها النوادي المحترفة.. يجب على النادي المحترف أولا إنهاء موسمه دون ديون ولكي يتحقق ذلك يجب على نوادينا الخروج من الفوضى قبل كل شيء، فلا يوجد مخطط محاسباتي خاص بالجانب الرياضي ولكي تمارس المديرية الوطنية لمراقبة التسيير نشاطها على أكمل وجه يجب الاستعانة بخبراء مختصين في التدقيق المالي يراقبون الشركات وحساباتها. فهذه الهيئة تنقسم إلى فرعين، إذ هناك لجنة وطنية تتضمن إطارات من الاتحادية أو خارجها وفيها رئيس وأعضاء مثل تركيبة المحكمة وينشط فيها موظفون مختصون في تدقيق الحسابات ومراقبة حسابات النوادي وخبراء يحررون تقارير ويقدمونها للجنة من أجل تطبيق القوانين. وهناك لجنة الطعن يقوم عملها بدراسة طعون الأندية التي تعارض قرارات هذه الهيئة في حال حرمانها من الانتدابات أو منعها من النشاط في البطولة المحترفة على سبيل المثال.
رئيس الفاف خير الدين زطشي تحدث في المدة الأخيرة كثيرا على تفعيل نشاط المديرية الوطنية لمراقبة التسيير، لكن أغلب النوادي المحترفة تجهل للأسف قوانينها.. ما تعليقك؟
لكي تنجح المديرية الوطنية لمراقبة التسيير في عملها يجب أن يتم نشر قانونها على موقع الاتحادية والرابطة من أجل اطلاع كل الفاعلين على دورها وقوانينها. لقد قمت بصياغة قوانين هذه الهيئة وهي جاهزة ولكن للأسف بقيت مجرد وثائق حبيسة الأدراج.
يشهد لك الجميع بمكافأتك والفضل يعود لك بالدرجة الأولى في صياغة قانون المديرية الوطنية لمراقبة التسيير، حيث أشرفت على هذه الهيئة في عهد رئيس الفاف السابق روراوة ثم انسحبت، والسيناريو نفسه تكرر مع زطشي فلماذا توقفت هذه الهيئة عن نشاطها؟
قررت الانسحاب من هذه الهيئة في عهد الرئيس السابق محمد روراوة، بسبب مواقفي الرافضة لسياسة الاتحادية آنذاك ومشاكل عشتها لا علاقة لها بالمديرية الوطنية لمراقبة التسيير.. وصراحة لم تكن هناك ظروف مشجعة على مواصلة العمل.. وما حز في نفسي أنه منذ انسحابي لم يعد هناك حديث عن هذه الهيئة وتركوها تندثر. ولكي تعود هذه المديرية لممارسة عملها في إطارها القانوني يجب الاستعانة بخبراء ملمّين بالرياضة ويتمتعون بكفاءة عالية في المحاسبة والقانون من الأفضل أن يكونوا خبراء في المحاسبة وتعطى لهم كل الصلاحيات.
بعد انسحابك في عهد الرئيس السابق، محمد روراوة، استعان الرئيس الحالي زطشي بخبرتك لتفعيل نشاط المديرية الوطنية لمراقبة التسيير، لكن التجربة لم تدم طويلا.. لماذا؟
بالفعل عدت إلى هذه الهيئة مع الرئيس الحالي خير الدين زطشي لأنني كنت واثقا من أننا قادرون على تفعيل نشاطها بعدما تركتها مهيكلة من جميع النواحي، إذ قمت بصياغة قانون الانضباط وقانون المراقبة والمحاسبة وكل التفاصيل المتعلقة بهذه الهيئة. وكنت أرغب في تنظيم منتديات ودورات مع مسؤولي النوادي من أجل توعيتهم وإعلامهم بدور هذه الهيئة وما هو مطلوب منهم، لأن هناك قوانين جديدة وإجراءات لم تتعود عليها النوادي هي بحاجة إلى وقت من أجل التأقلم معها. لكن لا يوجد أي ناد محترف يقدم الحصيلة المالية للاتحادية نهاية الموسم ولا يوجد نظام مراقبة على مستوى النوادي. ولم تعمّر تجربتي مع زطشي طويلا، حيث انسحبت لأسباب خاصة بعدما شعرت أنه لا يعير أي اهتمام للجان التي أشرفت علي تنصيبها وهيكلتها، رغم أنني كنت متطوعا آنذاك ولم أطلب أي شيء من زطشي، ولعلمكم أنني اقترحت رشيد قاسمي لتولي رئاسة المديرية الوطنية لمراقبة التسيير ورفضت رئاستها، فعقدنا عدة اجتماعات وكوّنت الموظفين فيها، لكن زطشي تجاهل كل ما قمت به، وشعرت أنني أضيّع وقتي، فقررت الانسحاب، وبعدها علمت أن قاسمي تم تعيينه لرئاسة اللجنة المالية، يعني بالمفهوم العامي "المديرية الوطنية لمراقبة التسيير" كانت "خضرة فوق الطعام".
ربما زطشي الآن يريد تدارك أخطائه السابقة من خلال إعلان إعادة تفعيل نشاط المديرية الوطنية لمراقبة التسيير تزامنا مع مصادقة أعضاء الجمعية العامة ل"الفاف" على تغيير نظام هرم المنافسة.. ما تعليقك؟
تفعيل نشاط المديرية الوطنية لمراقبة التسيير لا علاقة له بتغيير نظام المنافسة، لأن دورها هام، ولو طبقناها منذ أربع سنوات التي مضت لما وصلنا إلى حالة الإفلاس التي تعيشه كل النوادي المحترفة، وما شاهدنا من رواتب خيالية تدفع للاعبين، إلا دليل على ذلك.. وحسب رأيي، لو أجلّت الاتحادية نظام المنافسة الجديد إلى موسم آخر وخوض بطولة بيضاء الموسم القادم دون ساقط أو نازل لاستعادت كل الأندية توازناتها المالية، على اعتبار أن كتلة أجور اللاعبين ستتهاوى، وأكيد أننا لن نجد لاعبا يتقاضى فوق 200 مليون سنتيم شهريا. وفي اعتقادي بهذه الطريقة يمكن مراقبة تسيير الأموال في انتظار توعية مسؤولي النوادي حول دور المديرية الوطنية لمراقبة التسيير.
هل تعتقد أن تقليص عدد النوادي المحترفة هو الحل الأنسب لإنقاذ مشروع الاحتراف؟
لو أتحدث من الناحية القانونية لا يوجد في الجزائر ناد محترف يملك إجازة النادي المحترف مثلما دعت إليه "الفيفا" في قانون 2006 وألحت على تطبيقه سنة 2012، حيث قررت منع النوادي من المشاركة في المسابقات الدولية إذا لم تكن تملك إجازة ناد محترف. هذه الوضعية أجبرتنا في تلك الفترة على تحرير شهادة النادي المحترف للنوادي الجزائرية التي تستعد للمشاركة في مختلف المنافسات الدولية.
معنى هذا أن النوادي الجزائرية لم تتحصل على إجازة النادي المحترف؟
تعيين لجنة لمنح إجازة النادي المحترف على مستوى الاتحادية إجباري، مثلما هو الحال بالنسبة للجنة استقبال الطعون في حال رفض ملف أي ناد يريد الدخول في الاحتراف، لكن في الجزائر لا يوجد هذه اللجنة ولم يتم تنصيبها سواء في عهد الرئيس السابق روراوة، أو في عهد الرئيس الحالي زطشي.
إذن الانطلاق في الاحتراف ب32 ناديا كان خطأ فادحا؟
لما انطلق مشروع الاحتراف لم تكن هناك نية في تكوين بطولة احترافية بقسمين بمجموع 32 ناديا.. كانت هناك رغبة للانطلاق في المشروع بأربعة أو خمسة نواد محترفة، على أن يرتفع العدد شيئا فشيئا، فكان الاحتراف بالاسم فقط، والحقيقة أن النوادي كلها كانت تسير في فلك الهواة.
بكل صراحة لو يستنجد بك الرئيس الحالي زطشي لمساعدة الاتحادية في تنظيم الاحتراف.. فهل ستلبي الطلب؟
لن أعود مجددا للعمل مع زطشي، ولكن لن أبخل بخبرتي في مساعدة من يطلبني.. ولعلمكم أنني ساهمت في تنظيم وسن قوانين كل اللجان على مستوى الاتحادية وليس فقط على مستوى المديرية الوطنية لمراقبة التسيير وحتى لجنة فض المنازعات، أنا الذي أشرفت على هيكلتها، لكن هل الاتحادية نشرت قانون لجنة فض المنازعات على موقعها الرسمي ليطلع عليه مسؤولو النوادي؟ وهل نشرت قانون لجنة الانضباط على موقعها؟ فكيف تعاقب فريقا ما دون أن يطلع على قانون العقوبات ونصوصه؟... لقد عملت مع الاتحادية الحالية، لكن الرئيس زطشي تجاهل العمل الذي قمت به على مستوى كل اللجان، فكيف لي أن أوافق على العودة للعمل معه مجددا؟
أعضاء الجمعية العامة للفاف صادقوا بالإجماع على مشروع تغيير نظام المنافسة اعتبارا من الموسم القادم، لكن آليات الصعود والنزول في المحترف الأول والثاني غامضة، حيث فضل زطشي الفصل فيها خلال اجتماع المكتب الفدرالي.. فهل هذا الإجراء قانوني؟
كان على رئيس الاتحادية اقتراح آليات الصعود والنزول على أعضاء الجمعية العامة من الناحية القانونية، لأن الأمر يعنيهم بشكل مباشر، وقد يغيّر ناد ما هدفه في البطولة على ضوء آليات الصعود والنزول.