في ظل الفوضى التي سادت أول عملية اقتراع في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين في ولاية أيوا وإعلان أكثر من مرشح من مرشحي الحزب، المنقسمين فيما بينهم حول الرؤى والبرامج، تقدمه على الآخرين، وسط غياب النتائج النهائية، تبرز عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية، إليزابيث وارن، كأحد أكثر مرشحي الحزب إثارة للجدل. من هي إليزابيث وارن؟ وُلدت وارن عام 1949، ودرست الحقوق في جامعة هارفارد، وتخصصت في قوانين الإفلاس. وخلال الأزمة المالية العالمية، عام 2008، أشرفت وارن على برنامج إغاثة الأصول المتعثرة. كما عملت مستشارة خاصة لوزير الخزانة الأمريكي في مكتب حماية المستهلكين، خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما. وفي عام 2012، أصبحت وارن أول امرأة تفوز بمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس، وبرزت كتقدمية تدافع عن المساواة، حتى بات اسمها يتردد في الأوساط السياسية كمرشحة محتملة للرئاسة عام 2016. أبرز مواقفها؟ واجهت وارن عدة اتهامات، ولم تقف عند حد وصفها بأنها يسارية متطرفة، على خلفية رؤيتها السياسية التي تنادي بالحد من سيطرة الشركات الكبرى على الحياة السياسية في الولاياتالمتحدة، وضرورة دفع الأثرياء المزيد من الضرائب، لتحقيق مبدأ المساواة. في المقابل، أعلنت كبرى الصحف الأمريكية في ولاية أيوا، "دي موين ريجستر"، دعمها لوارن في الانتخابات، وقدّمتها بوصفها "المرشحة التي يمثل انتخابها رداً مناسباً على جهل وتحيز البيت الأبيض ضد النساء في عهد ترامب، ورُهابه من الأجانب". ودافعت الصحيفة وعدد من النقاد السياسيين عن وارن، في مواجهة الانتقادات التي تصورها كمتطرفة يسارية تمثل خطراً على الاقتصاد الأمريكي بالقول: "إنها ليست يسارية، وإنما رأسمالية تطالب بأسواق عادلة، تحقق المساواة الغائبة". الانتخابات الأمريكية: ما هي الانتخابات التمهيدية وكيف تجري؟ وتبنت وارن عدداً من المواقف التي حققت لها قدراً من الشعبية لدى الطبقات الأدنى في المجتمع الأمريكي، منها مطالبتها بكُلفة أقل لرعاية الأطفال وضرورة حمايتهم من الأسلحة النارية، وسن ضريبة تصاعدية على الثروة وضريبة التأمين الصحي، فضلاً عن مواقفها المتعاطفة مع المهاجرين، ودعوتها لوضع حد لعمليات الاحتجاز الواسعة التي تستهدفهم، وموقفها المناقض لموقف ترامب فيما يتعلق بالتغير المناخي. لماذا يرسم توم ستاير الطامح للرئاسة الأمريكية "صليب القدس" على يده؟ وربما تكون وارن أبرز شخصية أظهرت عمق الانقسام في الحزب الديمقراطي بين تيار يساري وتيار أكثر تقدميةً واعتدالاً، من خلال المناظرات التي سبقت الانتخابات التمهيدية التي جرت في ولاية أيوا. وليس أدل على ذلك من المشادة التي جرت بين وارن ومنافسها، بيرني ساندرز، الذي يوصف بأنه يساري متطرف، الشهر الفائت. خلاف عميق ورد قوي وكانت وارن قد صرّحت بأن بيرني ساندرز أسرّ لها، في وقتٍ سابق من عام 2018، باعتقاده في عدم قدرة مرشحة امرأة على الفوز في الانتخابات الرئاسية، حينما صارحته بنيتها خوض السباق الرئاسي. ورغم نفي ساندرز للواقعة، بدت وارن على قدرٍ كبير من الجرأة وحظيت بكثير من الإعجاب وهي تردّ على تصريحات ساندرز، خلال مناظرة تلفزيونية جمعتهما وأربعة مرشحين، هم جو بايدن وبيتر بوتيدجيج وتوم ستاير وإيمي كلوباشر، بالقول: "انظروا إلى الرجال على هذه المنصة..لقد خسروا 10 انتخابات. في الحقيقة الوحيدون الذين فازوا في كل انتخابات خاضوها هم النساء: إيمي وأنا". ولم تكتفِ وارن بهذا الرد القوي؛ إذ تداولت وسائل الإعلام الأمريكية مقطعاً مصوراً يظهرها وهي تتجاهل يد ساندرز التي امتدت إليها بالمصافحة، عقب انتهاء المناظرة، بينما بدا وجهها جامداً وهي تكمل مشادة يبدو أنها بدأت قبل المناظرة. ووقعت وارن، التي ساندت هيلاري كلينتون في معركتها للفوز على ترامب عام 2015، في مرمى نيران المؤسسات الداعمة له، والتي اتهمتها بأنها خطر على الاقتصاد الأمريكي. كما واجهت اتهامات من قبل منافسيها، داخل الحزب الديمقراطي، بأنها مرشحة النخبة. &