تشرح الإعلامية الصينية، ياي شين هوا، ل موقع "الخبر" في هذا الحوار، المراحل التي مرت بها الصين، عمليا وإعلاميا، لتقليص انتشار وباء "كوفيد-19" (كورونا) ، مرجعة النتائج الإيجابية المحصل عليها إلى الصرامة في إتباع الإجراءات العلمية والفعالة والتقيد بها، إضافة إلى تسخير تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة من أجل تسهيل الحجر المنزلي، والتعرف على الإصابات بسرعة، وكما أضافت المدونة وصاحبة صفحة "سعاد ياي" على الفايسبوك، بأن الصعوبات التي تعيشها العديد من الدول حاليا مرت بها الصين. أنجزت العديد من الفيديوهات التوعوية عن "الكوفيد-19" منذ الإعلان عن انتشارها. كيف جاءتك الفكرة؟
أنا أعمل كإعلامية ومترجمة، منذ تخرجي من كلية اللغة العربية بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية ببكين، العاصمة الصينية، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعمل على تعريف العالم العربي بما يحدث في الصين، من خلال ترجمة الأخبار والمقالات الصينية، وإعداد ما يتعلق بالمجتمع الصيني والثقافة الصينية وحياة المواطنين الصينيين ونقلها إلى العالم العربي، بهدف تعزيز التعاون والتفاهم بين الشعب الصيني والشعوب العربية. ومع تطور التقنيات الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة، أصبحت شبكة الأنترنت منصة مهمة للتواصل بين الناس بمختلف دول العالم، وبدأ المزيد من الناس يتبادلون الآراء ويتعرفون على العلوم والمعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فجاءت فكرة في ذهني أن أعمل على إعداد الفيديوهات بشأن الصين ونشرها على المواقع لتعريف المزيد من الأصدقاء، منهم العرب بآخر المستجدات الصينية والثقافة الصينية وكذلك كيفية تعلم اللغة الصينية. وبذلك، بدأتُ بإدارة صفحتي الشخصية على فايسبوك منذ سبتمبر الماضي. ومن حسن الحظ، حصلت المنشورات والفيديوهات على حسابي إعجابا لدى العديد من الأصدقاء، ويبلغ الآن عدد المتابعين لصفحتي أكثر من 400 ألف. وأعرب العديد من الأصدقاء عن رغباتهم في معرفة الصين وثقافتها وحياة مواطنيها، وكذلك تعلم اللغة الصينية عبر متابعة صفحتي الخاصة. وكل ذلك يُساعدني على توطيد ثقتي في أن أستمر في جهودي للتواصل مع المتابعين عبر منصة التواصل الاجتماعي. وفي شهر جانفي الماضي، تفشى الفيروس في الصين، وخاصة في مدينة ووهان – حاضرة مقاطعة هوبي بوسط الصين. وتم إغلاق المدينة في نهاية ذات الشهر. وكان الوضع الصيني بخصوص الفيروس يجذب أنظار العالم، وبسبب عدم معرفة الصين وما كان يحدث فيها حقيقيا، انتشرت العديد من الشائعات بخصوص الصين وتفشي الفيروس فيها على شبكة الأنترنت. كما كان هناك العديد من الأصدقاء مهتمين بتطور الوضع الصيني بخصوص الفيروس، وكانوا يقلقون على سلامة الأبناء الصينيين. وفي ظل هذا، بدأت بإعداد الفيديوهات حول حياتي اليومية ببكين.
ما هي مواضيع هذه الفيديوهات؟
قمت بعرض ما يتعلق بتسوق الصينيين في المتاجر التجارية وشرائنا لمستلزمات الحياة في المساحات التجارية، وكيفية عملنا في البيت. وكنت أود أن أقدم لكل الأصدقاء حياتنا الحقيقية في الصين خلال فترة تفشي الفيروس. كما أرد على اهتمامات المتابعين لصفحتي حول سلامتنا وأمننا. وفي هذه الفيديوهات أيضا يمكننا أن نجد أن مستلزمات الحياة في المتاجر التجارية ببكين كانت كافية، ولا يوجد توتر بين الناس، وكل هذه المعلومات تطمئن على الأصدقاء بدول أخرى. ومن خلال متابعة الفيديوهات والصور المنشورة على صفحتي، أعرب العديد من الأصدقاء العرب عن دعمهم وتضامنهم للشعب الصيني وكذلك تمنياتهم الطيبة لبلادنا ولشعبنا، ما يدفعني لمواصلة عملي على تعريف العالم العربي بما يحدث في الصين عبر المزيد من الفيديوهات والصور والمقالات.
تبذل الصين جهودا كبيرة لمكافحة هذا الفيروس خلال الأشهر الماضية. كما يبذل الأبناء الصينيون مجهودات كبيرة للتغلب على الصعوبات. وقبل شهر تقريبا، كان عدد الحالات المؤكدة الجديدة للإصابة بالفيروس في كل أرجاء البلاد يبلغ أكثر من ألف حالة كل يوم، لكن، شهد الوضع الصيني بخصوص الفيروس تحسنا متواصلا. ومن خلال الأرقام الأخيرة، يمكننا أن نعرف أن الوضع الحالي الصيني بشكل عام ووضع ووهان بشكل خاص بخصوص الفيروس يشهد تحسنا كبيرا، لكن، مازلنا نواجه أزمة شديدة على نطاق العالم، فأعتقد أنه يجب علينا أن نواصل التضامن بين مختلف دول العالم لمكافحة هذا الفيروس بجهودنا المشتركة. وإن الصعوبات والمصاعب التي تواجهها العديد من الدول في الوقت الحالي كانت متواجدة أمام الأبناء الصينيين. ومررنا بها حتى أن يصبح الوضع الصيني بخصوص الفيروس تحسنا كبيرا. فنتمنى أن تستفيد الدول الأخرى مما نفعله لمكافحة هذا الفيروس، حتى أن يعود كل العالم إلى مسيرته الطبيعية في يوم مبكر.
اِستعملت الصّين العديد من التكنولوجية الحديثة لمواجهة الوباء، ولتسهيل الحجر الصيني. ما هي هذه الوسائل؟
بعد تفشي فيروس "كورونا" الجديد في الصين، استخدمت البلاد عدة وسائل تكنولوجية حديثة لمكافحة الفيروس، بما فيها الذكاء الاصطناعي وكاميرات تستخدم الأشعة فوق البنفسجية وتكنولوجيا التعرف على الوجوه وطائرات مسيرة، من أجل الوقاية واحتواء الفيروس. وساهم التطبيق المكثف للعديد من التقنيات الحديثة كثيرا في تقوية كفاءة الوقاية من الفيروس، حيث يمكن للناس في المنزل التحقق من آخر تطورات الوضع الوبائي وخريطة انتشار الفيروس على تطبيق الهاتف في أي وقت، مما ساعد على الحد من سفر الناس وتقليل قلقهم. كما أطلق "وي تشات" (برنامج تواصل اجتماعي صيني) وظيفة للبحث عن الأحياء السكنية التي تم فيها اكتشاف حالات الإصابة بالفيروس بناء على المعلومات الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في جميع أنحاء البلاد، ما يتيح للناس فرصة الكشف عن حالات الإصابة المؤكدة ومواقعهم الدقيقة بسهولة وبشكل حدسي، وهي تغطي حاليا بكين وشنتشنوقوانغتشو وغيرها من أكثر من 130 مدينة. وفي الوقت نفسه، قامت بعض المجمعات السكنية بتشغيل الطائرات المسيرة لقياس درجة الحرارة وتسجيلها عن بُعد للسكان، لتجنب حدوث العدوى الثانية الناجمة عن الاتصال الوثيق، حيث يمكن للطائرات المسيرة المجهزة بعدسة تصوير حراري بالأشعة تحت الحمراء مراقبة الضوء المرئي وضوء الأشعة تحت الحمراء، ويمكنها قياس درجة الحرارة على نطاق ثلاثة أمتار بنسبة خطأ في القياس قدره بالمائة، وتنخفض نسبة الخطأ إلى 1 بالمائة في حدود متر واحد. وبالإضافة إلى الخدمات المعلوماتية للأشخاص في المنازل، فإن الموظفين في الجبهة الأمامية لمحاربة الفيروس في حاجة ملحة إلى مساعدة المنتجات الذكية. وفي 6 فيفري، كانت مركبة لتوصيل الطرود بدون سائق تسير على شارع بمدينة ووهان بمقاطعة هوبي. ووصلت المركبة إلى المستشفى التاسع بووهان بعد عبور عدة تقاطعات طرق، وتم الحصول على الطرد من خلال النقر على الشاشة الإلكترونية على المركبة. وهو يعتبر أول طرد يرسله روبوت توصيل الطرود الذكي الذي قامت بتطويره شركة "جينغدونغ" الصينية بشكل مستقل، منذ انتشار الفيروس. كما أن التكنولوجيا الطبية المتقدمة لا غنى عنها في السباق مع الزمن للتغلب على الوباء. وفي 5 فيفري، تم تشغيل رسميا مختبر يمكنه اختبار ألف عينة جديدة لفيروس كورونا الجديد يوميا، ويمكن الحصول على نتائج اختبار الحمض النووي بمتوسط 4 إلى 6 ساعات، ما يزيد القدرة على الكشف عن الفيروس في ووهان ومدن مجاورة. وتبرعت شركة "أوريونستار" للتكنولوجيا ببكين بروبوتات الخدمة الطبية التي يمكن القيام بتوصيل ورقة الاختبار الطبي والأدوية وغيرها من المهمات الأخرى ووفقا لاحتياجات المستشفى. وهناك أيضا مجموعة متنوعة من المعدات الطبية الذكية مثل مكيفات الهواء الطبية المختصة لوحدة العناية المركزة وغرفة العمليات الجراحية، إلى جانب رقاقات التصوير الحراري ومصابيح التطهير بالأشعة فوق البنفسجية وأجهزة تنقية الهواء الاحترافية. كل هذه التكنولوجيا الفائقة ساهمت في محاربة الوباء بشكل علمي ودقيق. وبخصوص العلاج الطبي للمصابين، أثبتت الأبحاث والممارسات السريرية أن استخدام الأجسام المضادة الخاصة الموجودة في بلازما المعافين لتحييد فيروس كوفيد19-، يمكن أن يحقق نتائج جيدة. وأظهرت المعطيات الصادرة عن لجنة الصحة الوطنية الصينية، حسب حالة المراقبة في فيفري،أنه بعد ضخ البلازما لمدة 48 ساعة في 159 حالة، تحسنت 105 حالات، مايمثل 66.03 بالمائة . وتم إدراج "العلاج ببلازما المعافين" ضمن النسخة السادسة لبرنامج التشخيص والعلاج للجنة الصحة الوطنية، ويُرشح لعلاج المصابين الذين يعانون من تطور سريع في المرض، وأصحاب الحالات الخطيرة والخطيرة جداً. وحول اللقاح ضد الفيروس، فإن اللقاح الصيني ضد"كوفيد-19" قد حصل يوم 16 مارس على موافقة الجهات المختصة لبدء مرحلة التجارب السريرية. وطور هذا اللقاح فريق بحثي برئاسة عضوة أكاديمية العلوم الطبية العسكرية السيدة تشن وي. وكان الفريق قد ركز جهوده منذ وصوله إلى مدينة ووهان على إجراء البحوث حول اللقاح من خلال الاستفادة من خبرات المؤسسات المحلية، التي نجحت سابقاً في إنتاج لقاح ضد فيروس "إيبولا"، حيث اكتمل تصميم اللقاح الجديد، وتم تقييم سلامته وفعاليته ومستوى جودته، وأعدت التجهيزات اللازمة لإنتاجه .وكل هذه الإجراءات تساعد كثيرا على مكافحة الصين لفيروس كورونا المستجد.