بعد أسابيع قليلة من دخول مدرسي استثنائي، طفت إلى السطح مسؤولية بعض الأولياء في نشر عدوى فيروس كورونا بالمدارس والمؤسسات التربوية. فحسب المختصين، تشكّل هذه الفئة أكبر خطر في ظل غياب الضمير عن البعض وروح المسؤولية وعدم الالتزام بتدابير الحجر الصحي عند الإصابة ب"كوفيد19". يبدو أن غياب الوعي لدى بعض الأولياء، سيزيد من تعقيد الوضع الصحي بالبلاد، بسبب إصرارهم على الذهاب مع أبنائهم إلى المدارس رغم ظهور أعراض الفيروس عليهم، معرّضين حياة الآخرين للخطر. فهل يدرك الأولياء خطورة تصرفاتهم؟ وأن المدرسة ليست وحدها كافية لحماية أبنائهم رغم محاولة وزارة التربية حماية التلاميذ من العدوى بوضع بروتوكول صحي، لاسيما اعتماد نظام "التفويج" والعمل بالتناوب بالتدريس؟ وفي هذا السياق، حذّر الدكتور بقاط بركاني، عضو اللجنة الوطنية لمتابعة فيروس كورونا، من تنقّل الأولياء المصابين بفيروس كورونا بأعراض أو دون أعراض إلى المؤسسات التربوية، داعيا إلى عدم المغامرة بصحة أولادهم والغير. وأوضح بقاط في تصريح ل"الخبر" أن غياب ضمير بعض أولياء التلاميذ ينذر بكارثة صحية، مضيفا "هؤلاء يخجلون من إصابتهم بالفيروس، فيتنقلون إلى المؤسسات التربوية ويحتكون بغيرهم، ضاربين بالإجراءات الوقائية الاحترازية عرض الحائط، لذلك أدعو الأولياء المصابين بالفيروس عزل أنفسهم عن أبنائهم في البيت وارتداء الكمامة لمدة عشرة أيام كأقصى حد، مع الامتناع عن التنقل إلى المؤسسات التربوية والاحتكاك بالغير ولا ضرر من ذهاب أطفالهم إلى المدرسة". وفي رده عن سؤال "الخبر" حول عدد المدارس التي أغلقت مؤقتا بسبب الفيروس، كشف بقاط أنه لا يتجاوز الخمسة في بعض الولايات، مؤكدا على أن تقييم الدخول المدرسي يتطلب أسابيع أخرى. واستبعد المتحدث غلق المؤسسات التربوية، حيث قال: "من غير المنطقي حرمان جيل كامل من الدراسة، فبعض الدول لم تغلق بها المدرس رغم تسجيل عشرة آلاف حالة إصابة بالفيروس بها، والجزائر لا تكون استثناء في هذه الحالة، مشددا على ضرورة احترام البروتوكولات الصحية المعتمدة في المؤسسات التربوية، خاصة ارتداء الكمامة والتباعد الجسدي.
"اعزلوا أنفسكم ولا تأخذوا أبناءكم إلى المدارس" من جهته، قال رئيس وحدة "كوفيد 19" في مستشفى الرويبة بالعاصمة، البروفيسور كتفي عبد الباسط، "يفترض على الأولياء عزل أنفسهم في حالة ظهور أعراض الفيروس عليهم، وفي حالة الاحتكاك بأفراد العائلة يفضّل عدم أخذ الأطفال إلى المدارس. وأشار البروفيسور إلى أن حمل الأطفال للفيروس علميا غير ثابت، لكن احتمال إصابتهم بالفيروس حسب الكثير من الدراسات وارد، حيث يمكن للأطفال حمل فيروس كورونا المستجد في أنوفهم وحلقهم لأسابيع حتى لو لم تظهر عليهم أي أعراض، وهو ما قد يفسر كيف يمكن للفيروس أن ينتشر بصمت. وتوقف رئيس وحدة "كوفيد19" عند الارتفاع الكبير لعدد الإصابات بالفيروس، مؤكدا أننا أمام موجة ثانية شرسة، ستزيد الضغط على المستشفيات التي وصلت لدرجة التشبع وعجزها عن التكفل بالحالات الصعبة. وحسب محدثنا يعتبر الغلق الكلي شبه مستحيل، لكنه لا يستبعد الغلق الجزئي في حالة تدهور الوضعية الوبائية للبلاد، مع تطبيق القوانين التي أقرّتها الحكومة لمواجهة الجائحة وبجدية، لاسيما إلزامية ارتداء الكمامة للتقليل من انتشار العدوى.
هل ينقل الأطفال فيروس كورونا إلى البالغين؟ طوال فترة تفشي فيروس كورونا حول العالم، دارت الكثير من النقاشات حول درجة تأثير الفيروس على الأطفال مقارنة بالبالغين. ووفق مستشفى "جريت أورموند ستريت" البريطاني، فإنّ إصابة الأطفال بالفيروس تُعدّ أقل خطراً من إصابة البالغين به، وربما يعود ذلك إلى أنّ الجهاز المناعي للأطفال يساعد على التخلّص من الفيروس، أو أنّ الأعراض التي تصيبهم ليست بحدّة تلك التي تصيب الكبار. وبصرف النظر عن شدّة أعراض الإصابة بالفيروس التاجي بين الأطفال، فهناك جدل مستمر حول مدى إمكانية نقلهم الفيروس إلى البالغين. البروفيسور راسل فينر، من الكلية الملكية لطب الأطفال وصحّة الطفل، أكّد لصحيفة "تليغراف" البريطانية، أنّه "لا يوجد حتى الآن أي دليل على تورّط الأطفال في نشر الفيروس أو نقله". وقال "أظهرت الدراسات على سبيل المثال، أنّ طفلًا في التاسعة من العمر أصيب بفيروس كورونا في فرنسا ولم ينقل الفيروس إلى أيّ شخص، على الرغم من اتصاله ب 172 شخصاً. ووفق المعطيات، فإنّ هذا الولد، كان يقيم في منتجع للتزلّج في جبال الألب برفقة أصدقائه، وبالرغم من مروره على عدّة مدارس للتزلّج وهو مصاب بالفيروس، إلاّ أنّه لم يصب أحداً من البالغين بالفيروس، وهو ما يفتح النقاش جدياً حول إمكانية نقل الأطفال الفيروس للكبار".
وقال باحثون لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، في تقرير بعنوان: "هل ينقل الأطفال المصابون بالفيروس التاجي المرض إلى البالغين؟"، إنّ "هذه الأدلة تشير إلى أنّ ديناميكيات انتقال الفيروس من الأطفال إلى البالغين، ليست مؤكّدة"، لافتين إلى أنّ الدراسات لا تزال في مرحلة اكتشاف انتشار هذا الفيروس وتمدّده. ويستند الباحثون في آرائهم، إلى أنّ دراسات "التجمّعات العائلية المتعدّدة" في الصين، تشير أيضًا إلى أنّه من غير المحتمل أن يكون الأطفال ناقلين للفيروس. أمّا الدكتور ألاسدير مونرو، وهو زميل أبحاث سريرية في الأمراض المعدية لدى الأطفال في المملكة المتحدة، بالشراكة مع الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل، فلم يتوصّل في بحث أجراه إلى وجود أيّ دليل يقينيّ على تورّط الأطفال في انتقال الفيروس، وذكر أنّ "دور الأطفال في انتقال العدوى غير واضح". وفي حديثه إلى صحيفة "ذا إندبندنت"، قال مونرو، إن "الدراسات أظهرت أنّ الأطفال لديهم معدل هجوم أقل من البالغين، واحتمال اكتسابهم الفيروس أقلّ منهم".