تشهد تونس منذ مساء أمس احتقانا شعبيا على خلفية مقتل شاب برصاص قوات الحرس الديواني (الجمارك)، وسط العاصمة التونسية، خلال محاولة توقيفه بسبب حمله لبضائع مهربة وهو الحادث الثالث من نوعه في ظرف أقل من شهر، وسط مخاوف من ردود فعل شعبية، ودعوات لمظاهرة مساء غدا في العاصمة تونس. وتوالت حوادث إطلاق النار من قبل الشرطة والأمن على المواطنين في الفترة الأخيرة، إذ توفي في 27 أوت الماضي الشاب كريم السياري في مدينة تينجة بولاية بنزرت إثر مطاردة بوليسية في ظروف غامضة، ما أدى إلى احتجاجات في المنطقة، كما تعرض في الخامس من الشهر الجاري شاب من حي الانطلاقة في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، إلى عنف وضرب مبرح نقل على إثرها في وضعية صعبة إلى المستشفى ما أشعل فتيل مواجهة بين قوات الأمن والسكان في الحي، قبل حادثة أمس الأربعاء . وفتحت النيابة العامة والمصالح الأمنية المختصة في تونس، تحقيقا في حادثة إطلاق النار أمس الأربعاء، حيث تقرر الاحتفاظ بأعوان الدورية على ذمة الأبحاث في انتظار صدور نتائج الاختبار البالستي وتقرير الطبّ الشرعي، وسارعت إدارة الجمارك التونسية، إلى إصدار توضيح حول ملابسات الحادثة، وأكدت أن مصالح الحرس الديواني، بصدد متابعة معلومات حول تواجد سيارة محملة بكمية كبيرة من السجائر المهربة في منطقة الباساج وسط العاصمة تونس، "حيث توجهت دورية على متن سيارة نظامية إلى عين المكان أين تمّ ضبط السيارة المشبوهة وسائقها وتمت مباشرة إجراءات حجزها، إلا أن مجموعة كبيرة من المهربين تجمهرت على عين المكان واعتدت على الدورية بالعنف وبالمقذوفات لمساعدة سيارة التهريب على الفرار. وقد نتج عن هذا الاعتداء إصابة أحد أعوان الدورية إصابة بالغة على مستوى الرأس سقط على إثرها أرضا وحاول سائق سيارة التهريب دهسه ممّا أجبر أحد زملائه على إطلاق أعيرة نارية تحذيرية في الهواء وعلى عجلات السيارة أصابت إحداها السائق". لكن الائتلاف المدني الذي يضم 36 تنظيما نقابيا ومنظمات مدنية تدافع عن الحريات العامة، شكك في هذه الرواية، ودان ما وصفه، "تصاعد للاعتداءات الأمنية ذات الطابع الممنهج والمؤسساتي التي تنذر باتساع العنف والفوضى وانتفاء مقومات دولة القانون في ظل تقاعس السلطتين التنفيذية والقضائية في مقاومة الإفلات من العقاب وتفعيل آليات المسائلة والمحاسبة لأعوان مكلفين أساسا بحماية أرواح المواطنين وسلامتهم وكرامتهم"، وحمل "رئاسة الجمهورية المسؤولية السياسية عن التجاوزات الأخيرة وتصاعد الغضب الشعبي من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وشيوع الانتهاكات التي تستهدف الحقوق والحريات"، وطالب الرئيس قيس سعيد "تحمل مسؤولياته كاملة في عدم تكريس سياسة الإفلات من العقاب، واتخاذ خطوات جريئة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لتجنيب بلادنا الأسوأ". ودعا الائتلاف المدني من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة إلى مظاهرة شعبية يوم غد الجمعة، ودعا النشطاء والمواطنين للالتحاق بالتحرك الاحتجاجي الذي سينطلق من مقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة.