يمثل شقيق الرئيس السابق ومستشاره، السعيد بوتفليقة، رفقة أكثر من 70 متهما، اليوم الأربعاء، أمام القطب الجزائي الاقتصادي والمالي لمحكمة سيدي امحمد، في آخر ملف يختم حقبة المتابعات القضائية التي مست أبرز رجال أعمال الحقبة السابقة. ويواجه المتهمون، بعدما تم ضم قضاياهم في ملف واحد، تهما ثقيلة بينها إخفاء عائدات إجرامية ناتجة عن جرائم الفساد وإخفاء عائدات إجرامية من خلال إخفاء مصدرها الإجرامي وتبييض الأموال ومخالفة قانون الصرف. وكشف دفاع السعيد بوتفليقة ل"الخبر" أن موكله تم نقله قبل أيام من سجن الحراش إلى سجن بلدية لبيض سيدي الشيخ في ولاية البيض التي تبعد 545 كلم عن العاصمة، وبالتالي سيحاكم عن بعد خلال جلسات المحاكمة التي يرتقب أن تؤجل من جديد، حيث أعلن دفاع كل من السعيد بوتفليقة ورجال الأعمال علي حداد والإخوة كونيناف ومحيي الدين طحكوت ل''الخبر'' أنهم سيتقدمون بطلب تأجيل الجلسة من جديد لدراسة ملف القضية وكذا قرار الإحالة الذي يحتوى أكثر من 370 صفحة. وكان مقررا أن يمثل 72 متهما بينهم رجال الأعمال المدانون في قضايا الفساد، على غرار علي حداد، محيي الدين طحكوت، الإخوة كونيناف، أحمد معزوز ومحمد بعيري، الأربعاء 28 ديسمبر، أمام الفرع الثالث للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي امحمد في آخر ملف لطي صفحة ما عرف إعلاميا بملف مكافحة الفساد، وذلك بعدما تقرر جمع جميع القضايا ضمن ملف واحد تمت إحالته يوم 25 ديسمبر على القطب الاقتصادي والمالي. واستغرب المحامي نذير لخضاري المتأسس في حق كل من حداد وكونيناف، في حديث مع "الخبر"، تسريع برمجة القضية قائلا: "إن الملف يحتاج إلى تأجيل لأسبوع آخر على الأقل للاطلاع على الملف الذي مازلنا نجمع أجزاءه من غرفة لأخرى وعندما نبحث عن نسخة منه لا نجدها لأن قرار الإحالة جديد''. وخلال الجلسة الأولى للمحاكمة في 28 ديسمبر الماضي طالب دفاع المتهمين بتأجيل القضية نظرا لبرمجتها بعد 3 أيام من تاريخ الإحالة، وهو ما لم يمكن أغلبيتهم من الاطلاع على قرار الإحالة والاتصال بالموكلين وكما لم يتمكن بعض المتهمين من تعيين دفاعهم. وبناء على طلب هيئة الدفاع، قرر القاضي تأجيل القضية لتمكين المحامين من التواصل مع موكليهم وكذا تمكين بعض المتهمين الذين لم يتمكنوا من تعيين محامين، من بينهم رجل الأعمال محيي الدين طحكوت وبعض من أفراد عائلة على حداد، من تحديد دفاعهم. ويرجح المحامي نذير لخضاري أن جمع 72 متهما في ملف واحد يرجع لاستناد النيابة العامة إلى فكرة "وحدة الموضوع ووحدة الأطراف"، وهي فكرة يراها المتحدث غير منطقية كون الكثير من القضايا لا علاقة لأطرافها ببعض المتهمين. وفي تصريح سابق ل"الخبر" أوضح أحد أفراد هيئة دفاع القضية أن المتهمين في القضية وغير الموقوفين أغلبهم عائلات رجال الأعمال وتجمعهم تقريبا تهم مشتركة، على غرار إخفاء عائدات إجرامية ناتجة عن جرائم الفساد وإخفاء عائدات إجرامية من خلال إخفاء مصدرها الإجرامي وتبييض الأموال ومخالفة الصرف. كما أوضح أن "رجال الأعمال المعروفين والمتهمين في قضايا فساد لم يتم اعتقالهم وعائلاتهم دفعة واحدة بل بشكل تدريجي، وهو ما مكن أفرادا مع عائلاتهم (تحولوا لاحقا إلى متهمين) من التحايل على القضاء وإخفاء ممتلكات الدفعة الأولى من المعتقلين ممن صدرت في حقهم أحكام وقرارات قضائية ومحاولة التصرف فيها ببيعها أو نقلها، وكذا محاولة ممارسة ضغوط على المتصرفين الإداريين والتصرف في بعض الممتلكات المنقولة على غرار السيارات". وتابع : "خلال تنفيذ أحكام حجز ممتلكات المدانين أو المتابعين في قضايا الفساد، اتضح أن بعضهم كان يحوز على أملاك ثابتة كالعقارات والشقق السكنية وغيرها أو أملاكا منقولة كسيارات أو مركبات لم يتم التصريح بها، أو كانت محل إخفاء من طرف بعض الأفراد من عائلاتهم وبعض المقربين منهم، بهدف يعتقد أنه يصب في مسار تحويلها أو بيعها بطريقة غير شرعية مخالفة للأحكام والقرارات القضائية''. وإلى جانب الأشخاص الطبيعيين يتابع في القضية هيئات معنوية أيضا وهي الشركة التركية "مابا" والشركة الإيطالية "ريتساني"، وهما شريكان لرجل الأعمال علي حداد في مشروع طريق "جنجن العلمة"، علما أن الشركة التركية قد توبعت سابقا في ملف علي حداد الثاني الذي سمي إعلاميا بملف السيارات. وتطرح المتابعة القضائية في حق الشركة الإيطالية والتركية غموضا حول مستقبل مشروع محول العلمة جنجن الذي توقفت أشغاله منذ سنة 2019، بعد إيداع علي حداد الحبس قبل أن تنقل الجزائرية للطرق السيارة بصفة نهائية حصة مجمع علي حداد في الطريق السيار إلى شركة "مابا" التركية. يشار إلى أن مشروع الطريق السيار الذي يبلغ طوله 110 كلم وصف بمشروع القرن نظرا للتأخر الكبير الذي عرفه، حيث انطلقت به الأشغال رسميا في شهر أوت 2013، بمدة إنجاز قدرت حينها بثلاث سنوات، لتمر عشر سنوات كاملة دون أن يرى النور.