كما اعتاد عليه عشاق الساحرة المستديرة هاهي القارة الإفريقية تجود علينا بلاعب يعتبر من بين أحسن ما أنجبتهم كرة القدم على مر تاريخها، ألكسندر سونغ هو مثال للاعب كرة القدم الحديثة كون موهبته ومهارته لم تقتصر على مجال واحد، فهو متعدّد الخدمات يتقن الأدوار الدفاعية والهجومية، صال وجال في العديد من الأندية التي كان لها شرف صقل موهبته قبل أن يحط الرحال في العاصمة الكتالونية برشلونة محققا بذلك أحد أحلامه ومعوضا ما فاته من معاناة وشقاء في طفولته التي كانت شاهدة عليها الشوارع الكاميرونية . نشأ في أسرة مكوّنة من 27 فردا وعاش طفولة ميّزها الشقاء والحرمان ألكسندر ديميتري سونغ بيلونغ ولد في التاسع من سبتمبر من عام 1987 في “دوالا” الكاميرونية وهي تعد أكبر مدن البلاد، شهد طفولة ميزها الفقر المدقع وكل أشكال البؤس والحرمان شأنه في ذلك شأن الكثير من أطفال القارة السمراء، خاصة وأن أسرته مكوّنة من 10 أشقاء ذكور بالإضافة إلى 17 أختا ما جعل من مهمة توفير لقمة العيش لهذا الكم الهائل لإخوته من طرف والده أمرا من ضرب الخيال. وفاة والده وهو في سن مبكرة زادت الأحوال سوءا المصائب لا تأتي فرادى هي المقولة التي تنطبق على النجم الكاميروني ألكسندر سونغ فالإضافة لحياة الشقاء والحرمان ازداد الأمر سوءا بعد وفاة والده وهو في الثالثة من عمره بعد مرض ألم به، ما جعل من وضعيته تزداد سوءا ولأسرته بشكل عام، ليكبر محروما من حنان الأب وعطفه خاصة وأنه كان يحظى من طرفه بمحبة ومنزلة خاصة. عمّه ريغوبار سونغ أنقذه من الهلاك وعوّضه ما فاته بعد وفاة والده تكفل به عمه ريغوبار سونغ وهو لاعب دولي كاميروني سابق وحمل ألوان العديد من الأندية من بينها ليفربول وويستهام الإنجليزيين، حيث منحه الرعاية والحنان وعوضه فاجعة فقدان أبيه وكان يعامله كأحد أولاده، حسب تصريح لاعب آرسنال السابق الذي قال في هذا الخصوص :”عمي له الفضل الكبير لما وصلته إليه الآن، لقد تكفل بي ورعاني منذ نعومة أظافري”. ….وهو من زرع حبّ كرة القدم في قلبه بما أن عمه ريغوبار لاعب سابق في مجال كرة القدم فقد زرع في نفس ابن أخيه حب هذه اللعبة وشجعه على ممارستها خاصة وأن سونغ كان يتمتع بموهبة كبيرة ويعشق كثيرا هذه الرياضة خاصة وأن حلمه الوصول لما وصل إليه عمه من شهرة ونجومية كبيرة سواء داخل بلده أو في الأندية التي لعب فيها. قرّر الهجرة إلى فرنسا رفقة عمه لتطوير موهبته لم يستطع سونغ الانضمام لأي أكاديمية كرة قدم في الكاميرون ليلعب في صفوفها ويطور من موهبته، فقرر بعدها الهجرة إلى فرنسا وتحديدا نحو عاصمتها باريس، لكي يجد ناديا أو أكاديمية يلعب فيها ويطور من موهبته وهو في الثامنة من عمره، خاصة وأن عمه ضمن له الإقامة وتعهد له بضمان مصاريفه ونفقاته المالية.. والدته رفضت دخوله عالم الكرة قبل أن تستسلم لإرادته رغم أن هجرته لفرنسا كانت من أجل تحقيق حلمه وممارسة هوايته المفضلة، إلا أن والدته كاترين والتي كانت تشتغل كخادمة في أحد البيوت الفرنسية رفضت ذلك وبشكل قاطع قبل أن يصر عليها سونغ بالسماح له بممارسة كرة القدم خاصة بعدما أقنعها أحد الكشافة بضرورة السماح له بذلك. نادي باستيا الفرنسي صاحب الفضل في صقل موهبته قرّر سونغ مغادرة باريس ليترك بذلك والدته بعدما سمحت له بذلك ووافقت على دخوله عالم كرة القدم لينضم بذلك لأحد الفرق الفرنسية الصغيرة في البلاد وبالتحديد نادي باستيا، حيث كان في سن 14 ما جعله يتلقى تكوينه الابتدائي في هذه الأكاديمية لمدة ثلاث سنوات كاملة، حيث كان ذلك من سنة 2001 إلى غاية 2004، ليتعرف على العديد من اللاعبين على غرار الدولي الغاني مايكل إيسيان. تألقه جعل النادي يرفعه للفريق الأوّل بعد الأداء الكبير الذي ظهر به في الفئة الشبانية للنادي الفرنسي باستيا خاصة بعد خطفه الأنظار من جميع اللاعبين في ذلك الوقت، قرر النادي زجه في الفريق الأول ليكون ذلك موسم 2004، ليلعب له موسما واحدا، حيث شارك في العديد من اللقاءات الرسمية للفريق والتي بلغت ل35 لقاء دون أن يتمكن من تسجيل أي هدف. كشافة آرسنال يُبهرون بموهبته ويقررون استعارته من ناديه لم يمر أداؤه الباهر رفقة ناديه باستيا مرور الكرام على كشافة النادي اللندني آرسنال، حيث قرروا التعاقد معه وخطفه من عديد الأندية الفرنسية التي أبدت رغبة ملحة في التعاقد معه، حيث كان عامه الأول في صفوف “المدفعجية” كإعارة فقط إذ كان ذلك سنة 2005، لكن تشكيلة النادي الإنجليزي المدججة بالنجوم وقفت حائلا في مشاركاته بصفة أساسية في الفريق حيث لعب تسعة لقاءات فقط. سونغ :”لم أصدق خبر انتقالي لآرسنال من شدة فرحي واعتبرت الأمر مزحة” من شدة فرحه وسعادته بخبر انضمامه لأكبر الأندية الأوروبية لم يصدق هذا الخبر واعتبره حلما سيستفيق منه، حيث قال في هذا الخصوص :”أخبروني أن آرسين فينغر يريدني أن آتي إلى آرسنال، لكني لم أصدق، كل شخص في باستيا كان يريد اللعب له، ليس برشلونة ولا مانشستر يونايتد ولا ريال مدريد، اللعب مع تييري هنري، بارتيك فييرا، دينيس بيركامب، فريدي ليونبيرغ، روبير بيريس، اعتقدت أنها مزحة. آرسنال قرّر شراء عقده قبل أن تتمّ إعارته لنادي تشارلتون في صيف 2006 قرر النادي اللندني شراء عقد سونغ بصفة نهائية ورسمية من نادي باستيا بعقد يمتد لست سنوات مقابل مليون أورو، بعدما لعب للنادي على شكل إعارة في الموسم الذي سبقه، لكن كثرة النجوم في الفريق واستحالة لعبه في التشكيلة الأساسية دفعا بآرسين فينغر إلى إعارته لأحد الأندية الإنجليزية وهو تشارلتون حيث كان ذلك في فترة الانتقالات الشتوية لسنة 2007. إعارته أفادته كثيرا وجعلته جزءا لا يتجزء من آرسنال بعد عودته كانت فترة إعارة سونغ لنادي تشارلتون الإنجليزي مفيدة للغاية رغم أنه قضى ستة أشهر فقط في صفوفه، حيث عاد لناديه الرسمي صيف 2007، ومن ذلك الحين أصبحت مكانته الأساسية في الفريق لا نقاش فيها وأمر محسوم فيه، خاصة وأنه نال ثقة كبيرة من طرف مدرب الفريق آرسين فينغر الذي أشاد به كثيرا في تلك الفترة. مشواره مع “المدفعجية” كان خاليا من الألقاب على طول امتداده رغم أنه يعتبر من أهم اللاعبين الذي مروا على نادي آرسنال منذ نشأته والفترة التي قضاها في صفوفه والتي امتدت لقرابة الست سنوات إلا أنه خرج خالي الوفاض منه ولم يتوج بأي لقب سواء على الصعيد المحلي أو الأوروبي، ليبقى وصوله لنهائي كأس الرابطة الإنجليزية في موسم 2011 أهم إنجازاته الكروية مع النادي اللندني، تجدر الإشارة إلى أن سونغ لعب له 195 مباراة سجل من خلالها 10 أهداف. انتقاله لبرشلونة كان بمثابة الحلم الذي تحقق بعد طول انتظار يعتبر 18 أوت لهذه السنة يوما لن ينساه سونغ طول حياته، كونه حمل ألوان أفضل الفرق العالمية في الوقت الراهن بعد أن أصر النادي الكتالوني برشلونة على الاستفادة من خدماته وتدعيم صفوفه بلاعب يعتبر من خيرة ما أنجبته الساحرة المستديرة في الوقت الراهن، لينضم لصفوفه بقيمة مالية قدرت ب19 مليون أورو بعقد يمتد لخمس سنوات كاملة. سونغ :”انتقالي للبارصا هو أعظم يوم في حياتي” بعد توقيع عقده مع البارصا، أدلى ألكسندر سونغ بأول تصريح له كلاعب للفريق واصفا إياه بالفريق الكبير الذي سيكون له شرف حمل ألوانه لخمس سنوات كاملة، حيث قال في هذا الخصوص :”أنا سعيد جدا بكوني هنا، لأنه كما يعرف الجميع، البارصا هو أفضل فريق في العالم، الانضمام لهذا الفريق أمر خرافي، كنت دائما أريد اللعب في هذا النادي واللعب بجانب أفضل اللاعبين في العالم مثل سيسك، ميسي، إنييستا والآخرين وبالتالي أنا سعيد جدا، إنه يوم كبير بالنسبة لي ولأسرتي”. ….ويأمل في قيادته لمنصّات التتويج وصنع نجاحاته بخصوص طموحاته هذا الموسم، كان سونغ واضحا جدا وصرح بأنه سيفعل كل شيء من أجل مساعدة البارصا لمواصلة نجاحاته الأوروبية والمحلية، حيث قال في هذا الخصوص :”أعتقد أن الفريق سيفوز لأنه فريق يفوز ولا يرضى إلا بالفوز، فاز بكل شيء وأريد أن أقوم بعملي وأعطي كل شيء في التدريبات وأن أقاتل لكسب مكانة في الفريق”. سيرتدي الرّقم 25 في صفوف النادي الكتالوني سوف يحمل سونغ القميص رقم 25 في ناديه الجديد برشلونة بشكل مؤقت، بانتظار الانتقالات المحتملة لبعض من اللاعبين قبل انتهاء فترة الانتقالات الصيفية، الكاميروني كان يحلم بنفس رقمه في آرسنال وهو الرقم 17 ولكنه محجوز باسم الدولي الإسباني بيدرو رودريغيز، تجدر الإشارة إلى أن مونيسا هو الذي سبق له حمل هذا القميص قبل أن يتعرض لإصابة ستبعده عن الميادين لمدة ستة أشهر. سونغ لم ينس فضل فينغر عليه ويعتبره بمنزلة أبيه نظرا للدعم الذي قدمه له مدربه السابق في آرسنال يعتبر ألكسندر سونغ الفرنسي آرسين فينغر مثل أبيه الذي افتقده وهو في سن الثالثة من عمره، حيث قال في أحد تصريحاته :”عندما قدمت لآرسنال وجدت في فينغر الأب الذي حرمة منه وأنا في سن الثالثة، أحترمه كثيرا ومنزلته في قلبي لا يمكن أن تقدر، أنا أشكره كثيرا على مساعدته لي ووقوفه الدائم بجانبي”. لعب لفرنسا قبل انضمامه للمنتخب الكاميروني سبق وأن حمل سونغ ألوان المنتخب الفرنسي لتشكيلته الشبابية، حيث كان ذلك لسنة واحدة أي موسم 2002 إلى غاية 2003، حيث شارك في ستة لقاءات فقط قبل أن يقرر اللعب لمنتخب بلاده الكاميرون، لينضم إليه وهو في سن 18، حيث كان ذلك سنة 2005، ومنذ ذلك الوقت وهو لاعب في تشكيلة فريق وطنه. مشواره مع الأسود غير المروضة خلا من أي لقب رغم أن انضمامه للمنتخب الكاميروني كان في سن مبكرة إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتحقيقه لأي لقب مع بلاده سواء على الصعيد المحلي أو العالمي رغم خوضه لبطولتين إفريقيتين رفقة منتخب بلاده، ليبقى وصوله للمباراة النهائية لكان 2008 التي احتضنتها غانا أهم ماحققه منذ انضمامه له. جماهير بلده تراهن عليه لإعادة هيبة منتخبها تعتبر الجماهير الكاميرونية لاعبها سونغ النجم الأوحد في الفريق والقادر على إعادة البلد لسكة الانتصارات والتتويجات التي غابت عن خزائنه لسنين عديدة، خاصة وأن المنتخب مقبل على العديد من الاستحقاقات المقبلة وعلى رأسها تصفيات كأس أمم إفريقيا إلى جانب التأهل لمونديال 2014 الذي ستستضيفه البرازيل. سونغ تزوّج في الثامنة عشرة من عمره ولديه طفلان تزوج الدولي الكاميروني وهو في سن صغيرة مقارنة بحجم الخطوة التي أقدم عليها، حيث تزوج وهو في 18 من عمره من فتاة كاميرونية تدعى أوليفيا، تشتغل كمقدمة برامج في إحدى الحصص التلفزيونية الإنجليزية، بعد علاقة حب أثمرت بإنجابه لطفلين الأكبر اسمه نولان ويبلغ من العمر خمس سنوات والثاني يبلغ خمسة أعوام. حرمانه من العطف والحنان العائلي السّبب في ذلك في تصريح له حول الأسباب التي دفعته للزواج في سن مبكرة قال سونغ :”لم أستطع معرفة والدي، لقد كان شيئا صعبا بالنسبة لي عندما أخرج من المدرسة أرى الصبية يركبون السيارات مع آبائهم أما أنا فلم يكن لي أحد يأخذني من المدرسة، الآن خلال حديثي لكم أريد أن أبكي، لذلك في سن الثامنة عشرة قررت أن أصبح أبا وأكون قريبا من عائلتي، أريد أن أشعر بالحب الذي لم أشعر به عندما كنت صغيرا”. عائلته تمثل له الكثير والوشم المرسوم على ذراعيه يحمل أسماءها تمثل عائلة سونغ الكثير له، حيث أن اسمي ابنيه وتاريخ ميلادهما موشوم على كلتا يديه، واسم زوجته مكتوب على رسغ يده اليمنى، بينما ساعده الأيمن يحمل بعض أسماء أخوته لكنه ليس طويلا كفاية ليسعهم كلهم، يقول سونغ عن عائلته أيضا :”أنا سعيد هنا، مستقر جدا، أنا سعيد في الزواج جدا، لدي زوجه جميلة وطفلان جميلان”.