تلقى رئيس مجلس الأمة، السيد عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد العربي ولد خليفة، والوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، أمس، بقصر الشعب، التهاني من كبار المسؤولين في الدولة وذلك بمناسبة إحياء الذكرى ال59 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954. كما تلقى السادة بن صالح وولد خليفة وسلال التهاني من أعضاء الحكومة وكبار ضباط الجيش الوطني الشعبي وشخصيات تاريخية ووطنية ومن مجاهدين ومجاهدات ومن ممثلي الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني وإطارات الأمة، إلى جانب وجوه ثقافية وعلمية ورياضية معروفة وممثلين عن السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. فقد عج قصر الشعب، منذ الساعات الأولى من صباح أمس، بالضيوف الذين وجهت لهم الدعوة لحضور الاحتفال بالذكرى ال59 لاندلاع الثورة التحريرية المظفرة، ففيما اجتمعت بالطابق العلوي شخصيات وطنية من مجاهدين ورؤساء أحزاب وأعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، فضل وزراء من الطاقم الحكومي، بالإضافة إلى فنانين ورياضيين الالتقاء بالطابق السفلي، غير أن المكان لم يكن ليتسع للجميع في الوقت الذي فضل فيه أغلبية الحضور تبادل الحديث في باحة القصر الذي لم يخل من أجواء احتفائية كبيرة. وقد رفض الحضور من الشخصيات السياسية والوزراء الإدلاء بأي تصريحات متعلقة بالواقع السياسي للبلاد، واشترطوا ألا تخرج عن إطار الاحتفال بذكرى أول نوفمبر. وقد تميز الاحتفال بالذكرى عبر التراب الوطني بترحم رئيس مجلس الأمة، السيد عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد محمد العربي ولد خليفة، والوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، أمس، بمقام الشهيد، على أرواح شهداء الثورة التحريرية، حيث وضعوا إكليلا من الزهور أمام النصب التذكاري وقرأوا فاتحة القرآن الكريم. وجرت وقفة الترحم بحضور رئيس المجلس الدستوري، السيد مراد مدلسي، ونائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، ووزير الداخلية والجماعات المحلية، الطيب بلعيز، ووزير الخارجية، رمطان لعمامرة، ووزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، ووزير المجاهدين، محمد شريف عباس، ووزير المالية، كريم جودي، ورئيس المنظمة الوطنية للمجاهدين سعيد عبادو. وبمقر وزارة الشؤون الخارجية، تم رفع العلم الوطني الليلة الماضية على الساعة منتصف الليل، حيث أشرف على الاحتفال وزير الشؤون الخارجية، السيد رمطان لعمامرة، بحضور مجاهدين قدامى وإطارات بالوزارة. ووضع بالمناسبة إكليل من الزهور كما تليت الفاتحة على أرواح شهداء الثورة الجزائرية. وقد نظمت بهذه المناسبة محاضرة متبوعة بنقاش من طرف كل من الضابط السابق في جيش التحرير الوطني، اللواء حسين بن معلم، والبروفيسور محمد تومي المسؤول الطبي السابق في جيش التحرير الوطني. وفي تدخله في هذه المحاضرة، أكد السيد لعمامرة أن تاريخ الجزائر "جد زاخر" وثري بالأحداث والبطولات والشخصيات"، مشيرا إلى "ثراء هذا التاريخ الذي يظل يشكل موضوع ورشات كبيرة" وأن الجزائر كانت بمثابة إعلان عن نهاية الاستعمار الفرنسي. من جهته، تطرق اللواء بن معلم إلى العملية التي حاول من خلالها المستعمر الفرنسي زعزعة صفوف جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني بعد تلاشي النظام بمنطقة الجزائر العاصمة. ووصف اللواء بن معلم هذه العملية ب«الجهنمية" و«الشيطانية"، مضيفا أن الولاية الثالثة (القبائل) كانت مستهدفة من قبل المخابرات الفرنسية إذ أن العقيد عميروش عمل على إعادة تنظيم منطقة الجزائر العاصمة. مضيفا في هذا الصدد أن "جوا من الشك خيم على الولاية الثالثة خوفا من تجسس "الحركى" الذين كانوا يعملون مع المستعمر الفرنسي". بدوره، تطرق البروفيسور بن تومي إلى التنظيم الطبي داخل جيش التحرير الوطني، مشيرا إلى "التزام الطاقم الطبي الذي التحق بجيش التحرير الوطني". وذكر المتحدث الذي عمل بمنطقة الشمال القسنطيني أنه بالنظر إلى العدد الكبير من الجرحى خلال الثورة تكفل هو ومساعديه بتكوين جنود ممرضين لتقديم الإسعافات للمجاهدين الجرحى.
مظاهر احتفالية متنوعة عبر ولايات الوطن وقد نظمت في هذا الصدد، ندوات تاريخية لمجاهدين أبرزوا "التنظيم المحكم" لتحضير اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954، حيث أشار المجاهد محمود الباي في ندوة تاريخية نظمتها جمعية مشعل الشهيد، أول أمس، بالعاصمة، أن القيادة الرسمية الأولى للمنطقة الرابعة، بما فيها الجزائر العاصمة بقيادة رابح بيطاط "خططت ودبرت بطريقة منتظمة ومحكمة لاندلاع الثورة التحريرية المباركة على غرار ما فعلته كل القيادات الوطنية الأخرى بباقي مناطق الوطن". وذكر المتحدث أن هذه القيادة التي كان يرأسها رابح بيطاط وتضم سويداني بوجمعة وأحمد بوشعيب والزوبير بوعجاج، "قامت بعمل كبير تحضيرا لاندلاع الشرارة الأولى لثورة الفاتح نوفمبر 1954 بمنطقة متيجة وما جاورها. أما المجاهد بوعلام شريفي فشدد في تدخله هو الآخر على "المستوى العالي" الذي كان يتمتع به مفجرو الثورة التحريرية الذين كانوا -كما قال- "يتصفون بالذكاء والحكمة والثقافة العالية والوطنية والإيمان بالله". من جهة أخرى، دعا المجاهدون ممن حضروا هذه الندوة الأجيال الصاعدة إلى التحصن بالفكر الواعي والروح الوطنية قصد "مواجهة الهجمات المتتالية على الجزائر والتي تهدف إلى زعزعة استقرارها ونهب خيراتها". كما طالبوا بوحدة الشعب والتفافه حول مبادئ ثورة نوفمبر التي "تجسدت بفعل مجهودات رجال ونساء ضحوا بالنفس والنفيس من أجل أن تنعم الجزائر بالاستقلال والحرية والكرامة". من جهة أخرى، أحيت ولايات البلاد الذكرى بتنظيم عدة احتفاليات تضمنت تدشين العديد من المشاريع في شتى المجالات وإطلاق أخرى إلى جانب تسمية عدة هياكل بأسماء شهداء وتنظيم تظاهرات رياضية وثقافية، إلى جانب تدشين هياكل تربوية وبعث عدة مشاريع تابعة لقطاعي السكن والتربية الوطنية، في حين تم في بعض الولايات إعادة دفن عدد من رفات الشهداء بالمقابر مثلما تم بولاية تيزي وزو. كما اتسمت احتفالية أول نوفمبر بوضع حجر أساس لمشاريع عديدة كما هو الشأن لولاية باتنة، حيث تم تدشين أجنحة للاستعجالات الطبية الجديدة إلى جانب ولايات الجنوب التي تم فيها تدشين العديد من المشاريع التنموية، في حين كان النشاط الثقافي حاضرا بقوة في ولاية قسنطينة مثلا، حيث تزامنت الذكرى مع افتتاح المهرجان الدولي الرابع للنشيد بالمسرح الجهوي ليلة أول أمس الخميس وقد كانت الفرصة مواتية لتكريم الفنان المطرب الهادي رجب عضو فرقة جبهة التحرير الوطني بحضور بعض الزملاء على غرار الفنان عبد الرحمان قناط في ليلة امتزج فيها الفن الأصيل بعبق الثورة وكان الفنان المصري علي الحجار شاهدا على وفاء الجيل الجديد لمبادئ ثورة نوفمبر التي صنعها رعيل من الرجال أبوا إلا العيش في كنف الحرية والاستقلال وفضلوا الشهادة على العيش تحت سيطرة الاستعمار.