تجد وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، نفسها في كل مرة تحدث فيها كارثة طبيعية أو ينتشر فيروس يفتك برؤوس الغنم والأبقار، مرغمة على اللجوء إلى خزينة الدولة لتعويض الفلاحين والمربين الذين يرفضون التأمين على ممتلكاتهم لأسباب مختلفة، منها ما يعود إلى ثقافة قديمة ورثوها عن أجدادهم مفادها أنه في حالة حدوث خسائر في الإنتاج أو نفوق الماشية فما هذا إلا قضاء وقدر، وحسب تصريح الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتعاون الفلاحي، السيد شريف بن حبيلس، فإنه يجب اعتماد استراتيجية وطنية تحث كل المهنيين في القطاع الفلاحي على تأمين نشاطاتهم من منطلق أن القطاع الفلاحي مصنّف ضمن القطاعات الحساسة ومعرض لعدة أخطار. واعترف وزير الفلاحة والتنمية الريفية، السيد عبد الوهاب نوري، في آخر لقاء له مع الصحافة أن عدم تأمين الفلاح والمربي نشاطاته الفلاحية قد يهدد مصير القطاع، خاصة وأن الجزائر معرضة لعدة كوارث طبيعية، وبغرض ضمان فلاحة عصرية تتماشي وتطلعات الحكومة لربح معركة الأمن الغذائي، وجب تشجيع كل المهنيين على تطوير نشاطاتهم وتأمينها من أي خطر قد يهددهم بالإفلاس، مشيرا إلى العمل الذي يقوم به الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي، الذي اقترح عدة منتوجات تأمينية تتماشي والطبيعة الجغرافية لكل منطقة، وتأخذ في الحسبان ثقافة الفلاح، غير أن العمل الذي يقوم به الصندوق لم يحظ باهتمام المهنيين وهي الإشكالية التي ستحاول الوزارة حلها مستقبلا. من جهته صرح المسؤول الأول عن الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي ل"المساء"، أن الفلاحين والمربين معرضون لعدة أخطار تهدد مستثمراتهم الفلاحية سواء ما تعلق بالمتغيرات المناخية من فيضانات، برد، جليد، أو ما تعلق بالصحة النباتية والحيوانية، وهو ما دفع بالقائمين على الصندوق إلى اقتراح مجموعة متنوعة من المنتجات التأمينية بأسعار تنافسية، وغالبا ما يسمح للمؤمّن بدفع تكاليف التأمين بالتقسيط عندما يتعلق الأمر بمبالغ كبيرة، وهي الامتيازات التي لا يجدها الفلاح لدى أية مؤسسة تأمينة أخرى. كما أن الصندوق يقول السيد بن حبيلس، قرر في استراتيجيته الجديدة التقرب أكثر من المؤمنين ومساعدتهم على تطوير تقنيات تسيير مستثمراتهم الفلاحية في إطار ضمان مردودية أكثر، مع مساعدة الفلاح والمربي في تسيير مختلف الأخطار التي قد يتعرض لها. وبخصوص تعامل الصندوق مع المتضررين من انتشار فيروس الحمى القلاعية، أشار بن حبيلس، إلى توزيع جميع الأعوان عبر كل المستثمرات الزراعية، سواء تلك التي تضررت من العدوى أو تلك التي بقيت سليمة لتوزيع مواد تطهير وألبسة خاصة بالمربين مجانا، وذلك لضمان تنفيذ كل الإجراءات الوقائية الخاصة بالتطهير. من جهة أخرى تم إحصاء تضرر 50 مؤمّنا من فيروس الحمى القلاعية، وقد شرعت اللجان الخاصة في دراسة الملفات وإرسال مفتشين للتحقق من حجم الأضرار والشروع في تعويض المربين في أقرب وقت، ولم يستبعد بن حبيلس، أن يستفيد المؤمّنون من تعويض الصندوق الذي قد يصل إلى 100 بالمائة حسب ظروف كل حالة، و التعويض المقترح من طرف السلطات المقدر ب80 بالمائة من قيمة البقرة في السوق، وهي الوضعية التي قد تشجع باقي المربين على تأمين قطعانهم. كما أشار المتحدث إلى أن عملية التأمين على الحيوانات تستوجب من المؤمّن تقديم شهادات صحية تثبت أن قطيعه استفاد من كل أنواع التلقيحات، وهي الشهادة التي يتم تجديدها كل ستة أشهر للتأكد من التزام المؤمّن بكل الإجراءات الوقائية لحماية الثروة الحيوانية. وعليه فإن عملية التأمين على النشاطات الفلاحية تعتبر أمرا ضروريا وهي الوسيلة الوحيدة التي تضمن للمصالح الفلاحية تنفيذ كل الإجراءات الصحية. واعترف بن حبيلس، في ختام تصريحه أن عدد المؤمّنين من الموالين خلال السنة الفارطة، بلغ نسبة 15 بالمائة فقط من مجموع كل المنتجات التأمينية المقترحة، يبقى العديد من المربين يرفضون إلى غاية اليوم تأمين قطعانهم رغم كل الامتيازات والتحفيزات المقترحة لهم.