قدر الشعر أن يفقد أحد أهراماته، وقدر الأمة أن تنعي نفسها في إحدى قاماتها، قدر أن يتوقف محمود درويش شاعر القضية اليوم قلما قلبا، عن الخفقان ليرحل الشاعر الروح إلى جوار ربه يبقى في الأرض كما عاش للأرض من الخالدين. محمود درويش، أيها الولد العاشق، فلسطين في دمه، الباعث فلسطين في أكسجين القصيدة من هواء فلسطين. محمود درويش، "يا كرملا" لا يدكه الموت، يا مبدع "وليالي المطر" يا حامل غيث الصمود العربي من "بروة الجليل"، و"دير الأسد" مخترق حدود الزمان إلى أقصى أقاليم الآتي. محمود درويش أيها الحاضر دوما في جزائر القلب يا عاشق الحرية والحب والإنسان، أنت يا محمود يا من نتحدث عنك في اتحاد الكتاب الجزائريين كواحد منا، من شعرائنا الكبار، يا فقيدنا، هل حقا لن ننتظر مقدمك إلينا كعادتك محملا بالشعر والحب؟. محمود، ونحن ننعيك إلى عشاق الشعر والحب في العالم، يتصل بنا شعراء الجزائر وكتابها لتعزيتنا وتحميلنا أمانة تعزية شعبنا في فلسطين الجريحة بالاحتلال ولفقدك، ويتصل بنا الأديب الكبير الطاهر وطار الذي عشق الأرض والشعر، من محرابه مكسرا سكون خلوته بشنوة على غير عادته ليحملنا نقل حزنه في فاجعة فقدك الى كل شعراء الجزائروفلسطين خصوصا وإلى الشعر بالأخص، والشعر عندك ملح الأحبة والأرض، وهاهي الأرض العربية مشاعة للغزاة، ودم القلب، وها هو دمنا غطى الأرض يسفحه الأعداء وأبناء الوطن الواحد، وماء العين يسقى أشجار الحياة والعنفوان انتصارا لها. محمود، سنذكرك دائما قامة سامقة صنعت مجد الشعر، وسنواصل دربك، وسنذكرك وطنيا أحب فلسطين حتى النخاع، وستبقى فلسطين قضيتنا المركزية. محمود، إننا كما قلت: "نعيش معك، نسير معك، وحين تموت، نحاول أن لا نموت معك" محمود إننا حزانى وكم نحبك، أيها الأشقاء في فلسطين وفي ربوع العالم، أيها العاشقون للحرية، أنصار الإنسان والحياة، أيها الشعراء قد تداعت منا يد كان يحط عليها الحمام، فلا تدعوا الخفافيش تحط على رؤوسنا، وابتسموا قليلا، ففلسطين باقية والشعر خالد ومحمود درويش بيننا في القلب والذاكرة إلى الأبد.