أعلن وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب لوح أمس، عن استعداد قطاعه لمباشرة أول إصلاح عميق يمس النيابة العامة في الجزائر، لتمكينها من المساهمة في تطبيق السياسة الجزائية الوطنية للدولة، مشيرا إلى أن اللجنة المكلفة بوضع المقترحات المرتبطة بهذا الإصلاح المعمق الذي يشمل أيضا المنظومة التكوينية، ستُعد تقريرها قبل 15 أكتوبر القادم. وأوضح الوزير خلال ندوة صحفية نشّطها بمقر مجلس قضاء الجزائر بحضور وزير الاتصال السيد حميد قرين، أن الإصلاح العميق الذي ستعرفه النيابة العامة سيتم في إطار الاحترام الصارم للقانون والإجراءات التي تضمن ممارسة الحريات الفردية والجماعية والحقوق الأساسية للمواطن، معلنا، في نفس الصدد، عن أن الإجراء يشمل أيضا تعزيز السلطات التدرجية للسلطة القضائية على الشرطة القضائية، حيث سيتم وضع آليات ووسائل عصرية تخوّل للنيابة صلاحيات ممارسة مهامها في إطار إدارة الدعوة العمومية بصفة كاملة، وذلك من خلال التدخل أكثر والمبادرة بتحريك ومباشرة التحقيق الأولي، مشيرا في هذا الإطار إلى توجيه مذكرة للنواب العامين بخصوص ما ينص عليه القانون فيما يخص ممارسة الصلاحيات المخوَّلة لقضاة النيابة العامة. وكمثال عن هذه المهام ذكر السيد لوح أن النيابة ستطبّق هذه الصلاحيات في حالات خرق حماية الملكية الفكرية، مؤكدا في سياق متصل، أن هذه الإصلاحات المرتقبة وتلك التي تم تجسيدها في قطاع العدالة بمبادرة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، تعرف حاليا وثبة جديدة، من أجل بلوغ كافة الأهداف المسطرة والمستمدة من توصيات اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة ومخطط عمل الحكومة. وستسمح هذه الإصلاحات، حسب السيد لوح، بوضع العدالة التي تُعتبر مؤسسة أساسية للدولة أكثر من أي وقت مضى، في وظيفتها الاجتماعية ودورها الدستوري، الذي يشمل ضمان ممارسة الحريات العمومية الفردية والجماعية. وذكّر بالمناسبة بقيام وزارة العدل بعمليات تهدف إلى توفير شروط تحقيق عدالة فعالة وناجعة ومنصفة، وتعزيز مصداقيتها وتقوية علاقة الثقة بينها وبين المواطن، مضيفا أن هذه النظرة الجديدة تشمل أيضا تدعيم منظومة التشريع الوطني، بإدراج معايير جديدة في مجال حقوق الانسان، طبقا لالتزامات الجزائر الدولية.. وفي نفس الصدد، أوضح السيد لوح أن التشريع الوطني سيعرف إثراء جديدا من خلال إدراج مجموعة تدابير تتعلق بقواعد الاختصاص القضائي، لضمان حماية المصالح الوطنية والرعايا الجزائريين ضحايا الجرائم المرتكبة في حقهم بالخارج، كما أشار بخصوص مسار عصرنة العدالة، إلى أن تحقيق الأهداف المسطرة في إطاره يقتضي رد الاعتبار للموارد البشرية وتثمينها وتحسين أساليب التسيير والتنظيم، وتوفير هياكل قاعدية ملائمة، مشيرا إلى أن الأولوية أُعطيت حاليا لتكوين القضاة وملاءمة مسار التكوين والبرامج بما يتماشى مع تطور القانون ومع متطلبات عدالة عصرية وذات نوعية. وأوضح الوزير أن العولمة وكثافة التبادلات وظهور أشكال جديدة للإجرام العابر للحدود وتطوره، تقتضي من القاضي الجزائري التسلح لمواجهة متطلبات هذه العولمة، مبرزا في هذا السياق، أهمية التعاون القضائي، الذي أصبح، حسبه، "حتمية لا يمكن الاستغناء عنها". كما أشار إلى أن عصرنة قطاع العدالة ستسمح بإدخال مبدأين أساسيين، هما تبادل الوثائق والتبليغات الإلكترونية مع الهيئات القضائية وغيرها، وإدخال جواز المحادثة المرئية عن بعد من قبل القضاء (الاستماع لشاهد في قضية ما عن بعد وإمكانية المحاكمة عن بعد في قضايا معيّنة)، مضيفا أن التفكير جار أيضا حول إمكانية إثارة مسألة عدم دستورية القوانين، وذلك بمناسبة الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا. ولم يفوّت وزير العدل حافظ الأختام المناسبة دون إبراز أهمية مشاريع القوانين التي صادق عليها مؤخرا مجلس الوزراء، والمرتبطة بقطاع العدالة، على غرار مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات من أجل تعزيز مكافحة العنف ضد النساء، ومشروع القانون الخاص بحماية الطفل، ومشروع القانون المتعلق بعصرنة العدالة، وآخر خاص بإنشاء صندوق خاص بالمرأة المطلقة الحاضنة لأطفال. 275 ألف قضية مطروحة أمام المحكمة العليا من جانب آخر، كشف السيد الطيب لوح أن عدد القضايا المطروحة على مستوى المحكمة العليا بلغ 257 ألف قضية، مبرزا ضرورة التفكير في إيجاد حل لهذا الإشكال بصفة نهائية، والقضاء جذريا على تراكم القضايا على المحكمة العليا. وأشار الوزير إلى أن كثرة القضايا المطروحة أمام المحكمة العليا، جعلت منها وكأنها درجة ثالثة من التقاضي، مؤكدا أن حل هذا المشكل لا يكمن في جلب عدد أكبر من القضاة وإنما بحل إشكالية الطعون بالنقض، بالفصل في القضايا في المحاكم الابتدائية.. كما شدد في نفس السياق على ضرورة اتخاذ إجراءات والقيام بإصلاحات حتى تسترجع المحكمة العليا وظيفتها الأصلية كهيئة قانونية تعنى بالقضايا الهامة، فيما كشف من جانب آخر، بأن عدد الأحكام القضائية الصادرة عن الهيئات القضائية خلال سنة 2013، بلغ 2 مليون حكم. مليار دينار لصندوق نفقة النساء المطلّقات الحاضنات وكشف وزير العدل حافظ الأختام عن تخصيص الدولة في إطار قانون المالية 2015، مبلغا مبدئيا قيمته مليار دينار جزائري لصندوق نفقة النساء المطلقات بصفة خاصة، والمرأة الحاضنة للأطفال بصفة عامة، مشيرا إلى أن مصادقة مجلس الوزراء الأخير على إنشاء هذا الصندوق، تأتي تجسيدا لمشروع كان قد أعلن عنه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يوم 8 مارس الماضي بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمرأة. وإذ أشار إلى أن الواقع في المجتمع الجزائري يبين بأن عددا كبيرا من الأحكام القضائية ضد المدينين بالنفقة لم تنفَّذ، أكد السيد لوح أن هذا الصندوق سيسمح للمرأة المطلقة الحاضنة خاصة والمرأة الحاضنة عموما، بالحصول على النفقة بصفة استعجالية، لتفادي ما يمكن أن ينجرّ عن عدم دفع النفقة، كتشرد الأطفال ووقوعهم ضحايا الآفات الاجتماعية. فتح مركز لشخصنة الشريحة الإلكترونية للتوقيع الإلكتروني وأعلن الوزير عن فتح أول مركز على مستوى الوزارة لشخصنة الشريحة الإلكترونية للتوقيع الإلكتروني، وذلك خلال ال10 أيام القادمة، مشيرا إلى أن المركز يشرف على إنجازه تقنيون جزائريون لهم مستوى عال. وأوضح أن هذه الهيئة من شأنها السماح بتبادل الوثائق القضائية بين المحاكم إلكترونيا، إضافة إلى إمكانية إدلاء الشهود بشهاداتهم عبر الفيديو، مذكرا بأن الجزائر ستكون البلد الثاني على المستوى الإفريقي، الذي سيعتمد على الأنظمة التكنولوجية في القضاء. على صعيد آخر، أكد الوزير أن التدابير الجاري وضعها في إطار القضاء الجزائي، تهدف إلى تخفيف العبء عن الجهات القضائية؛ من خلال وضع إجراءات جديدة تضمن حماية الشهود والمبلغين عن الجرائم، وتحقق الردع العام، مع مراعاة قرينة البراءة وحقوق الدفاع. وفي رده على سؤال حول قضية وفاة رعية جزائري في أوت المنصرم بفرنسا، أشار الوزير إلى أن النيابة تتابع القضية، وقد طلبت معلومات حول وقائعها من وزارة الشؤون الخارجية، لتتصرف فيما بعد عندما تصل إليها المعلومات المطلوبة، وفق ما يمليه القانون. أما بخصوص ما يثار حول احتمال الإفراج عن عبد المومن خليفة، المتهم الرئيس في قضية "الخليفة بنك"، فأشار السيد لوح إلى أن هناك إصلاحا عميقا في قانون الإجراءات الجزائية في العديد من الجوانب، من أبرزها الحد من الحبس المؤقت، معتبرا أنه لا يمكن إطلاقا، حتى بالنسبة لهذه القضية، أن يبقى المتهم محبوسا ولا يحاكَم لعدة سنوات. فتح تحقيق معمَّق في المتاجرة بجوازات سفر الحج من جهة أخرى، كشف وزير العدل حافظ الأختام أن النيابة العامة أمرت بالتحقيق المعمق في قضية المتاجرة بجوازات سفر الحج، مشيرا إلى أن الوزارة أعطت تعليمات صارمة لتحديد الأطراف المشاركة في القضية وتقديمها للعدالة، وفقا لما ينص عليه القانون. وإذ أكد أن الدولة ملتزمة باحترام القانون، أبرز السيد لوح أهمية دور الصحافة التي يمكنها، حسبه، أن تساعد في مكافحة الفساد. التحقيق متواصل في مقتل إيبوسي والعقاب يطال كل المسؤولين.. وبخصوص قضية وفاة اللاعب الكاميروني ألبيرت إيبوسي بملعب أول نوفمبر بتيزي وزو، أكد السيد الطيب لوح أنه أعطى تعليمات صارمة للنيابة، للعمل ميدانيا من أجل تحديد المسؤولين عن هذه المأساة التي شوّهت كما قال الرياضة الجزائرية وصورة الجزائر ككل، موضحا في نفس الإطار أن المسألة لا تتعلق بمن ألقى الحجر على اللاعب، بل التحقيق سيطال كافة المسؤولين عن هذا الحادث. كما سيطال العقاب، حسب الوزير، كل من يثبت إهماله لدوره ومسؤوليته في وقع هذه الجريمة، طبقا لما ينص عليه القانون في هذا الشأن.. وردّ الوزير خلال الندوة الصحفية على عدد من الأسئلة المرتبطة بقضايا متعددة، منها ما يُعرف بقضية "المغاربة المرحَّلين"، والتي قال عنها الوزير بأنها تشكل ملفا مطروحا على مستوى وزارة الخارجية وليس وزارة العدل، وكذا حول حيثيات استمرار التحقيق في قضية مقتل الرهبان السبعة بتيبحيرين، والتي أشار الوزير بخصوصها، إلى أن القاضي الفرنسي المكلف بالتحقيق فيها سيحل بالجزائر في 12 أو 13 أكتوبر المقبل.