أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أن "الثورة الحقيقية" هي تلك التي تكون وفية للمبادئ الأساسية ولتعهداتها الرئيسية التي التزمت بها عند الانطلاق والتحلي بقدرة التكيف مع ظروف الانتقال من مرحلة إلى مرحلة. وقال رئيس الجمهورية في رسالة وجهها بمناسبة الاحتفال بيوم المجاهد قرأها أمس نيابة عنه وزير المجاهدين السيد محمد شريف عباس أن "الثورة الحقيقية هي تلك التي بالقدر ما تكون وفية للمبادئ الأساسية ولتعهداتها الرئيسية التي التزمت بها عند الانطلاق بالقدر الذي تتحلى فيه أيضا بقدرة التكيف مع ظروف الانتقال من مرحلة إلى مرحلة والتجاوب مع الاشتراكات التي تفرضها استراتيجيات الصراع مع العدو بما في ذلك قدرة الاستشراف". كما أن الثورة الحقيقية -- كما أضاف الرئيس بوتفليقة -- هي تلك "الثورة التي لديها مهارة الفرز بين الاحتمالات المختلفة لردود الفعل والتصرفات التي تتوقعها من العدو وما ينجم عنها بالضرورة من لزوم الاستجابة والاستعداد الكفء والمقتدر (...) والوصول الى الحلول الجدية هي التي تميز الثابت من المهتز من بين الثورات". وأشاد رئيس الجمهورية بالمناسبة بالذكرى المزدوجة ل20 أوت 1955 انتفاضة الشمال القسنطيني و1956 التي صادفت انعقاد المؤتمر التاريخي للثورة بوادي الصومام. وقال رئيس الدولة أنه "ثابت هنا أن الإنتفاضة العرمة للشمال القسنطيني وكذلك الحال بالنسبة لمؤتمر الصومام الذي انعقد بعد تمام سنة منها مثلا بالفعل الرد الواجب والمحسوب على إستراتيجية العدو ومخططاته ومنظومته الدعائية". وأشار إلى أن الحدثين كانا "بمثابة القوة الدافقة والدافعة للكفاح المسلح في اتجاه الأهداف السامية التي رسمها بيان أول نوفمبر وفي مقدمتها تحرير الوطن واسترجاع الشعب الجزائري لسيادته الكاملة وحقه في العيش الكريم وبذل ما في الإمكان لتمتد نيران الحرية وأنوارها إلى كل البلدان المغاربية". وذكر في هذا الشأن بانتفاضة 20 اوت 1955 التي اتخذت -- كما أوضح -- "منعرجا متقدما في ساحات المواجهة العسكرية (...) والحشد السياسي والايديولوجي في أوساط الجماهير". كما أنها ساهمت -- يضيف رئيس الدولة -- في "فسح المجال لاختراق الحجاب الحاجز وشبكات التعتيم والتضليل الإعلامي والدبلوماسي الذي أقامته الإدارة الفرنسية حيث فوتت عليها هذه الأحداث فرصة ربح الوقت والانفراد بالشعب الجزائري للإجهاز عليه". ووفرت أيضا -- كما أوضح --"المناخ المواتي لظهور العمل الدبلوماسي الجزائري الذي نجح في أول امتحان له أثناء مؤتمر باندونغ حين وفق في طرح القضية الجزائرية بشجاعة". وأشار الرئيس بوتفليقة في هذا الإطار إلى أن مجموعة من البلدان المشاركة في المؤتمر قررت يومها طرح القضية أمام الأممالمتحدة (...) فتحولت الثورة آنذاك إلى "حركة شرعية يعترف بها العالم بأغلبيته فيما عدا رتل قليل فضل العناد والبقاء في مركب المحتل". وقد شكل مؤتمر الصومام أيضا -- كما جاء في رسالة رئيس الجمهورية -- "محطة مصيرية كانت لازمة وحاسمة على صعيد التعبئة العامة لكل الطاقات الوطنية حول أولوية التحرير وحشد معركة الوعي الوطني الذي (...) يدير ساحات المعارك". كما نتج عن هذا المؤتمر التاريخي -يضيف رئيس الدولة -- "قرارات سياسية وتنظيمية وما اقره من مؤسسات وهياكل على رأسها المجلس الوطني للثورة الجزائرية كأعلى سلطة ولجنة التنسيق والتنفيذ وما قام به من تقسيم للتراب الوطني إلى ولايات ومناطق ونواحي وأقسام". وذكر الرئيس بوتفليقة أن هذه القرارات ساهمت أيضا في "تنظيم وحدات الجيش إلى فيالق وكتائب وفرق وأفواج ناهيك عن ضبط إدارة الشؤون العسكرية والسياسية والاجتماعية". ومن جهة أخرى قال رئيس الجمهورية انه رغم لجوء "المسؤولين الفرنسيين آنذاك على حشد المزيد من الإمدادات والتجهيزات العسكرية لمواجهة بضعة آلاف من المجاهدين لاتتعدى أسلحتهم في ذلك الحين 600 بندقية اغلبها من بنادق الصيد كان الصمود وكانت الارادة وكانت عقيدة النصر اوالاستشهاد كافية لان تسجل انتصارات باهرة". وقد ارغمت كل ذلك -- كما أضاف -- "حكام وقيادة القوات الفرنسية على استخدام أصناف القوات المقاتلة والتركيز على منطقة الاوراس التي كانت قد عرفت أول قصف جوي يوم 15 نوفمبر 1954 ثم الشروع في تنفيذ عمليات فيوليت وفيرونيك الابادية في نفس النواحي ابتداء من 23 جانفي 1955 ليتبعها قانون الطوارئ ابتداء من 3 افريل 1955 بمنطقة الاوراس أولا ثم في كامل التراب الوطني " ابتداء من 28 افريل من نفس السنة. و"رغم هذه المحن (...) كان لزاما على على الثورة -- كما أكد رئيس الجمهورية في رسالته -- ان تثبت وجودها وتعلن شموليتها وتكسر الحصار المفروض عليها" مضيفا بأن الثورة "هكذا نجحت برجالها الأفذاذ في إيجاد المخارج المناسبة والعبور بسفينة الكفاح إلى الفضاء الوطني برمته". وان كانت الثورة الجزائرية -- كما أوضح رئيس الدولة -- "قد تمكنت في 20 اوت 1955 و1956 وفي المحطات التاريخية الأخرى والسابقة واللاحقة وفي كل لحظة من لحظات السنين السبع من تغيير موازين القوى والخروج من كل وضع عويص بعزيمة أقوى وبإيمان أكثر وبتفاؤل لاتشوبه شائبة بالنصر فلأن في رجالها وفي منهجها وفي صدقها ومصداقيتها وفي تواصلها مع الشعب ومع المعين الحضاري لهذا الشعب (...) بناء عمل تحرري متكامل وعلى منهج كفاحي وجهادي أصيل (...) ومعتمد على الإمكانيات الذاتية وعلى قرار حر قوي وعفي من أية وصاية أوتدخل". وأعرب الرئيس بوتفليقة عن "يقينه" بأن هذه الثورة "تشكل ميراثا وثروة هامة تربأ بها ان تكون مجرد تاريخ مجيد نحتفل به ونحيي ذكراه" فحسب "بل في نسغها من الديمومة والاستمرار" -- كما أضاف -- "ما يفيد بالتأكيد في التسلح المادي والمعنوي والقيمي لمواجهة أعباء الحاضرعلى الصعيد الذاتي وعلى صعيد تعاملنا مع الغير". وكان وزير المجاهدين السيد محمد شريف عباس ترأس أمس بالبويرة الحفل الرسمي لإحياء اليوم الوطني للمجاهد الذي يصادف الذكرى المزدوجة ل20 أوت 1955 1956. وكان الوزير مرفوقا بالأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السيد سعيد عبادو والأمين العام لمنظمة أبناء المجاهدين. ومن جهته ندد السيد سعيد عبادو في كلمة له بالإعتداءين الإرهابيين اللذين ارتكبا صباح امس أمام القطاع العسكري وفندق مدينة البويرة واللذين خلفا 11 قتيلا و31 جريحا. ودعا الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين الجزائريين إلى "رص الصفوف للوقوف بالمرصاد للأعمال الإرهابية الجبانة التي تقترف في الوقت الذي تحتفل فيه الجزائر بأهم مرحلة من ثورة نوفمبر 1954 وهوالإحتفال الذي يتزامن مع مرحلة تشهد فتح ورشات تنموية غير مسبوقة عبر كامل التراب الوطني". وأضاف قائلا أن "الجزائريين اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى مساندة رئيسهم من أجل إنقاذ البلاد" مضيفا أن "هذه الأعمال الهمجية مهما بلغت بشاعتها لن تخيف ولن توهن البتة الجزائر التي استعادت مكانتها في محفل الأمم". ويتضمن برنامج الزيارة الوزارية التي بدأت بإجراء مراسم ترحم على أرواح الشهداء عرض دراسة تخص إعادة تهيئة وتوسيع مربع شهداء مدينة البويرة وتسمية ساحة دار الثقافة باسم "المصالحة الوطنية" والمركز الجامعي بالبويرة باسم عقيد جيش التحرير الوطني الفقيد محند أولحاج. وينتقل الوفد الوزاري بعد ذلك إلى بلدية صهاريج حيث سيتم تدشين نصب تذكاري تخليدا لروح الشهيدة مليكة قايد علاوة على تسمية إحدى الثانويات باسم الشهيد بلقاسمي علي. أما في بلدية مشدالة التي تعد المحطة الأخيرة من هذه الزيارة فإن هذا الحدث سيتميز بإعطاء إشارة انطلاق أشغال ترميم مركز للتعذيب يعود للحقبة الاستعمارية.