دعا وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب المؤسسات الصينية للعمل على "تجسيد مستقبل مشترك بين الجزائروالصين"، من خلال عدد من المشاريع، خاصا بالذكر الميناء التجاري الجديد للوسط، ومشروع استغلال الحديد بغار جبيلات وكذا استغلال الفوسفات بواد كبريت، إضافة إلى مشاريع تركيب السيارات. وأكد الطرفان الجزائريوالصيني رغبتهما في تعزيز التعاون البيني والانتقال به نحو آفاق جديدة، من خلال قفزة نوعية تنقله من المجالات التقليدية كالبناء والبنى التحتية والاتصالات، إلى مجالات أوسع، تأخذ بعين الاعتبار القطاعات التي توليها الجزائر أولوية ضمن مخططها الخماسي للتنمية، منها الفلاحة والصناعة والسياحة. ومن هذا المنطلق اعتبر السيد بوشوارب الذي ترأّس أمس رفقة رئيس مجلس ترقية التعاون جنوب - جنوبالصيني ليو كسينهوا، ملتقى لرجال أعمال البلدين بالجزائر العاصمة، أن اللقاء يحمل "أهمية خاصة"، لاسيما أنه يأتي أشهرا قليلة عقب منتدى الأعمال المنعقد بالصين، والذي "أكد التكامل والترابط بين الصينوالجزائر"، والغرض هو "قطع شوط جديد في مسار تعميق شراكة نريدها استراتيجية وطموحة"، كما أشار إليه. وبالنسبة لوزير الصناعة، فإن حيوية الاقتصاد الصيني واندماجه الموفق ضمن الاقتصاد العالمي، يفتح آفاقا جديدة أمام توسع العلاقات بين الجزائروالصين في الميادين الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية. وقال في هذا السياق: "إن اتساع المبادلات التجارية يجب أن يدرج ضمن منظور وأعني هنا منظور الاستثمار وبالأخص في الصناعة". وأصبحت الصين الممون الأول للجزائر في السنوات الأخيرة، بعد أن استطاعت زحزحة فرنسا عن الريادة. وتشير الأرقام إلى أن الصين صدرت للجزائر سنة 2014 مايقارب 8.2 ملايير دولار من السلع بارتفاع يقارب 20 بالمائة مقارنة بسنة 2013. وقدر حجم الواردات الجزائرية من الصين في شهر أوت وحده 673 مليون دولار، مايمثل 16.31 بالمائة من إجمالي الواردات الجزائرية،وهو ماسمح لها بالاحتفاظ بموقعها الريادي. من جهة أخرى، فإن للمؤسسات الصينية من خلال حضورها في الجزائر ومشاركتها الإيجابية في مشاريع المنشآت القاعدية والنقل والاتصالات، دراية وخبرة بالسوق الجزائرية، كما ذكر به السيد بوشوارب، الذي شدد على أن الوقت قد حان لتعميق وتنويع العلاقات الاقتصادية، مضيفا بأن "الظروف صارت اليوم مواتية لتشجيع المتعاملين الاقتصاديين في بلدينا وذلك بإقامة شراكات في مجالات الصناعة والفلاحة والسياحة والتكنولوجيا والخدمات". وأوضح بهذا الخصوص أن الحكومة الجزائرية تضع الشراكة في صلب اهتماماتها وتسخر لذلك جميع الوسائل الضرورية، لاسيما أشكال الحماية للمستثمرين من خلال قانون الاستثمار الجديد الذي قال انه يمنح "مزايا استثنائية للاستثمارات ذات الأهمية". ودعا الصينيين إلى الاستثمار في مشروع الميناء التجاري الجديد للوسط والذي سيتم عبر شراكة بين القطاعين العام والخاص، الوطني منه والأجنبي والذي سينطلق في الأشغال خلال 2016. وأشار إلى أنه من خلال مشاريع كهذه "يمكن لبلدينا أن يذهبا سويا نحو الأسواق الإفريقية أولا وأيضا كل أسواق منطقة الحوض المتوسط وجنوب أوروبا والبلدان العربية"، لافتا الى أن المؤسسات الصينية لديها ما يكفي من الخبرة لتجد مكانها في هذه الشراكة، وقال "نحن نعول كثيرا على تحكمكم في مجال تشييد وتسيير الموانئ وحركة الملاحة الدولية". دعوة مماثلة وجهت لهم من أجل المشاركة في مشروع استغلال منجم الحديد لغار جبيلات بتندوف الذي يتطلب خبرة وتكنولوجيا عالية وموارد مالية هامة، "كلها عوامل تتوفر عليها المؤسسات الصينية"، والمدعوة كذلك لاستغلال مشروع "منغنيز بشار". من جانب آخر، ثمن الوزير اهتمام العلامات الصينية لإنشاء مصانع للتركيب في الجزائر، مؤكدا تقديم الدعم من طرف السلطات. وحث المتعاملين الصينيين على بحث سبل تطوير نشاطات المناولة وصناعة قطع غيار السيارات. وفي مجال الصناعات الالكترونية طمأن السيد بوشوارب طمأن السيد بوشوارب المتعامل الصيني المهتم بالشراكة مع المؤسسة الوطنية للصناعات الالكترونية ENIE وقال إن المؤسسة وعمالها لم يتأثروا بالحادث الأخير وكلهم عزم أكثر من أي وقت مضى للدخول في شراكة مربحة. واختتم الوزير كلمته بالتأكيد على أمله في بعث ماسماه "طريق حرير للصناعة بين الجزائروالصين للذهاب معا نحو أسواق المنطقة"، معبرا عن قناعته بأن رجال الأعمال الصينيين هم في أفضل موقع للمساهمة في هذه العملية الكبرى. نفس الارادة عبر عنها المسؤول الصيني، الذي أشار في كلمة ألقاها أمام وفدي البلدين، إلى أن الزيارة تهدف أساسا إلى "تعزيز التعاون بين القوى الانتاجية في البلدين وتبادل وجهات النظر وبحث فرص الشراكة". وقال إن تعاون القوى الانتاجية لاسيما في البلدان النامية، يعد الحل الأنجع لتحقيق الانتعاش الاقتصادي، لاسيما بعد الأزمة التي عصفت منذ سبع سنوات بالاقتصاد العالمي. واعتبر أن للصين بخبراتها وإمكانياتها، لاسيما جودة عملها وسرعة إنجازها، القدرة على تجسيد المشاريع المبرمجة في إطار المخطط الخماسي للتنمية 2015-2019. وأكد أن الصين تعد الدول العربية ومن بينها الجزائر "وجهة مهمة" حاليا للاستثمارات الصينية. وقال رئيس مجلس ترقية التعاون جنوب-جنوب إن الصين ستلتزم "بمسؤولية أخلاقية ومنفعة متبادلة في تعاونها مع الجزائر، وستأخذ مطالبها بعين الاعتبار". وفي ندوة صحفية مشتركة أعقبت اللقاء، أكد وزير الصناعة والمناجم أن البلدين يسعيان إلى الوصول إلى "شراكة إستراتيجية"، مشيرا إلى أن هناك مفاوضات حول مشاريع مشتركة منذ أشهر ستعرف تطورا في الميدان، لاسيما في الصناعة وتحويل المعادن وتركيب السيارات والشاحنات. من جانبه، تحدث المسؤول الصيني عن رغبة بلاده في نقل التكنولوجيا والخبرة إلى الجزائر وحتى القيام بالتمويل، إذ أكد الاستعداد لاستخدام احتياطات الصين المالية البالغة 4 تريليون دولار في تمويل مشاريع بالدول النامية ومنها الجزائر. كما قال انه رغم اهتمام الصين بقطاعات جديدة، إلا أنها تواصل رغبتها في الاستثمار بمجالات البنى التحتية والبناء والنقل والحديد والصلب.