كشف وزير المالية، عبد الرحمان بن خالفة، عن نظام لمراقبة عمليات الغش في مجال التجارة الخارجية، سيتم اعتماده بداية من شهر جانفي المقبل، لمنع محاولات تضخيم الفواتير من قبل المستوردين، يشمل، على وجه الخصوص، رقمنة عمليات التوطين البنكي، وتمكين مصالح الجمارك والضرائب من الاطلاع عليها وتحديد هوية المتعاملين. وجاء إعلان وزير المالية أول أمس على هامش الجمعية العامة للمجلس الوطني للتأمينات، عن النظام الإعلامي الجديد لمكافحة تهريب العملة الصعبة إلى الخارج، تعقيبا على الجدل الذي أثارته تصريحات وزير التجارة بختي بلعايب، الذي كشف عن أرقام مثيرة حول عمليات الغش المسجلة في مجال التجارة الخارجية. وحتى إن كانت تصريحات هذا الأخير قد أسيئ فهمها، حسبما جاء في توضيح وزارة التجارة، إلا أن الوزير بلعايب لم ينف في الاجتماع الذي جمعه بأعضاء لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي الوطني في إطار دراسة مشروع قانون المالية لسنة 2016، وجود تجاوزات وإفلات من الرقابة من طرف بعض المستوردين، "الذين يمارسون التجارة بهدف تهريب العملة الصعبة وتضخيم الفواتير"، مشيرا إلى أن وزارته تعمل حاليا مع قطاعات أخرى، على وضع قائمة بالمواد المستوردة وتصنيف كبار المستوردين.. كما لم يُخف البيان التوضيحي الذي نشرته وزارة التجارة حول تصريحات الوزير، وجود تحايل خطير وغش من قبل بعض المستوردين في التصريح بقيمة السلع المستوردة، حيث أوضح البيان أن نسبة 30 بالمائة التي فُهمت في البداية على أنها تمثل الحجم الإجمالي للقيم المالية المهربة في إطار نشاط الاستيراد، تمثل، في حقيقتها، متوسط الحجم المضخم في الفواتير المصرح بها من قبل المستوردين. ولم يتوان الوزير في توضيحه، في الإشارة إلى أن نسبة التضخيم قد تصل إلى نسب عالية جدا تتراوح بين 200 و300 بالمائة من القيمة الحقيقية للسلع، غير أنه أوضح أن الأمر لا يعني كل المستوردين وإنما عدد منهم يمارسون التحايل أثناء استيراد السلع من الخارج. وإذ أشارت توضيحات وزير التجارة إلى أن مكافحة ظاهرة تهريب العملة والغش في التجارة الخارجية تُعد من أولويات الحكومة، التي تسهر على تشديد عمليات الرقابة، من خلال وضعها الآليات المناسبة لذلك، مبرزا في هذا الخصوص، أهمية نظام تراخيص الاستيراد الذي تم إقراره مؤخرا. وجاء إعلان وزير المالية عن وضع جهاز معلوماتي عصري لمتابعة ومراقبة نشاط التجارة الخارجية، ليؤكد حرص الحكومة على وضع حد للممارسات غير الشرعية لبعض المستوردين. فحسب السيد بن خالفة فإن هذا النظام الجديد لتسيير عمليات الاستيراد ومكافحة المتحايلين، يُعد بمثابة وسيلة آلية لمراقبة القيم، حيث سيتم بداية من جانفي القادم طبقا لتوضيحات الوزير، إلغاء العمل بالوثائق الورقية في عمليات التوطين البنكي، وإنما ستصبح هذه العمليات آلية، ترتكز على نظام معلوماتي تشترك فيه مختلف مصالح التجارة الخارجية، حيث سيكون بإمكان مصالح الضرائب والجمارك تحديد هوية المتعامل فور تسجيله لدى البنوك. كما ذكّر الوزير، في نفس السياق، بأهمية الاعتماد على رقم التعريف الجبائي والرقم التعريفي الوطني، لمعرفة هوية المتعاملين المسجلين بشكل رسمي في قائمة المستوردين، مؤكدا أن دخول هذا النظام الجديد حيز الخدمة سيسمح بتسريع عمليات التجارة الخارجية من جهة، وضبط المتعاملين المتحايلين من جهة أخرى، حيث سيكون بإمكان مصالح الرقابة مقارنة قيم السلع المصرح بها من قبل المتعاملين بقيمتها الحقيقية في السوق. للتذكير، فقد شدد الوزير الأول عبد المالك في التعليمة التي وجّهها نهاية العام الماضي للحكومة والولاة ومصالح المديرية العامة للوظيف العمومي والإصلاح الإداري، لحثهم على الامتثال لإجراءات توخي سياسة عقلانية صارمة في مجال النفقات العمومية، على ضرورة العمل بصفة منسقة بين مختلف الهيئات المكلفة بمراقبة التجارة الخارجية، من أجل تعزيز مراقبة الترتيبات العملياتية المتعلقة بهذا النشاط، وإنجاح إجراءات التصدي بلا هوادة، للتحويلات غير القانونية للعملة الصعبة. كما قامت الحكومة في إطار تطهير نشاط الاستيراد والتخفيف من حدة الفاتورة السنوية التي فاقت 60 مليار دولار، بإصدار تعليمات لمنع استيراد السلع والمواد المنتجة محليا، فيما يُرتقب دعم هذه الإجراءات بتدابير أخرى لترشيد نشاط الاستيراد وتنظيمه أكثر، عبر التخلص من العمليات غير المجدية والمضرة بالاقتصاد الوطني.