أخطر أمس رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، المجلس الدستوري ليصدر رأيا معللا حول المشروع التمهيدي المتضمن مراجعة الدستور، طبقا للمادة 176 من هذا الأخير. وذلك بعد مصادقة مجلس الوزراء الذي ترأس اجتماعه رئيس الجمهورية أمس المخصص لعرض المشروع. وتنص المادة 176 من الدستور على أنه "إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، وعلل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي، متى أحرز ثلاثة أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان". وكلف رئيس الجمهورية الحكومة بالعمل بمعية البرلمان، على التحضير والمصادقة على القوانين التي ستنبثق عن التعديل الدستوري وتوفير"الشروط اللازمة" لتنصيب الهيئات المستحدثة. وفي تدخله بعد موافقة مجلس الوزراء على المشروع، صرح رئيس الدولة قائلا: "فور المصادقة على المشروع، و تلكم أمنيتي، من طرف البرلمان صاحب السيادة، ستنطلق ورشة كبيرة من أجل تنفيذه"، مؤكدا أنه "في هذا المضمار، سيتعين على الحكومة العمل، بسعي من البرلمان وبمساعدته على تحضير القوانين المترتبة عن هذه المراجعة الدستورية والمصادقة عليها وتوفير الشروط اللازمة لتنصيب الهيئات المستحدثة". وخلص رئيس الجمهورية إلى القول: "أملي أيضا أن يستلهم الأعوان العموميون في كل القطاعات والمتعاملون الاقتصاديون وكافة المواطنين والمواطنات من نص و من روح دستورنا الذي تم إثراؤه ليستمدوا منه كل في مجاله الكثير من المحفزات لمزيد من البذل والعطاء في البناء الوطني". رئيس الجمهورية أكد أن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور يشكل "تتويجا لورشة واسعة من الإصلاحات السياسية" التي شارك فيها أصحاب "النوايا الحسنة" الوطنية والسياسية والجمعوية. وتوجه رئيس الجمهورية بالشكر إلى "كل الذين وافقوا على تقديم مساهمتهم، آملا أنهم وجدوا في هذا النص جزءا معتبرا من الآراء التي طرحوها". وأضاف رئيس الجمهورية أن جيلا بطوليا حرر الجزائر من نير الاستعمار و "واصل نضاله من خلال إقامة جمهوريتنا وإطلاق البناء الاقتصادي للبلاد ليتسلم جيل آخر المشعل من أجل إرساء ديمقراطيتنا التعددية والعمل على بروز اقتصاد سوق تنافسية حقيقية". نص بيان مجلس الوزراء ترأس رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة أمس (الاثنين) بالجزائر اجتماعا لمجلس الوزراء، توج ببيان فيما يلي نصه الكامل: "ترأس السيد عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الجمهورية أمس الاثنين 11 جانفي 2016 الموافق ل1 ربيع الثاني 1437 اجتماعا لمجلس الوزراء. وبهذه المناسبة، صادق مجلس الوزراء بعد الدراسة على المشروع التمهيدي المتعلق بمراجعة الدستور. تم إعداد مشروع مراجعة الدستور الذي بادر به رئيس الجمهورية، الذي تابع عن كثب تطوراته بعد ثلاث جولات من الحوار، استدعيت فيها الطبقة السياسية والحركة الجمعوية وكذا الشخصيات الوطنية، تحصلوا كلهم على نسخة من هذه الوثيقة خلال الأيام الأخيرة. وتسعى التعديلات الدستورية المقترحة إلى تعزيز الوحدة الوطنية مع إبراز قيمة تاريخنا وترقية المكونات الثلاث للهوية الوطنية وهي الإسلام والعروبة والأمازيغية. كما يسعى مشروع مراجعة الدستور إلى إرساء الديمقراطية التعددية في البلد من خلال التأكيد على حرية التظاهر السلمي وحرية الصحافة وحرية الاطلاع على المعطيات والمعلومات في إطار القانون وإقرار حقوق جديدة لصالح المعارضة البرلمانية، بما في ذلك حق إخطار المجلس الدستوري حول نصوص القانون وتعزيز الرقابة البرلمانية على الحكومة. كما تم اقتراح ضمانات جديدة لتعزيز الشفافية ونزاهة النظام الانتخابي بما في ذلك استحداث هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات. كما ستعزز مراجعة الدستور المقترحة أسس دولة القانون، لاسيما عبر إثراء الحقوق الفردية وإقرار حقوق جديدة لفائدة المتقاضين. ومن جهة أخرى، تدرج مراجعة الدستور قواعد من شأنها مرافقة تطوير اقتصاد السوق في ظل التمسك بالعدالة الاجتماعية والحفاظ على الحقوق الاجتماعية للمواطنين. وأخيرا، ستعزز مراجعة الدستور دور مجلس المحاسبة والمجلس الدستوري. كما أنها تنص على دسترة أو استحداث فضاءات استشارية خاصة بحقوق الإنسان والشباب والحوار الاقتصادي والاجتماعي والبحث العلمي. وفي تدخله بعد الموافقة على المشروع التمهيدي للقانون المتعلق بمراجعة الدستور، صرح رئيس الجمهورية ما يلي: "يشكل المشروع المتضمن مراجعة الدستور الذي وافقنا عليه، تتويجا لورشة واسعة من الإصلاحات السياسية التي باشرتها منذ سنوات والتي حرصت على أن أشرك فيها كل النوايا الحسنة الوطنية والسياسية والجمعوية. أشكر كل الذين وافقوا على تقديم مساهمتهم، آملا أنهم وجدوا في هذا النص جزءا معتبرا من الآراء التي طرحوها. "إن الطموح الذي يحمله هذا الاقتراح الخاص بمراجعة الدستور، يتمثل في تزويد الوطن بمعايير متجددة في المجالات السياسية والاقتصادية والحكامة لمواجهة تحديات العصر. "حقا لقد حرر جيل بطولي الجزائر من نير الاستعمار وواصل نضاله من خلال إقامة جمهوريتنا وإطلاق البناء الاقتصادي للبلاد ليتسلم جيل آخر المشعل من أجل إرساء ديمقراطيتنا التعددية والعمل على بروز اقتصاد سوق تنافسية حقيقية. "تستجيب مراجعة الدستور للتحديات الراهنة، كما أنها تمهّد الطريق للأجيال الصاعدة لصالح جزائر تزداد سنة بعد سنة تجذرا في تاريخها وقيمها وحرصا على استقلالها وسيادتها الوطنيين وعزما على تبوء مكانتها في محفل الأمم بفضل وحدة داخلية تعززها الديمقراطية وبفضل الاستثمار الفعلي لكل الطاقات البشرية والاقتصادية". "وفور المصادقة على المشروع، وتلكم أمنيتي من طرف البرلمان، صاحب السيادة، ستنطلق ورشة كبيرة من أجل تنفيذه". وفي هذا المضمار، سيتعين على الحكومة العمل بسعي من البرلمان وبمساعدته على تحضير القوانين المترتبة عن هذه المراجعة الدستورية والمصادقة عليها وتوفير الشروط اللازمة لتنصيب الهيئات المستحدثة. وخلص رئيس الجمهورية للقول "أملي أيضا أن يستلهم الأعوان العموميون في كل القطاعات والمتعاملون الاقتصاديون وكافة المواطنين والمواطنات من نص و من روح دستورنا الذي تم إثراؤه ليستمدوا منه كل في مجاله، الكثير من المحفزات لمزيد من البذل والعطاء في البناء الوطني". إثر هذا الاجتماع، أخطر رئيس الجمهورية طبقا للمادة 176 من الدستور المجلس الدستوري ليصدر رأيا معللا حول المشروع التمهيدي المتضمن مراجعة الدستور.