اضطر المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر مجددا إلى إلغاء زيارة له كانت مقررة أمس إلى العاصمة الليبية طرابلس ضمن المساعي الرامية لتحضير الأرضية لنقل مقر حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن الاتفاق السياسي الموقع بين الفرقاء الليبيين شهر ديسمبر الماضي إلى طرابلس. واكتفى المبعوث الأممي في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي الإعلان عن إلغاء زيارته مجددا مع التذكير أنه يجب تمكين البعثة الأممية من التوجه الى طرابلس.ولم يقدم كوبلر أي توضيحات حول الأسباب التي دفعته الى إلغاء زيارته غير أن مسؤول من البعثة الاممية أشار الى انه تم تعطيل رحلة كوبلر المتواجد في تونس نحو طرابلس دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل حول الجهة الواقفة وراء هذا التعطيل. ويبدو أن السلطة القائمة في طرابلس التي تحظى بدعم قوات "فجرر ليبيا" المحسوبة على المليشيات الإسلامية تكون وراء إلغاء كوبلر لرحلته وهي التي سبق وأعلنت رفضها تسليم السلطة الى حكومة قالت إنها "فرضت من الخارج". والمشكلة أنه ليس فقط حكومة طرابلس ترفض الاعتراف بحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج بل حتى حكومة طبرق المؤقتة بقيادة عبد الله الثني والمعترف بها دوليا رفضت هي الأخرى التعامل مع هذه الحكومة التي تريدها المجموعة الدولية ان تكون الممثل الوحيد والشرعي للشعب الليبي. وهو ما جعل عدة متتبعين للشأن الليبي يرون في رفض كلا السلطتين الغريمتين في ليبيا حكومة الوفاق أنه سيزيد في تعقيد مشهد ليبي متسم بالفوضى أصلا وازداد تعقيدا مع استقواء تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي الماضي في فرض منطقه بعدة مناطق من هذا البلد المضطرب. وبحسب هؤلاء فإن ليبيا التي كانت تقاد برأسين أصبحت اليوم بثلاثة رؤوس مع بروز حكومة ثالثة ممثلة في حكومة الوفاق التي منحها المجلس الرئاسي المنبثق عن الاتفاق السياسي الضوء الأخضر لممارسة مهامها حتى قبل حصولها على الثقة من مجلس النواب وفق ما تضمنه الاتفاق السياسي.وتكون ليبيا بذلك قد سقطت مجددا في فخ الشرعية الذي كان السبب الرئيس في بروز سلطتين واحدة في طبرق وأخرى في طرابلس واليوم سلطة ثالثة في الخارج دون نسيان تحذيرات المبعوث الاممي مارتن كوبلر الذي تحدث سابقا عن حكومة رابعة من تشكيل "داعش" قال بأنها فعالة على ارض الواقع بما تقترفه من اعتداءات واستيلاء على الأراضي وفرض منطقها بالقوة.وهو ما يفسر إصرار دول الجوار الليبي في اجتماعهم اول امس بالعاصمة تونس على الالتفاف حول المشروع السياسي الليبي ورفض التدخل العسكري في بلد جار اكتوى قبل خمس سنوات بتدخل عسكري دولي بقيادة حلف الناتو أطاح بنظامه السابق لكنه ترك ليبيا تتخبط في فوضى أمنية عارمة لم تجد مخرجا لها الى غاية الآن.