أكد الوزير الأول عبد المالك سلال أمس من تيزي وزو أن الدولة لا تقف ضد أي متعامل اقتصادي يطمح إلى ربح المال وإشراك الجزائر في ربحه، مشيرا إلى أن ما يهم فقط بالنسبة لها هو أن يكون التعامل وفق قواعد الشفافية، ودعا سلال مستثمري ولاية تيزي وزو إلى الثقة في قدراتهم وفي دعم الحكومة لهم من أجل توسيع استثماراتهم والإسهام في جهود التنمية الوطنية، مشددا على أن لا أحد بإمكانه توقيف مسار هذه التنمية التي انطلقت فيه الجزائر عبر بعث قطاعات بديلة للمحروقات. السيد سلال الذي اعتبر اللقاء الذي جمعه بالمتعاملين الاقتصاديين لولاية تيزي وزو بالقاعة متعددة الرياضات لمركب أول نوفمبر لقاء عائليا، أبرز القدرات الاقتصادية الكبيرة التي تزخر بها ولاية تيزي وزو ولاسيما في مجالات الفلاحة والصناعة والسياحة، مشيرا إلى أن الولاية تحتاج اليوم إلى دفع ومعالجة المشاكل التي تعترضها وفي مقدمتها مشكل العقار الصناعي الذي لا يزال يعترض إنجاز المشاريع بالولاية. وأعرب بالمناسبة عن التزام الحكومة بتحريك التنمية بالولاية وإيجاد الحلول اللازمة لهذا المشكل وغيره من المشاكل التي تعترض سير الاستثمار بالولاية وبغيرها من ولايات الوطن. وجدد الوزير الأول الذي ألح على ضرورة التضامن بين الحكومة والمتعاملين الاقتصاديين، التأكيد على أن الجزائر استطاعت منذ 2014 الصمود أمام الأزمة العالمية التي مست أسعار البترول، وذلك بشهادة هيئات الخبرة الدولية بما فيها صندوق النقد الدولي، وأوضح في نفس الصدد أنه بخلاف الكثير من الدول المنتجة للبترول التي عرفت ركودا، فقد واجهت الجزائر الصدمة وقاومتها بشكل جيد بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بتوجيهات من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. غير أن هذه الوضعية الصعبة التي تسببت في تراجع مداخيل البلاد لارتباطها بقطاع واحد هو المحروقات، تدفع اليوم الجزائر إلى التفكير في إعادة بناء اقتصادها على أسس سليمة ومتنوعة. ثلاثية الأحد القادم تبحث ثلاث نقاط في سياق متصل كشف الوزير الأول أن اجتماع الثلاثية الذي يجمع الحكومة بالنقابة وأرباب العمل الأحد المقبل، سيبحث في ثلاث نقاط أساسية تشمل نموذج التطور الاقتصادي وبعض الإجراءات الأخرى التي تمس إعادة الهيكلة الاقتصادية للبلاد وكذا التوجه نحو سياسة النمو وخلق الثروة "التي تعتبر اليوم الحل الوحيد والأنسب بالنسبة للجزائر" وبلغة المتفائل أشار السيد سلال إلى أن الجزائر تتوفر على قدرات تسنح لها بتجاوز تبعات الأزمة، بالرغم من توقع استمرار تراجع أسعار النفط في 2016 وفي 2017، لافتا إلى أن هذه التوقعات تنبؤ بانفراج الوضع في 2018، حيث يرتقب ارتفاع الأسعار في السوق الدولية واحتفاظها على مستوى مرتفع إلى غاية سنة 2033. وذكر بأن الجزائر ستواصل بالموازاة مع تجسيد برنامج التنويع الاقتصادي، إنتاج البترول والغاز لمرافقة التطور الاقتصادي وذلك لتفادي اللجوء إلى المديونية الخارجية، كما ستعمل حسبه على تطوير مجال الاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة الذي قد يشهد مستقبلا استحداث وزارة خاصة به، على حد قوله. الحكومة ليست مقصّرة في رفع العراقيل وإذ دعا المستثمرين إلى الثقة في أنفسهم وفي الحكومة التي لن تتوقف حسبه عن اتخاذ كافة التدابير الكفيلة برفع العراقيل التي تعترض المتعاملين الاقتصاديين، ذكر الوزير الأول ببعض الحلول التي تم اتخاذها من أجل تذليل هذه الصعاب، حيث أشار بالنسبة لمشكل العقار الصناعي بتيزي وزو إلى مساعي قائمة على مستوى وزارة الصناعة لإيجاد مناطق نشاط ومناطق صناعية على غرار المنطقة التي تم تحديدها بمنطقة عزازقة والممتدة على مساحة 35 هكتار. الأشكال الثاني الذي تطرق له السيد سلال يتعلق بالتمويل البنكي، وفي هذا الإطار أشار رئيس الجهاز التنفيذي إلى أنه بالرغم من أن الأرقام تبين أن القروض الموجهة للاستثمار والاقتصاد في ارتفاع مستمر وبلغت نسبة 22 بالمائة، "غير أننا نبقى بعيدين عن الهدف المتوخى وهو 30 بالمائة مع نهاية السنة ثم الارتفاع إلى 50 بالمائة مستقبلا". وفي حين شدد على ضرورة التخلي عن سياسة التسيير الاشتراكي للاقتصاد، اعتبر السيد سلال أن المشكل العويص الآخر الذي يعترض تقدم الاقتصاد الوطني يرتبط بالذهنيات القديمة في التسيير، ودعا في هذا الخصوص إلى تحرير الذهنيات وتحرير المبادرات، لا سيما بعد أن أقرت الحكومة تدابير تحمي المسيرين وترفع التجريم عن فعل التسيير، ملاحظا بأنه "رغم هذه الإجراءات "لازالت الاستجابة ضعيفة التخوف قائم لدى مسؤولي البنوك في اتخاذ قرار منح القروض، ما يتسبب في تعطيل المشاريع الاستثمارية". الارتفاع المتزايد للناتج الداخلي الخام دليل على المؤهلات الكبيرة للجزائر أكد الوزير الأول أن الارتفاع المستمر والمتزايد للناتج الداخلي الخام للجزائر منذ سنة 2010، بالرغم من تخفيض الدولة لحجم الاستثمارات العمومية يعد دليلا على أن الجزائر تتوفر على مؤهلات وقدرات هائلة للنمو، داعيا إلى تثيمن هذه القدرات من خلال تطوير مشاريع هامة وذات مردودية بالنسبة للوطن والمواطن. في سياق متصل شدد سلال على ضرورة على أن يثق كل الجزائريين في قدرات بلادهم قائلا "لا أحد يمكنه وقف التطور في بلادنا"، واعتبر قاعدة 49/51 بالمائة لتنظيم الاستثمار، لا تعيق المستثمرين الوطنيين وإنما تساعدهم وتساعد المؤسسات الكبرى خاصة. ولفت في هذا الإطار إلى أن الحكومة وافقت الأسبوع الماضي على مشروع لإنتاج طائرات الهيليكوبتر مع شريك أجنبي، مؤكدا بأن هذا المشروع سيتم تجسيده على أرض الواقع مع توجيه ما سيتم تصنيعه للتصدير. وإذ دعا المتعاملين الوطنيين إلى التفكير الدائم في توسيع المشاريع، ذكر الوزير الأول أن عدد الشركات والمشاريع الجديدة بلغ خلال السنوات الثلاث الأخيرة 24500 مؤسسة، وهو ما يعادل 70 بالمائة مما تم تحقيقه في 11 سنة سابقة، ما يبين حسبه بأن الجزائر على تسير الطريق السليم ولابد من مواصلة تقدمها على هذا النهج. لسنا ضدّ من يربح ونشترط فقط الشفافية سلال الذي جدد انفتاح الدولة على كل المتعاملين والمستثمرين الذين يعملون في إطار قواعد الاقتصاد والقانون، شدد على أن الحكومة ليست ضد من يربح المال "لأن كل متعامل يربح، يربح معه الوطن"، مشترطا ضرورة توفر الشفافية في العمل والثقة التي تعتبر حسبه بيت القصيد. وفيما أشار إلى أن العدو الحقيقي للجزائريين اليوم يكمن في إدارتهم التي لازالت بطيئة وتعيق سير المشاريع الاقتصادية، أكد بأنه يتعين على الجزائر اليوم لضمان استقرار اقتصادي عدم تجاوز 30 مليار دولار من الواردات، مشيرا إلى مفتاح التنمية في الجزائر بيد أبنائها، وكذا في السياسات الرشيدة التي تستدعي حسبه ترشيد النفقات وتقويم سياسات الاقتصادية والاجتماعية على غرار إعادة النظر في نظام التقاعد. واعتبر في سياق متصل من غير المنطقي أن ترتفع البطالة ولو بنسبة ضئيلة في الفترة الأخيرة حيث بلغت 11,06 بالمائة وفي المقابل يسجل احتياج ب800 ألف منصب شغل في الفلاحة و400 ألف في قطاع البناء. الوزير الأول في زيارة عمل وتفقّد إلى ولاية تيزي وزو: عهد البترول انتهى ويجب تنمية قطاعات أخرى أكد الوزير الأول السيد عبد المالك سلال أمس الأحد من ولاية تيزي وزو، أن الجزائر قررت عدم الاعتماد على الاقتصاد المبني على مداخيل المحروقات قائلا أن "عهد البترول قد انتهى، ويجب تطوير قطاعات أخرى"، داعيا الفلاحيين من أبناء منطقة تيزي وزو إلى دفع وتطوير المنتجات الفلاحية كزيت الزيتون الذي تعرف الولاية بإنتاجها الوافر له واحتوائها مؤهلات يمكن بفضلها تطوير وتشجيع منتجات فلاحية بغية التوجه نحو التصدير في أفاق 2017. خلال زيارة عمل وتفقد قادته إلى ولاية تيزي وزو رفقة وفد وزاري، تفقد الوزير الأول المؤسسة الجهوية للهندسة الريفية جرجرة بتادميت (المخرج الغربي لولاية تيزي وزو)، أين دعا إلى ضرورة العمل على تطوير ودفع الإنتاج الفلاحي لتنويع الاقتصاد الوطني بغية الخروج من دائرة الاعتماد على المحروقات. وخلال اطلاعه على أرقام مختلف المنتجات الفلاحية بولاية تيزي وزو خاصة إنتاج الزيتون، الحليب واللحوم الحمراء، دعا السيد سلال، مسؤولي قطاع الفلاحة والفلاحين إلى مضاعفة الجهود بغية رفع المنتوج وتحسين الجودة والتوجه نحو التصدير في آفاق 2017. وقال في هذا الصدد أن "الدولة تعمل اليوم على تنويع المنتجات خارج المحروقات، وأن تطوير قطاعات أخرى كالفلاحة مهم جدا بغية التحرير من التبعية الاقتصادية". وحث الوزير الأول، مسؤولي المؤسسة الجهوية للهندسة الريفية للعمل على توسيع هذا الفضاء لإنتاج أنواع عديدة من النباتات وأشجار الفواكه وغيرها، حتى تساهم في تطوير الفلاحة محليا ووطنيا، داعيا القائمين على المؤسسة إلى تطوير منتجاتها والاهتمام بالجانب الصناعي. وتفقد الوزير الأول مشتلة "الكوكب الأخضر" التي تتربع على مساحة 15 هكتارا، 28 بيتا بلاستيكيا خاصا بنباتات الزينة و40 أخرى خاصة بأشجار الفواكه، حيث يسعى القائمون عليها إلى تسويق مليون نبتة سنويا نصفها نبتة زيتون و380.000 شجيرات تفاح وإجاص وبرتقال... إلى جانب 120 ألف نبتة مثمرة تشمل اللوز، والكرز والتين وغيرها. ودشن الوزير الأول المكتبة المركزية التابعة للمكتبة الوطنية بحي ستيتي، التي تم تدعيمها ب1000 مرجع بمختلف العناوين وهي تتسع لنحو 90 ألف كتاب، ودعا الوزير سلال خلال تفقد قاعات المنشأة وظروف استقبال المواطنين إلى رفع عدد المراجع إلى 2000 مرجعا، وكذا العمل على إبرام اتفاقات توأمة مع مكتبات أجنبية وتمديد ساعات العمل إلى غاية منتصف الليل لتمكين روادها من المطالعة في أي وقت، وإثراء المكتبة بكتب امازيغية. وكانت زيارة الوزير الأول إلى تيزي وزو فرصة لتدشين المؤسسة الاستشفائية الخاصة "شهداء محمودي" بالمدينة الجديدة، حيث جاب مختلف أجنحة المؤسسة المتخصصة في علاج السرطان وفق المعايير الدولية، وطالب مسؤوليها باستقبال المرضى من خارج الولاية للعلاج بهذه المؤسسة بغية جعل التجهيزات محققة للأرباح، خاصة وأن التجهيزات ذات نوعية رفيعة، مشيرا إلى أن الاستثمارات في قطاع الصحة من جانب الخواص يجب أن يتوجه نحو التخصصات الكبيرة والتجهيزات الطبية الكبيرة بغية مرافقة مؤسسات القطاع العمومي. وأشرف السيد سلال بدار الثقافة مولود معمري بمدينة تيزي وزو على افتتاح أشغال الملتقى الوطني الثاني حول التعليم القرآني، وهي التظاهرة التي تنظمها مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية تيزي وزو بالتنسيق مع تنسيقية الزوايا. وانتقل الوزير الأول والوفد المرافق له إلى منطقة آث يني، حيث أعطى إشارة انطلاق الربط بغاز المدينة لفائدة 1500 عائلة على مستوى قرية أقوني أحمد، كما كانت الزيارة فرصة للوزير الأول للاطلاع على البرامج المختلفة التي التي استفادت منها الولاية في مجال الربط بغاز المدينة، حيث قدم مدير الطاقة حوصلة لمختلف العمليات التي سمحت للعديد من بلديات الولاية من استغلال هذه الطاقة. وبمنطقة بني يني وقف سلال على قبر الكاتب الراحل مولود معمري، حيث وضع باقة من الزهور وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على روحه. كما وضع السيد سلال حجر الأساس لتوسيع مصنع "نوفو نورديسك" بالمنطقة الصناعية واد عيسي، وهي العملية التي خصص لها مبلغ 30 مليون أورو ومن شأنها رفع الإنتاج وتلبية الطلب المحلي على مختلف المنتجات الصيدلانية. كما زار الوزير الأول مصنع الكتروصناعة "لونال" فريحة بدائرة اعزازقة، حيث شدد على الإسراع في أشغال توسيع المصنع وإنهائها قبل نهاية 2017 بغية مباشرة الإنتاج في 2018، خاصة وأن من شأن هذا المشروع الطموح تحقيق رقم أعمال قيمته 25 مليون أورو وتشغيل يد عاملة كبيرة. وانتقل الوزير عقب ذلك إلى منطقة النشاطات ثالة عثمان، حيث تفقد وحدة إنتاج الطوب، ليختتم زيارته بتنظيم لقاء مع المستثمرين بمقر الولاية.