تسعى الحكومة لتقليص فاتورة الاستيراد ب30 مليار دولار خلال الثلاث أو الأربع سنوات القادمة بالتخلي عن استيراد العديد من المنتوجات التي يمكن صناعتها محليا بعد الشروع في تطبيق التدابير الجديدة التي ينص عليها مشروع قانون الاستثمار الجديد وقوانين المالية التي أقرت عدة تحفيزات لخلق صناعات ناشئة تماشيا مع التوجهات الجديدة للاقتصاد حسبما أفاد السيد عبد السلام بوشوارب وزير الصناعة والمناجم. وأضاف السيد بوشوارب أن الاستثمارات الجديدة التي أطلقتها الدولة مؤخرا ستمكن من تقليص فاتورة الاستيراد بتحقيق اكتفاء ذاتي في عدة مواد وسلع خاصة ما تعلق بمواد البناء كالاسمنت حيث ستتخلى الدولة نهائيا عن استيراد الاسمنت ابتداء من السنة المقبلة بعد استلام وحدات الإنتاج الجديدة وتوسيع وحدات أخرى عملياتية مثل وحدتي بسكرة اللتين ستشرعا ابتداء من الأسبوع المقبل في إنتاج 4 ملايين طن سنويا، بالإضافة إلى الوصول إلى إنتاج ما قدره 9 ملايين طن من مادة الحديد ابتداء من 2018، بالإضافة إلى الفوسفات حيث ستوقع وزارة الصناعة يوم الإثنين المقبل على عقود مع شريك أندونيسي لإقامة ثلاثة مشاريع لإنتاج الفوسفات ببلادنا يصل معدل إنتاجها إلى 6 آلاف طن سنويا ابتداء من 2019، وهي كمية كافية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتوجيه كميات معتبرة للتصدير حسب الوزير. وأشار السيد بوشوارب في رده على تدخلات أعضاء مجلس الأمة خلال مناقشة مشروع القانون المتعلق بترقية الاستثمار أمس إلى أن المشروع الجديد المتعلق بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي سيصدر في شهر سبتمبر القادم والذي يعد مكملا لقانون الاستثمار سيجسد هذه الرؤية التي سطرتها الدولة كأولوية لتقليص فاتورة الاستيراد بدعم الإنتاج الوطني وتقديم تحفيزات للمستثمرين لتشجيعهم على الإنتاج وخلق منافسة قوية. وجدد السيد بوشوارب التذكير في رده عن مداخلات أعضاء الغرفة السفلى للبرلمان بأن الدولة متمسكة بقاعدة الشراكة 51 / 49 ولن تتخلى عنها حماية للاقتصاد الوطني. غير أنه لم يستبعد صعوبة تطبيق هذه القاعدة في كل القطاعات بالنظر للظروف الاقتصادية الراهنة، مما يستدعي التفكير في كيفية تكيفها مع هذه التحولات لترقية الشراكة وحماية مصالح كل الأطراف. وفي السياق قال السيد بوشوارب أن الدولة تريد أن تحقق من خلال هذه القاعدة شراكة حقيقية تضمن الربح للشريك الأجنبي وتحافظ على مصالح الطرف الجزائري والاقتصاد الوطني. وفي حديثه عن حق الشفعة أكد الوزير أن هذا الأخير لم تطرأ عليه تغيرات وكان محل تجديد لجعله يتماشى مع التحولات الجديدة التي يعرفها الاقتصاد في كل العالم. وصرح السيد بوشوارب أن قانون ترقية الاستثمار وبالرغم من التحفيزات التي جاء بها فانه غير قادر على حل كل المشاكل الاقتصادية للبلاد وحده، بل لا بد من تهيئة المناخ الاقتصادي بمحاربة البيروقراطية وتوفير العقار الصناعي بفتح سوق العقار للخواص. وأشار ممثل الحكومة إلى أن مشروع قانون ترقية الاستثمار جاء تنفيذا لأحكام الدستور الجديد الذي رسم لأول مرة منذ الاستقلال معالم واضحة للاقتصاد الوطني كاقتصاد حر مبني على مبادئ اجتماعية، مضيفا أن المشروع أدخل تحفيزات جديدة وحرص على ترشيد المنظومة الاقتصادية بالتقليل من تكاليف الاستيراد. كما استطرد قائلا بأن المشروع يأتي في ظرف حساس يتطلب تجنيدا شاملا على كافة الأصعدة لتطوير الاستثمار بفتح الاقتصاد أمام علاقات الشراكة للخروج من التبعية النفطية بالبحث عن استثمارات منتجة لخلق الثروة وجلب العملة الصعبة. وصبت جل تدخلات أعضاء مجلس الأمة حول المطالبة بإنشاء هيئة للاستثمار تضم خبراء ومستثمرين ومسؤولين تنفيذيين تشتغل بالتنسيق مع الولاة لدراسة ملفات الاستثمار، مع المطالبة بإيجاد الآليات الكفيلة لحل مشكل العقار الذي يبقى أكبر عائق يقف في وجه المستثمرين. كما دعا أعضاء المجلس لوضع آليات تتعلق بمحاربة الرشوة والفساد لتشجيع الأجانب على الاستثمار بالجزائر، والعمل على إلغاء الصعوبات التي تواجههم بسبب تعقد المنظومة البنكية التي لا زالت بحاجة إلى إصلاحات عميقة لمرافقة الاستثمار على حد قولهم.