تصنّف الزاوية المختارية بعاصمة المقاطعة الإدارية أولاد جلال غربي ولاية بسكرة، من بين أهم وأعرق الزوايا على المستوى الوطني، فتأسيسها يعود إلى سنة 1815م الموافقة لسنة 1230 ه، وطوال عقود من الزمن ظلت تمثّل معلما للإشعاع العلمي والديني، وهي صرح عريق لترسيخ القيم السمحة للدين الإسلامي سواء من خلال نضال هذه الزاوية بشيوخها وطلابها زمن الاحتلال والثورة أو بعد الاستقلال، حيث واصلت هذه الزاوية بإمكانيات بسيطة جدا نشاطها، ليتخرّج منها آلاف الطلبة من حفظة القرآن، الذين تحوّلوا مع مرور السنين إلى أئمة وشيوخ عبر ربوع الوطن. عادت الزاوية المختارية بقوة في العشرية الأخيرة، وتضمّ حاليا ما يفوق 30 طالبا من عدة ولايات يزاولون حاليا حفظ القرآن ودراسته على أيدي أربعة أئمة ومدرسين في الفقه والحديث والآجرومية؛ في نظام داخلي يكفل للطلبة الإيواء والإطعام. ورغم التطوّر التكنولوجي إلاّ أنّ طريقة التدريس في هذه الزاوية العريقة، مازالت تعتمد على الطرق البدائية القديمة فيما يخصّ تحفيظ القرآن، والمتمثلة في اللوحة الخشبية ومادة الصمغ والطين الأصفر لمحو الكتابة أثناء التحفيظ. وهذه الطريقة - كما يقول الطلبة - لها خصوصيتها ونكهتها الخاصة التي تساعد كثيرا على عمليات الحفظ وبسرعة كبيرة، فيما يتم الاعتماد على بعض الأدوات المدرسية البسيطة والعادية لتدوين الدروس المتعلقة ببقية العلوم التي تدرَّس في هذه الزاوية، ولعلّ الجديد والمهم في نشاط هذه الزاوية أنها أصبحت سنويا تخرّج عددا من حفظة القرآن كاملا أو بأجزاء كبيرة؛ ما يعكس الجهود المبذولة من قبل القائمين على شؤون هذا الصرح الديني والعلمي العريق. الزاوية المختارية ليست فقط معلما دينيا لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم وعلومه المختلفة، بل إنّ هذه الزاوية تعدّ حاليا من بين أهم المعالم المساعدة على تنشيط السياحة الدينية بولاية بسكرة، والولاية المنتدبة أولاد جلال تحديدا، حيث ظلّت ولاتزال تمثّل مقصدا للزوّار والسيّاح، ويقصدها كلّ سنة المئات من الضيوف، ليتحوّل العدد إلى الآلاف في مناسبة المولد النبوي الشريف، الذي يتمّ إحياؤه سنويا بمشاركة وحضور الآلاف من المواطنين من عدة ولايات من الوطن. كما أنّ هذه الزاوية تدرَج دوما في برنامج الزيارات السياحية فيما يُعرف بالسياحة الدينية لفائدة الوفود الرسمية وغير الرسمية التي تزور الولاية في المناسبات والتظاهرات، ففي كلّ مرة يتمّ برمجة زيارة إلى هذه الزاوية للاطلاع على تاريخها وهياكلها بما فيها مسجدها العريق وزاويتها ذات الصيت الكبير. وبالرغم من هذه الأهمية التي تمثّلها الزاوية المختارية إلاّ أنّها مازالت في حاجة إلى الدعم؛ سواء من حيث إتمام عملية الترميم وإعادة الاعتبار لمسجدها وساحتها الخارجية أو حتى للطريق الرئيس المؤدي إليها، والذي يعاني التدهور منذ سنوات، وهو في حاجة ماسة إلى إعادة التهيئة ورد الاعتبار حتى يسهل وصول الزوار والسياح إلى هذه الزاوية العريقة التي بناها الشيخ المختار طيّب الله ثراه في سنة 1815 شرقي المدينة القديمة بأولاد جلال، وذلك بطلب من شيخه الكبير محمد بن عزوز البرجي، ومنذ ذلك التاريخ الخالد وهذه الزاوية تواصل عطاءها ونضالها وجهادها؛ خدمة للدين الإسلامي وتعاليمه السمحة وخدمة لكتاب الله تحفيظا وتعليما.