لم تنل أي رياضة قتالية شهرة مثل التي نالته.. البنشاك سيلات الحديثة النشأة في الجزائر (2014)، ومن سنة لأخرى تلتف حولها مجموعات كثيرة من الشباب لما تتميز به من خصائص فريدة من نوعها في الدفاع عن النفس أكثر من الفنون القتالية الأخرى. واكتشف الشباب في الآونة الأخيرة هذه الرياضة أندونيسية - ماليزية الأصل، التي تأخذ من الإسلام طابعا لها، وشرع العديد منهم في ممارستها بفضل مجهودات المدرب لحسن سكفان. هذا الأخير بادر بإدخالها إلى الجزائر بعد أن وجد كل الدعم من السلطات الأندونيسية بعد سفره عدة مرات إلى هذا البلد؛ قصد التعمق في هذا الاختصاص والاستفادة من دورات تكوينية بوسائله الخاصة. وقال سكفان في هذا الشأن: «هناك مؤشرات إيجابية تدل على أن البنشاك سيلات يحظى بسمعة جيدة، وحاليا يمارَس على نطاق واسع بشرق الجزائر العاصمة (الكاليتوس وشراربة).. لاحظنا اهتمام الشباب بتعلمه منذ أن دخل هذا الفن القتالي إلى الجزائر سنة 2014.. فعددهم يزداد من عام لآخر، والسر في ذلك أنه يُعد من بين أحسن خمس رياضات الدفاع عن النفس الفعالة في العالم». وأضاف: «في المدة الأخيرة اتصل بي عدة مصارعين داخل الوطن يزاولون عدة اختصاصات قتالية، وطلبوا مني الانخراط في النادي الذي أشرف عليه (هلال الكاليتوس)». البنشاك سيلات يجمع كل تقنيات الرياضات القتالية، كما أنه أصيل وذو طابع إسلامي، عكس الووشو مثلا، الذي له جذور مستمدة من معابد الشاولين والبوذيين. وواصل سكفان كلامه يقول: «تحية مقاتل البنشاك سيلات قبل دخول المنافسة، هي السلام وليس الركوع، مع ترتيل الدعاء المتفق عليه في السنّة النبوية الشريفة لطلب التوفيق وتحقيق النجاح والتغلب على المنافس». أندونيسيا تدعم البنشاك سيلات في الجزائر ومشاريع واعدة في الأفق ويبدو أن القائمين على الشأن الرياضي في أندونيسيا، يراهنون على الجزائر لجعلها بوابة لنشر هذه الرياضة في إفريقيا، ولم لا في عدد من البلدان العربية، حيث إنهم معجبون بالعمل المنجز إلى حد الآن من طرف التقني الجزائري سكفان، الذي مارس الفوفيتنام أكثر من 20 سنة، وتحول بعدها إلى البنشاك سيلات. وفي هذا الإطار، أوضح المكلف بالمجتمع والثقافة والإعلام بسفارة أندونيسيابالجزائر أرياضي رمضان: «نحن ندعم اللجنة الجزائرية للبنشاك سيلات.. اشتغلنا مع لحسن سكفان منذ 2015 بهدف ترقية هذا الفن القتالي في الجزائر». وأخبر أنه يعوّل كثيرا على مذكرة التفاهم التي ستبرم بين البلدين، عقب زيارة وزير الشباب والرياضة الأندونيسي إمام نهراوي للجزائر شهر نوفمبر الماضي، كونها تتضمن الكثير من المشاريع التي تصب في مصلحة البنشاك سيلات؛ كالاستفادة من الخبراء الأندونيسيين الذين سيعكفون على تنظيم أيام تكوينية لفائدة المصارعين والمدربين الجزائريين. وتابع قائلا: «قمنا في شهر نوفمبر الفارط بتنظيم بعض التربصات والعروض لصالح الجمهور، والتي تصب أيضا في مجال التعريف بهذه الرياضة وتطوير مستوى مصارعي النخبة والمؤطرين بالقاعة البيضاوية التابعة للمركب الأولمبي محمد بوضياف (الجزائر العاصمة)، بالإضافة إلى التكفل بالمواهب الصاعدة». وأفاد المتحدث بأن الفضل في انتشار البنشاك سيلات في الجزائر يعود إلى لحسن سكفان، الذي بحث بنفسه عن خباياه الفنية ومزاياه على صحة الفرد، وهو في اتصال دائم مع جمعيات ونواد بأندونيسيا. سكفان مارس مجموعة من الفنون القتالية، لكن في الأخير استهوته هذه الرياضة ونجح فيها إلى حد بعيد، في انتظار تعميمها تدريجيا عبر كامل التراب الوطني، «ونحن من جهتنا لن ندخر أي جهد لمساعدته». أول مشاركة عالمية للمنتخب الوطني واعترف بأن هذه الرياضة لم تصل بعد إلى المستوى الذي بلغه مثلا الكونغ فو ووشو أو التايكواندو، فالأول صيني المنشأ، والثاني كوري جنوبي، وهما بلدان فرضا نفسهما جيدا في الفنون القتالية. وعلق في الجانب قائلا: «بالنسبة لنا لم نصل بعد إلى هذا المستوى.. يبقى أن البنشاك سيلات منتشر أيضا في البلدان التي تقيم بها الجالية الأندونيسية كمصر والعربية السعودية». وبعد أن أكد عضو السفارة أن أندونيسيا تطمح لنشر هذه الرياضة في 20 بلدا آخر حتى يتسنى تسجيلها في الألعاب الأولمبية مستقبلا، اعتبر أن البنشاك سيلات «موروث ثقافي، ستعمل الجزائروأندونيسيا على ترقيته، ليحوز بالتالي على اعتراف منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)». جدير بالذكر أن المنتخب الوطني للبنشاك سيلات حديث النشأة، شارك بوسائله الخاصة ومن دون دعم الاتحادية الوطنية للفنون القتالية، في مونديال هذه الرياضة من 1 إلى 10 ديسمبر 2016 ببالي الأندونيسية، ونال الميدالية البرونزية. وقال أرياضي: «الفريق الوطني المتكون من 8 مصارعين (كاتا وكوميتي) شرّف حقيقة هذه الرياضة، وتجاوز عقبة الكثير من البلدان التي لها باع طويل، على غرار منتخب الولاياتالمتحدةالأمريكية». وتجرى منازلات البنشاك سيلات بدون ارتداء القفازات أو الخوذات، حيث يُمنع الضرب على الوجه، في حين يرتدي الرياضي فيها صدرية تشبه صدرية مصارع التايكواندو. ويزاول حوالي 50 مليون أندونيسي هذا الفن القتالي الذي توسع في هذا البلد الآسيوي خلال القرن 14 من طرف السلاطين المسلمين. أما في الجزائر فيمارَس في 12 ولاية، منها الوادي، إيليزي، خنشلة، جيجل، باتنة، البليدة، الجلفةوالجزائر العاصمة، التي تحصي لوحدها حوالي 500 مصارع، كلهم منضوون تحت لواء لجان الاتحادية الوطنية للفنون القتالية.