كشف مفتش الجمارك مراد طبي، عن تضمن قانون الجمارك الجديد - تمت المصادقة عليه مؤخرا من طرف البرلمان - لبندين جديدين حول قواعد المنشأ، يهدفان إلى تحديد تعريف هذه القواعد وكذا تمكين المتعاملين الاقتصاديين من الحصول على المعلومات اللازمة التي تمكنهم من تحديد منشأ منتجاتهم. وتجري الجزائر حاليا مفاوضات مع الدول الأورو متوسطية بهدف إضفاء ليونة أكبر على هذه القواعد، التي يؤدي الجهل بها إلى حرمان الكثير من المصدرين والمستوردين من امتيازات هامة تساهم في تحسين تنافسية منتجاتهم. وقال السيد طبي، ردا على سؤال «المساء» على هامش ملتقى حول «تأثير قواعد المنشأ على التجارة الخارجية للجزائر»، نظم من طرف الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، إن قانون الجمارك الجديد الذي تمت المصادقة عليه في البرلمان وينتظر نشره في الجريدة الرسمية حتى يدخل حيز التطبيق، «فيه الكثير من المواد تم تجديدها واستحداثها بما يتطابق والمستجدات الحالية في المجال الاقتصادي». وفيما يخص قواعد المنشأ، فإنه ينص على «بندين جديدين»، الأول يتم بموجبه «تعريف قواعد المنشأ بصفة دقيقة، بتحديد كل ما هو متحصل عليه كليا ووضع الإطار القانوني لعمليات التصنيع الكافية التي تمنح المنشأ للمنتوج النهائي» في حال لم يكن مصنعا مائة بالمائة من مدخلات جزائرية. أما البند الثاني، فبموجبه «تمنح الإمكانية للمتعامل لطلب معلومات حول منشأ بضاعته لو لم يتمكن من تحديده بصفة شخصية، وذلك بتقديم المعطيات التي تخص المواد التي يستعملها في التصنيع، لتتكفل إدارة الجمارك بإعلامه بإمكانية استفادته من مزايا قواعد المنشأ في إطار أي اتفاقية يريدها». وأكد المتحدث أن النصوص التنظيمية التي ينتظر صدورها لاحقا وهي حاليا قيد التحضير، هي التي ستحدد نسبة الاندماج التي تمكن من اعتبرا منتج ما «جزائري المنشأ» ليستفيد من المزايا التي تمنحها إياه الاتفاقيات التجارية التفاضلية التي وقعتها الجزائر وهي «اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي» و»منطقة التبادل الحر العربية» و»اتفاق تجاري تفاضلي مع تونس». وقال إن إدارة الجمارك ستنسق مع باقي القطاعات المعنية لتحديد نسبة الاندماج، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي حددها ب40 بالمائة في إطار اتفاق الشراكة، وهي نسبة عالمية معمول بها في الكثير من البلدان. مفاوضات أورومتوسطية لليونة أكبر على قواعد المنشأ من جهة أخرى، كشفت نائب مدير الاتحاد الأوروبي بالمديرية العامة للتجارة الخارجية التابعة لوزارة التجارة ليلى مختاري، عن مفاوضات جارية حاليا مع الدول الأورومتوسطية في إطار ما يسمى»بان أوروميد» لمراجعة قواعد المنشأ بما يضفي عليها ليونة أكبر، لاسيما وأن هذه القواعد غير موحدة على المستوى العالمي وتختلف من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى. كما أكدت أن المفاوضات الخاصة بإنشاء منطقة تبادل حر إفريقية تسير على قدم وساق، متوقعة أن يتم استكمالها نهاية السنة، مثلما شدّد عليه قادة الدول الإفريقية، مشيرة إلى أن المفاوضات تخص كل البلدان الإفريقية بدون استثناء سواء بصفة فردية أو بصفة جماعية بالنسبة للبلدان المنتمية لمنظمات اقتصادية إقليمية وذلك تحت إشراف الاتحاد الإفريقي. من جانب آخر، وبخصوص المنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر، وعن سؤالنا حول القائمة السلبية، ردت أنها حاليا في طور المفاوضات من أجل مراجعتها حسب طلب المتعاملين الاقتصاديين بهدف حماية المنتج الوطني. وكان الملتقى فرصة لمتعاملين اقتصاديين لاسيما المصدرين منهم لإبراز مختلف المشاكل التي يواجهونها ذات العلاقة خصوصا بقواعد المنشأ، كما تحدث آخرون عن صعوبات مع بلدان المنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر، والتي كان وزير التجارة السابق المرحوم بختي بلعايب قد انتقدها في كثير من المناسبات، باعتبار أنها لم تكن في صالح بلادنا. في هذا الصدد، تحدث أحد منتجي البسكويت عن صعوبات يتلقاها في الحصول على الامتيازات الضريبية التي تتيحها هذه المنطقة، لاسيما مع المغرب والسودان. وهو ما ردت عليه السيدة مختاري بدعوة المتعاملين إلى تقديم تقارير لوزارة التجارة حول مثل هذه العوائق والتجاوزات من أجل طرحها في إطار اللجان المشتركة التي تجتمع دوريا على مستوى الجامعة العربية. أما بخصوص التجارة مع الفلسطينيين بوجود طلب كبير على المنتجات الجزائرية في فلسطين، قالت المتحدثة إن مفاوضات تجري حاليا بين الجانبين للوصول إلى اتفاق، لكنها أشارت إلى طلب الجانب الفلسطيني ألا يكون الاتفاق تفاضليا لدعم الاقتصاد الفلسطيني، واعتبرت أن أهم مشكل يعترض التجارة مع فلسطين هو عبور المنتجات إلى أراضيها. للإشارة، تنظم الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة سنويا هذا الملتقى حول قواعد المنشأ لصالح المتعاملين الاقتصاديين من أجل إعلامهم وتوضيح الأمور، لاسيما وأن توفر شرط «المنشأ» يمكنه أن يمنح مزايا هامة للمنتجين الجزائريين الراغبين في التصدير، خاصة في إطار الاتفاقيات التفاضلية المذكورة سابقا، وهو ما يتيح للمنتج الجزائري أن يكون تنافسيا في الأسواق الخارجية.