قدّم السيد عز الدين ميهوبي وزير الثقافة ووزير العلاقات مع البرلمان بالنيابة أمس، في جلسة استماع بمجلس الأمة عرضا شاملا حول مشروع «إصلاح المنظومة الثقافية في الجزائر»، بحضور لجنة الثقافة والإعلام والشبيبة والسياحة بالمجلس التي يرأسها السيد مهني غريسي، مبرزا الرهانات التي يعوّل عليها لدخول الحراك التنموي الشامل كأداة متعددة الوظائف منها الاستثمار وخلق الثروة، إضافة إلى مساعي الحفاظ على الهوية والوحدة الوطنية. توقف الوزير عند بعض التصورات والأفكار الخاصة بهذا المشروع الذي يأتي في سياق الإصلاحات التي شملت عدة قطاعات هامة، معرجا على التعديل الدستوري الأخير الذي كرّس الحق في الثقافة ومسؤولية الدولة في حماية الموروث الحضاري للأمة، تبعا للمتغيرات الاقتصادية الراهنة من إحداث إصلاحات في تسيير الشأن الثقافي وجعله رافدا من روافد التنمية المستدامة وتأهيله للاضطلاع بأدوار أساسية في مواجهة التحديات التي أفرزتها ظاهرة العولمة والمتغيرات ذات الصلة بأمن واستقرار البلاد. وأكد المتحدث أنه أضحى لزاما التفكير في وضع استراتيجية جديدة لإضفاء المردودية والنجاعة على الوسائل التي توفرها الدولة وعلى الاستثمارات المنجزة والمؤسسات المحدثة وتحفيز الاستثمار في الصناعات الثقافية والإبداعية من خلال إشراك القطاع الخاص. وقدم الوزير في سياق عرضه عدة محاور منها «إعادة صياغة دور الدولة في المجال الثقافي»، والذي توضح في الدستور الأخير ومدى ارتباط ذلك بمفهوم حقوق الانسان وبالهوية الوطنية ورص النسق الاجتماعي والنظام الديمقراطي، علما أنه غالبا ما يكون الحق في الثقافة مرتبط بالخدمة العمومية. يتعين ضمن هذا المنظور الجديد ربط دعم الدولة للإبداع والتوزيع الثقافيين ودعم الجمعيات الثقافية ومواكبة المجتمع المدني بمدى تثمينهم للقيم الثقافية للمجتمع وتاريخه ورموزه وبترقية التراث الثقافي والهوية واللغتين العربية والأمازيغية والمرجعية الفكرية الجزائرية، بالإضافة إلى مراجعة للآليات المعتمدة وجعلها أكثر انسجاما مع مسار النجاعة الاقتصادية. وخصص المحور الثاني «لتكييف سياسة الدعم العمومي للثقافة» الذي يستوجب مراجعة عميقة، كما يتعين إنشاء قاعدة للصناعات الثقافية من قبل المستثمرين المقيمين أو في إطار الشراكة مع الخارج لتقليص فاتورة الاستيراد وفتح آفاق التصدير وبتحرير الاستثمار سيقتصر دور الدولة على وضع المقاييس الواجب احترامها منها دفتر الشروط ووضع السياسات الجديدة التي تؤهل المؤسسات الثقافية لتمويل مشاريعها من خلال قروض بنكية. أما المحور الثالث فخصص ل»إصلاح المنظومة المؤسساتية «حيث أعلن ميهوبي أن وزارة الثقافة تحت وصايتها 177 مؤسسة عمومية ب17 ألف موظف، وقد سجلت بها بعض النقائص من حيث الفعالية وتداخل الصلاحيات، وهو ما دفع بالوزارة إلى إعادة هيكلتها أو إدماجها وإعطائها بعدا اقتصاديا، وكذا ضمان التنسيق مع الولايات والجماعات المحلية لتفعيل السياسة الثقافية على المستوى المحلي. بعدها استمع الوزير لتدخلات واستفسارات أعضاء اللجنة قبل أن يرد عليها ومن ذلك قطاع السينما الذي هو قاطرة الثقافة ورهانها لأنها تمثل عمق التفكير والهوية، ولام على النشاط السينمائي فيما مضى اعتماده على الإنتاج عوض أن يبدأ بترميم واسترجاع القاعات التي يبلغ عددها اليوم 500 وتملك منها الوزارة 100 قاعة، 70% منها يحتاج للترميم وهكذا أنتجت أفلام لم يرها الجزائريون، متوقفا عند عراقيل استعادة هذه القاعات خاصة مع البلديات. كما دعا ميهوبي إلى مراجعة قانون السينما لسنة 2011 الذي كان استعجاليا، مشيرا إلى أن التوزيع والعرض أوكل للديوان الوطني للثقافة والإعلام من خلال وحدة خاصة لجلب الأفلام العالمية وكذا الانفتاح على المستثمرين والمجمعات السينمائية الخاصة، معلنا أنه سينتقل وفدا من الوزارة الأسبوع القادم لإيران لعقد صفقات متعلقة بالتجهيزات السينمائية والمخابر. بالنسبة للمكتبات قال الوزير إن هناك اتفاق مع والي العاصمة لفتحها منها تلك الخاصة بالأحياء الشعبية وفتح المراكز الثقافية خارج أوقات العمل وفي العطل. أما المهرجانات فأشار ميهوبي إلى أن عددها 176 مهرجانا مرسما وكل من يفشل في تنظيمها سيذهب، أما الآثار فيقول إنها تحتاج للخبرة التقنية التي تشهد نقصا فادحا وبالتالي تقرر مراجعة شروط التأهيل واعتماد مكاتب دراسات معمارية مؤهلة، مشيرا إلى تواصل تصنيف المعالم منها السجون وبيوت الأعلام آخرها بيت جميلة بوحيرد وغيرها. كما تحدث الوزير عن تثمين الأمازيغية وإعطائها كل ما يلزمها من الإمكانيات، مؤكدا على الدبلوماسية الثقافية وعن الخارطة الأثرية للجزائر التي ستتكفل بها مؤسسة إماراتية متطوعة ب3 لغات، إضافة إلى مواضيع أخرى متعلقة بالشأن الثقافي.