يعتزم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، زيارة الجزائر خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في حين تمحورت المحادثات التي أجراها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، مع نظيره الفرنسي حول العمل على اجتثاث الإرهاب من منطقة الساحل، بعدما تبادلا وجهة نظرهما حول الوضع في ليبيا ومالي وفق ما جاء أمس في بيان لرئاسة الجمهورية. البيان أوضح أن «المحادثات كانت فرصة لرئيسي الدولتين للتأكيد على رغبتهما في تقوية علاقات الصداقة والتعاون بين الجزائروفرنسا». وأشار إلى أن الرئيس الفرنسي أكد زيارته للجزائر في الأسابيع القادمة. الرئاسة الفرنسية أوضحت من جهتها أن إيمانويل ماكرون الذي أجرى اتصالا هاتفيا أول أمس مع الرئيس بوتفليقة، أكد على «تمسكه وإرادته في إقامة علاقة صداقة وثقة مع الجزائر الشريك الاستراتيجي لفرنسا». كما أشار المصدر إلى أن الرئيسين تطرقا للملف الليبي وملف الساحل الصحراوي مع التذكير بأهمية العلاقة الثنائية بين البلدين في مجال التعاون في مكافحة الإرهاب. المرشح ماكرون كان خلال حملته الانتخابية للرئاسيات الفرنسية سبق أن زار الجزائر وذلك - كما قال- للتأكيد على أهمية (الجزائر) وتجديد التأكيد على قوة الروابط التي تجمع (البلدين). وأوضح في هذا الخصوص «أن بلدينا يواجهان نفس التحديات أهمها التحديات الأمنية مع التهديد الإرهابي وعدم الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط والمشرق والساحل ثم التحديات الاقتصادية والاجتماعية مع الحاجة إلى إجراء إصلاحات، من أجل إيجاد محركات تنمية أكثر عدلا وإنصافا وإعادة التوازن لميزانينا التجاريين وبعدها التحديات البيئية بهدف مواجهة التغيرات المناخية والقيام معا بانتقال طاقوي ضروري للقرن ال21». الزيارة المرتقبة لماكرون للجزائر سيطغى عليها، زيادة على علاقات التعاون الثنائية، البعد الأمني ويتصدرها ملف مالي، لا سيما بعد الزيارة التي قام بها الوافد الجديد على الاليزيه إلى باماكو، كأول محطة خارجية إلى إفريقيا، إذ تراهن باريس على لعب دور جديد في المنطقة لا سيما وأنها تقدمت يوم الأربعاء الماضي بمشروع قرار على مستوى مجلس الأمن، يقضي بنشر قوة عسكرية إفريقية لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة في منطقة الساحل مقرها مالي. يأتي ذلك في ظل سريان اتفاق الجزائر بعد مفاوضات بين الفرقاء الماليين لمدة 9 أشهر كاملة، تمخض عنها إبرام اتفاق السلم بباماكو الذي فتح آفاقا جديدة نحو إرساء مقاربة جديدة تشرك فيها جميع الأطراف من أجل خدمة مصلحة مالي. العوائق التي تعترض تسريع تنفيذ هذا الاتفاق تظهر جليا من خلال محاولات التشويش على الجهود المبذولة باستهداف القوات الأممية، في محاولة للفت الانتباه وإفشال الاتفاق أمام مساعي فرض أجندات خارجية، مما يؤكد أن التوجه الجيواستراتيجي الجديد سيفرض نفسه بقوة يكون فيه الدور الفرنسي بائنا بامتياز. هذا الدور لن يخرج مثلما يظهره مقترح فرنسا أمام مجلس الأمن عن الإطار العسكري وهي التي سبق أن خاضت تجربتين عسكريتين وهما «سيرفال» و«برخان»، قبل أن يتبين بأن الخيار العسكري غير كاف لوحده ونتائجه قصيرة الأمد، مما فرض التوجه نحو الحل السياسي الذي رافعت من أجله الجزائر في عدة مناسبات وعملت على هذا الملف لأشهر بطلب من الرئيس المالي ابراهيم أبو بكر كايتا. الملف الليبي سيستأثر بدوره على الزيارة المرتقبة لماكرون إلى الجزائر في ظل التعقيدات التي مازالت تعتري الأزمة في هذا البلد منذ 2011 بسبب التدخل «الأطلسي»، بقيادة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، مخلفا بذلك مستنقعا لا يقل فظاعة عن المستنقع العراقي، انعكس بشكل جلي على دول الجوار.