دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، الأسرة الإعلامية في الجزائر لخدمة المصالح العليا للوطن، من خلال الإسهام في شرح الحقائق والانتقاد الواقعي للنقائص، مع العمل على ترقية صورة الجزائر في الخارج. وأمر الحكومة بتسريع تأسيس سلطة الضبط للصحافة المكتوبة وتفعيلها، إلى جانب سلطة ضبط السمعي البصري، مشددا على ضرورة تفعيل الصندوق العمومي لدعم الصحافة المكتوبة مع مطلع السنة المقبلة. أكد الرئيس بوتفليقة في رسالة وجهها للأسرة الإعلامية، بمناسبة إحياء اليوم الوطني للصحافة المصادف ليوم 22 أكتوبر من كل سنة، وقوفه إلى جانب عائلة الصحافيين الجزائريين في أداء مهمتهم «خدمة لحرية الإعلام وتبليغا للرسالة ودفاعا عن المصالح العليا للجزائر بلدهم». وأشار إلى أن اهتمام الدولة بالمكاسب التي حققتها الجزائر في مجال الإعلام، تجعلها اليوم ساهرة على تعزيز هذا الاتجاه، لافتا إلى أنه من هذا المنطلق جاءت توجيهاته للحكومة، يحثها مرة أخرى، على تسريع تأسيس سلطة الضبط للصحافة المكتوبة والسهر على تفعيلها، إلى جانب تفعيل سلطة ضبط السمعي البصري التي سبق وأن تم تنصيبها. كما حث رئيس الجمهورية الحكومة على تفعيل الصندوق العمومي لدعم الصحافة المكتوبة، مع مطلع السنة المقبلة، وهو الصندوق الذي تم الإعلان عن تنصيبه في 2012، مع إصدار القانون الجديد للإعلام، غير أن الجهات الوصية لم تتمكن من استغلاله بالشكل الذي جاء لأجله، بسبب ضعف هيكلة الأسرة الإعلامية. ذكر رئيس الجمهورية في رسالته، بالظروف الصعبة التي تمر بها البلاد جراء الأزمة المالية والاقتصادية التي دفعت السلطات العليا إلى إقرار أساليب لمواجهتها، من أجل الاستمرار في نهج البناء والتشييد ومواصلة الإصلاحات الضرورية التي تم إطلاقها في السنوات الأخيرة. كما ذكر بالوضع الحساس الذي تعيشه الجزائر على الصعيدين الأمني والسياسي، بفعل ما يميز المحيط الجهوي من أزمات ونزاعات، «البعض منها في جوارنا المباشر»، أكد بأن الأمر يتطلب من جميع الجزائريين الحذر واليقظة للحفاظ على أمن واستقرار وسلامة البلاد، مشيرا في نفس السياق إلى أن هذه التحديات «هي تحديات الشعب والوطن لا تمييز في مواجهاتها بين مختلف التوجهات السياسية أو بين مختلف الشرائح الاجتماعية». ولم يفوت الرئيس بوتفليقة فرصة دعوة عائلة الإعلام للإسهام في الجهود الوطنية بهدف مجابهة هذه التحديات، حيث أهاب بها أن تكون في خدمة المصالح العليا للوطن، من خلال مساهمتها الفعالة في شرح الحقائق، والتحلي بالانتقاد الواقعي للنقائص المسجلة، مع تأدية دورها الدائم المرتبط بترقية صورة الجزائر لدى باقي بلدان وشعوب المعمورة. اليوم الوطني للصحافة صنو للحرية والتضحية.. أكد الرئيس بوتفليقة في مستهل رسالته، أن اليوم الوطني للصحافة يبقى صنوا للحرية والتضحية في سبيل رسالة نبيلة يجلي فيها رجل الإعلام بصدق ونزاهة الواقع والحقيقة، ويذود ما أمكنه الذود عن شرف المهنة، حيث لفت في هذا الصدد إلى أن الصحافة الجزائرية استطاعت بوسائل غاية في البساطة، أن تحمل رسالة ثورة التحرير وأن تكون بحق لسان حال هذه الثورة عبر رواد الكلمة من الإعلاميين المجاهدين.. مضيفا بقوله بأنه «بنفس الروح النضالية والقناعة والعزيمة انصهرت أسرة الصحافة غداة الاستقلال في مشروع البناء والتشييد، وما فتئت تواصل بجد ومسؤولية أداء رسالتها النبيلة ومواكبة عملية التنمية والدفاع عن قضايا الشعب والتفاعل باحترافية مع الأحداث التي عرفها العالم بشكل سريع ومتداخل». وإذ أبرز التضحيات الجسام والدور الهام الذي لعبته الصحافة الجزائرية إبان مرحلة الإرهاب الأعمى، من أجل بقاء الدولة طوال سنوات المأساة الوطنية، أشاد رئيس الدولة بقدرات الصحافة الجزائرية في نفس الوقت، على مواكبة التطورات التكنولوجية وتوسيع رقعتها في جل الفروع من صحافة مكتوبة إلى قنوات مرئية إلى مواقع إلكترونية، «حتى أصبحت اليوم إحدى الميادين التي تزخر فيها الجزائر بالتقدمات المنجزة وإحدى الرموز المرموقة للتعددية والحرية السياسيتين في الجزائر». في سياق متصل، اعتبر الرئيس بوتفليقة الديمقراطية كمشروع حياة وحكم وتطلع إلى مستقبل يسود فيها التكامل بين مختلف نظم المجتمع..، مشيرا إلى أن هذه الديمقراطية هي اليوم من اهتمامات الشعب الجزائري في ظل صيغة الدستور الجديدة، «التي توفر للجميع المجال الأمثل لما يجب أن تكون عليه جزائر الغد». وختم رئيس الجمهورية رسالته للأسرة الإعلامية بالترحم على أرواح الصحافيين والإعلاميين الذين قضوا شهداء ثورة نوفمبر المظفرة وشهداء الواجب الوطني خلال المأساة الوطنية، مهنئا في الوقت نفسه كل الأسرة الإعلامية في الجزائر بمناسبة عيدها الوطني. كما هنأ الرئيس بوتفليقة مسبقا الإعلاميين الذين سيحظون باستلام جائزة الصحافي المحترف، التي تسدى اليوم للمتوجين في هذه المسابقة التي تنظم بهذه المناسبة كل سنة «كعربون تقدير وتحفيز للصحفيات والصحافيين في تنافسهم الشريف في مهنة المصاعب..». رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة إحياء اليوم الوطني للصحافة بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أمس السبت، رسالة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للصحافة المصادف ليوم 22 أكتوبر من كل سنة، هذا نصها الكامل: «بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. إنّ اليوم الوطني للصحافة يبقى صنوا للحرية والتضحية، في سبيل رسالة نبيلة، يُجلي فيها رجل الإعلام بصدق ونزاهة الواقع والحقيقة ويذود ما أمكنه الذود عن شرف المهنة. إن الصحافة الجزائرية استطاعت بوسائل غاية في البساطة، أن تحمل رسالة ثورة التحرير، وكانت بحق لسان حالها عبر مداد رواد الكلمة من إعلاميينا المجاهدين، ومن خلال بث إذاعي رددت صداه جبالنا وصحارينا ومدننا وقرانا، التي هبّ كل مواطن فيها ليصنع ملحمة تاريخية قلّ مثيلها في العالم. وبنفس الروح النضالية والقناعة والعزيمة، انصهرت أسرة الصحافة غداة الاستقلال في مشروع البناء والتشييد، وما فتئت تواصل بجد ومسؤولية أداء رسالتها النبيلة، ومواكبة عملية التنمية، والدفاع عن قضايا الشعبي والتفاعل باحترافية مع الأحداث التي عرفها العالم بشكل سريع ومتداخل. ولقد كان لصحافة بلادنا دور هام في المعركة من أجل بقاء الدولة طوال سنوات المأساة الوطنية، وتمكنت في نفس الوقت من مواكبة التطورات التكنولوجية وتوسيع رقعتها في جل الفروع من صحافة مكتوبة، إلى قنوات مرئية إلى مواقع إلكترونية، حتى أصبحت اليوم إحدى الميادين التي تزخر فيها الجزائر بالتقدمات المنجزة، كما أصبحت كذلك صحافتنا إحدى الرموز المرموقة للتعددية والحرية السياسيتين في الجزائر. أيتها السيدات الفضليات أيها السادة الأفاضل لم يكن هذا المسار الصعب على صحافتنا وإعلاميينا بالأمر الهين، فقد عانوا وواجهوا في سبيل ذلك العديد من التحديات، لاسيما في سنوات الإرهاب المدمر، ودفعوا ضريبة باهظة من أرواحهم ودمائهم، وكان من بينهم شهيدات وشهداء وملاحقون في كل مكان، لكنهم ما لانوا ولا يئسوا بل صمدوا في تحدٍّ شجاع. إن الديمقراطية كمشروع حياة وحكم وتطلع إلى المستقبل يسود فيها التكامل بين مختلف نظم المجتمع، قوامه ضمان الحريات التي تُقرّها نواميس الكون والاتفاقيات الدولية، ويتصالح فيها المجتمع مع ذاته من أجل التخلص من التخلف على مستوى الفرد والجماعة، وبناء مجتمع حداثي أصيل بالحفاظ على سيادته السياسية والاقتصادية، ويدير علاقاته الإستراتيجية مع الغير باقتدار، للحفاظ على مكتسباته وأمنه واستقراره. هذه الديمقراطية هي اليوم من اهتمامات شعبنا في ظل صيغة الدستور الجديدة التي توفر للجميع المجال الأمثل لما يجب أن تكون عليه جزائر الغد. إنّ الأزمات كثيرا ما تستنهض الهمم وتوقظ العبقريات، والشعب الجزائري الذي قهر أبناؤه الصعاب وتمرّسوا على الصبر والمغالبة، لهم من الهمم العالية والعبقريات الوثابة، ما يستطيعون بها أن يتجاوزوا أزمات اليوم المختلفة، وفي مقدمتها أزمة الاقتصاد العالمي التي يجب أن نواجهها ونحن نستلهم من رصيدنا النضالي والقيمي، ونستمد منهما القوة والإرادة للصمود أكثر أمام العواصف والأعاصير من ناحية، ونستثمر في الأزمات بإدراك وعلم وإيمان بقدراتنا المادية والمعنوية، لننجز مسارنا المستقبلي في إنتاج الثروة، التي لا ترتبط بالماديات فحسب، بل كذلك بتلك التي ترتكز على عبقرية الإنسان. أيتها السيدات الفضليات أيها السادة الأفاضل نعيش جميعا معا مصاعب المرحلة في المجال المالي والاقتصادي، ولقد قررنا أساليب لمواجهتها والاستمرار في نهج البناء والتشييد، مع القيام بالإصلاحات الضرورية، كما نعيش في محيط جهوي مثقل بالأزمات والنزاعات البعض منها في جوارنا المباشر، وهو أمر يتطلب منا الحذر واليقظة للحفاظ على أمن واستقرار وسلامة بلادنا. إن هذه التحديات هي تحديات الشعب والوطن لا تمييز في مواجهاتها بين مختلف التوجهات السياسية، أو بين مختلف الشرائح الاجتماعية، فنجاح الوطن في المجال الاقتصادي هو نجاح جميع أبنائه. كما أنّ إبقاء الوطن في أمن وسلام هو مكسب روحي لجميع المواطنين. ومن ثمة، أهيب بعائلة الإعلام الجزائري أن تكون في خدمة المصالح العليا لبلادنا، بالمساهمة في شرح الحقائق وكذلك في الانتقاد الواقعي لنقائص البلاد، وأيضا ودائما في ترقية صورة الجزائر لدى باقي بلدان وشعوب المعمورة. أيتها السيدات الفضليات أيها السادة الأفاضل إن اهتمامنا بالمكاسب التي حققتها الجزائر في مجال الإعلام تجعل الدولة ساهرة على تعزيز هذا الاتجاه، وهو ما أؤكده مرة أخرى، من خلال توجهي إلى الحكومة لكي تسرع في تأسيس سلطة الضبط للصحافة المكتوبة، ولكي تسهر على تفعيل هذه الهيئة، مع تفعيل سلطة ضبط السمعي البصري أيضا. وفي نفس المنوال أرجو من الحكومة تفعيل الصندوق العمومي لدعم الصحافة المكتوبة مع مطلع السنة المقبلة. أيتها السيدات الفضليات أيها السادة الأفاضل أنحني أمام أرواح صحافيينا وإعلاميينا، نساء ورجالا، على مر التاريخ من الذين قضوا شهداء ثورة نوفمبر المظفرة وشهداء الواجب الوطني خلال المأساة الوطنية على محجة هذه الرسالة النبيلة. كما أؤكد وقوفي إلى جانب عائلة صحافيي بلادي في أداء مهمتهم خدمة لحرية الإعلام وتبليغا للرسالة، ودفاعا عن المصالح العليا للجزائر بلدهم. أيتها السيدات الفضليات أيها السادة الأفاضل في ختام هذه الرسالة، أهنئ الذين سيحظون باستلام جائزة الصحافي المحترف التي تُسدَى كل سنة بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، كعربون تقدير وتحفيز للصحفيات والصحافيين في تنافسهم الشريف في مهنة المصاعب، وفي ذلك عرفان للفائزين ولكل أطياف الصحافة والإعلام لما يؤدونه من رسالة في خدمة الصالح العام بكل احترافية. فهنيئا للفائزين وهنيئا لكلّ إعلاميينا، وفقكم الله وزكى جهودكم الخيّرة في حماية الوطن ورُقيّه وسؤدد الشعب ومَنَعَته. عاشت الجزائر السلام عليكم ورحمة اللّه تعالى وبركاته».