صعّد الرئيس اللبناني ميشال عون أمس، من لهجته تجاه السلطات السعودية، متهما إياها باحتجاز وزيره الأول سعد الحريري في تعارض مع اتفاقيات فيينا الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية، وقال إنه لا يوجد أي مبرر لبقائه 12 يوما في هذا البلد. وسار هذا التصريح الحاد للرئيس اللبناني إلى نقيض التفاؤل الذي أبداه ساعات قبل ذلك عندما أكد أن تأكيد الحريري عن قرب موعد عودته يبشر بالخير لتوضيح الملابسات التي أحاطت بقضية استقالته بداية الشهر الجاري انطلاقا من العاصمة السعودية. وتسير هذه القضية بالسرعة القصوى باتجاه تصعيد قادم وتوتر أكبر في العلاقات بين بيروتوالرياض بعد أن عاود الرئيس اللبناني ميشال عون اتهاماته للسلطات السعودية بمنع الحريري من العودة إلى بلاده وإعلان استقالته في العاصمة بيروت وفق الدستور اللبناني. وسبق لسعد الحريري أن أكد في حوار أجراه مع قناة «المستقبل» بالعاصمة الرياض أنه حر طليق، نافيا كل ما تردد حول احتجازه من طرف السلطات السعودية ضمن سلسلة الاعتقالات التي شنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وطالت العديد من الشخصيات ورجال الأعمال والسياسيين السعوديين في إطار حملة لمحاربة الفساد في المملكة العربية. وجاء الموقف الحاد الذي أبداه الرئيس اللبناني رغم أن وزيره الأول أكد في تغريدة على موقع «تويتر» بعد لقاء جمعه بالطريرك الماروني، بشارة الراعي بالعاصمة السعودية بأنني سأعود «إلى لبنان كما وعدت وسترون»، في إشارة إلى الطلب الذي وجهه الرئيس اللبناني بضرورة عودته لمعرفة الظروف التي أحاطت بقرار استقالته. وقال الرئيس عون إنه مطالب بالعودة سواء لتأكيد استقالته أو التراجع عنها لأننا لا يمكن أن نتخذ موقفا بخصوص استقالة جاءت من الخارج. وهو المطلب الذي أكد عليه وزير الشؤون الخارجية اللبناني جبران بصير. وقال إن عودة الحريري إلى لبنان وحدها كفيلة ب»التأكيد إن كان فعلا حرا أم لا.. نحن ما زلنا ننتظر عودته»، وأضاف أن استقالته لم تسجل طالما لم يعد إلى لبنان لتقديمها للرئيس عون،، لأنه يتعين عليه توضيح أسباب هذه الاستقالة التي تبقى غامضة إلى حد الآن. وبلهجة حادة، قال الرئيس عون إنه «لا يمكن انتظار عودته أكثر مما انتظرنا وتضييع مزيد من الوقت على اعتبار أن شؤون الدولة لا يمكن أن تشل بهذه الطريقة». ومن جهته، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إنه يأمل في عودة وشيكة للوزير الأول اللبناني إلى بلاده، في وقت كشفت فيه مصادر دبلوماسية فرنسية أن وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان يكون قد التقى أمس بالعاصمة الرياض بالوزير الأول اللبناني بهدف التأكد من أسباب بقائه طيلة هذه المدة في دولة أجنبية. ورغم تطمينات الوزير الأول اللبناني، إلا أن لغز بقائه في السعودية واكتفائه بالقول إنه سيعود، لم يكشف عن كل الخيوط والملابسات التي أحاطت بمثل هذه القضية التي تفاعلت إلى درجة أنها تحولت إلى قضية دولية، حيث أولتها السلطات الفرنسية أهمية خاصة بحكم العلاقات المتميزة بين فرنساولبنان التي تعتبره بوابتها إلى منطقة الشرق الأوسط.