دعت الجزائر أمس، دول حوار (5+5) إلى تبنّي «رؤية مشتركة ومنسجمة ومتعددة الأبعاد» للتصدي للتهديدات كالتطرّف العنيف والإرهاب والهجرة غير الشرعية والإجرام المنظم العابر للقارات، فضلا عن العمل على «تسوية الأزمات والنزاعات سلميا، وتجنب الخيارات العسكرية الهدّامة واحترام السيادة الوطنية للدول». في كلمة ألقاها نائب رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط الطاهر كليل، ممثلا عن رئيسي غرفتي البرلمان في افتتاح أشغال الاجتماع السابع رفيع المستوى لبرلمانات منتدى حوار غرب المتوسط (5+5)، أبرز كليل، قناعة الجزائر بالدور المحوري الذي يلعبه عامل التنمية المستدامة في بناء الاستقرار وتقوية السّلم والأمن على كل الأصعدة، الوطنية منها والإقليمية والدولية. وأكد المتحدث في هذا الصدد أن التنمية المستدامة تعد أولوية وطنية بالنسبة للجزائر التي تواصل مسيرتها التنموية رغم تراجع أسعار النفط تجسيدا للإصلاحات العميقة والشاملة التي بادر بها رئيس الجمهورية، مشيرا في هذا الصدد إلى دعم البرلمان الجزائري بغرفتيه لكل المبادرات والجهود التي تبذلها دول حوار (5 +5) في خدمة التنمية المستدامة و الأمن والسلام في منطقة غرب المتوسط والفضاء المتوسطي بصفة شاملة. ممثل الجزائر أبرز من جهة أخرى الأهمية التي ينطوي عليها حوار (5+5) بالنظر إلى ما يرمز إليه من تواصل حضاري وثقافي بين حكومات وشعوب ضفتي غرب المتوسط، مضيفا أن الاجتماع يترجم جانبا معتبرا من اهتمامات دول و شعوب المنطقة، مما يستلزم التعاون بغية «تحقيق تنمية شاملة من حيث الأبعاد متقاسمة من حيث الأعباء ومستديمة من حيث المدى». بخصوص العمل البرلماني المشترك أبرز السيد كليل، في الاجتماع الذي احتضنه المركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، الفرص التي تتيحها الدبلوماسية البرلمانية والتي «ستسمح بتحقيق تفاعل برلماني ثنائي ومتعدد الأطراف وفق ما يتطابق مع مصالحنا الوطنية المتعارضة أحيانا، وبما نساعد به حكوماتنا ويخدم تطلعات شعوبنا». رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط أنطونيو بيدرو روك، أكد من جهته على الالتزام بالحوار مع دول الجوار والعمل الجماعي لاعتماد تشريعات فعّالة، من خلال إقامة علاقات مباشرة ومناقشات مثمرة بهدف إيجاد حلول للتحديات القائمة. كما أكد أهمية الحوار الإقليمي لمواجهة التحديات التي تعترض دول غرب المتوسط، مشيرا إلى دور المنتدى في تسهيل الحوار بين الشمال والجنوب ،بهدف تعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في هذه الدول. وأكد المتحدث على أهمية البعد البرلماني لمنتدى غرب المتوسط بالنظر إلى التحديات الحاسمة التي تواجه المنطقة، كون ذلك يمكن الدول المعنية من الالتزام بحوار خاص حول مسائل مشتركة ومسائل سياسية أخرى، كالإرهاب والهجرة وعودة المقاتلين، إضافة إلى المناخ والبطالة المرتفعة. من جانبه شدد الأمين العام للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط السفير سيرجيو بيازي، على ضرورة إعطاء نظرة أكبر ودراسة جديدة لسياسة الجوار، معتبرا أن منتدى (5+5) يشكل إحدى أدوات التنسيق بين دول المتوسط من خلال تماشي جدول أعمال البرلمانيين مع وزراء الخارجية. الجزائر تحتضن اجتماعا اقتصاديا (5+5) العام الجاري كما أبرز السيد بيازي، أهمية التنمية الاقتصادية في إرساء الاستقرار والأمن، موضحا أن الجزائر ستحتضن اجتماعا آخر للمنتدى حول المجال الاقتصادي خلال العام الجاري، في الوقت الذي تواجه دول غرب المتوسط تحديات في هذا المجال. وكان المشاركون خلال أشغال الاجتماع الذي حمل عنوان «البحر المتوسط الغربي: تعزيز تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ،متقاسمة و مستدامة لمواجهة التحديات المشتركة في المنطقة»، قد ركزوا على إبراز التحديات الأمنية في منطقة البحر المتوسط الغربي ،على ضوء الخطر الذي يمثله تنظيم «داعش»الإرهابي، مشيرين إلى أنه على الرغم من هزيمته في سوريا و العراق وليبيا إلا أن خطره مازال قائما، ويظهر ذلك في عودة آلاف المقاتلين إلى بلدانهم، في وقت مازال الوضع الأمني هشا في بعض الدول لاسيما في منطقة الساحل. وفي هذا الصدد لم يستبعد الأمين العام للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، عقد اجتماع دول (5 +5) مع مجموعة الساحل 5 قريبا لاستعراض التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة وإفرازاتها على الدول الأخرى. المشاركون أبرزوا أيضا أهمية مواصلة الجهود الدولية من خلال تفعيل التشريع الدولي وتنسيق التعاون لتأمين الحدود وتبادل المعلومات وتجفيف منابع الإرهاب، علاوة على تحصين شبكات التواصل الاجتماعي التي عادة ما تستغل الأطفال والمراهقين للترويج لخطابات التطرّف. كما تم التطرق إلى نقطة اختلاف التشريعات الوطنية بخصوص مجابهة المسائل الأمنية من منطلق أن لكل دولة خصوصياتها، إذ دعا المشاركون في هذا السياق إلى إعادة النظر في آليات التعاون في المجال القضائي. للإشارة تعد مجموعة حوار (5+5) التي تضم كلا من إيطاليا وإسبانيا ومالطا وفرنسا والبرتغال عن الضفة الشمالية من المتوسط والجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا وليبيا عن ضفته الجنوبية، أقدم إطار تعاون إقليمي في منطقة غرب حوض المتوسط. وتسعى هذه المجموعة التي تأسست عام 1990 بروما (توقفت بعدها لعدة سنوات قبل أن يتم بعثها سنة 2001) إلى تكثيف سنة التشاور بين الدول الأعضاء والعمل على الوصول إلى رؤى توافقية بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك كالأمن والشراكة الاقتصادية مع رفع التحديات المطروحة على الساحة كمكافحة الإرهاب وتنظيم الهجرة وغيرها.