أقدمت الأجهزة الأمنية المغربية بمدينة جرادة المعروفة باسم مدينة الفحم في أقصى شرق المملكة المغربية أمس، على اعتقال مصطفى دينان، متزعم الحراك الشعبي في هذه المدينة البائسة ضمن محاولة لإخماد نار العصيان المدني الذي تعيشه منذ نهاية العام الماضي. وسارعت النيابة العامة بمحكمة مدينة وجدة التي تتبعها جرادة إقليميا وقضائيا إلى التأكيد أن اعتقال دينان، وإبقائه رهن الحبس في انتظار مثوله أمام قاضي التحقيق جاء على خلفية تسببه في حادث سير يوم 8 مارس، وليس بسبب تورطه في قيادة حراك مدينته. ويبقى ذلك مجرد بيان تبريري في محاولة من السلطات المغربية الى تفادي تصعيد الموقف في هذه المدينة التي لم يهدأ سكانها منذ مقتل شقيقين طمرا تحت أنقاض منجم مهجور للفحم نهاية شهر ديسمبر الأخير وكان ذلك بمثابة أول شرارة لاندلاع حراك شعبي سلمي للمطالبة بتحسين ظروف العيش في هذه المنطقة وتوفير مناصب شغل لساكنتها الذين يعانون الحرمان من كل شيء. وقال سعيد زروال ممثل الجمعية المغربية للحقوق الإنسانية أمس أن الناشط الشاب الذي جلب إليه الانتباه من خلال تدخلاته المؤثرة خلال المسيرات الاحتجاجية مازال رهن الاعتقال. وما يؤكد ذلك أن صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» استحال على روادها تصفحها وهي التي جعل منها مصطفى دينان، فضاء لنشر تعليقاته الخاصة بأوضاع مدينته وخاصة انتقاداته اللاذعة تجاه السلطات المغربية التي يتهمها بمحاولة ربح الوقت وعدم الاهتمام بمعاناة سكان جرادة وكل المنطقة الشرقية. ورغم تبريرات العدالة المغربية إلا أن ذلك لم يمنع نشطاء الحراك وسكان جرادة من تنظيم مظاهرات احتجاجية ضد اعتقال هذا الناشط الشاب. وتؤكد عملية الاعتقال التي طالت الناشط مصطفى دينان، أن السلطات المغربية لا تريد تكرار تجربة حراك منطقة الريف في أقصى شمال البلاد عندما راح يكبر بأشبه بكرة الثلج التي تحولت إلى عصيان مدني شلت على إثره كل مظاهر الحياة في هذه المنطقة التي تحولت إلى شوكة في حلق المخزن المغربي الذي استعصى عليه إيجاد مخرج لهذه المعضلة الاجتماعية. وتكون السلطات المغربية قد رأت في مصطفى دينان استنساخا لصورة مصطفى الزفزافي، الذي تحول هو الأخر إلى أيقونة لحراك منطقة الريف وجعلت منه رقما فاعلا استحال على السلطات المغربية لي ذراعه، وحتم عليها في النهاية اعتقاله بتهم التخابر مع الخارج والحصول على أموال من جهات أجنبية والمساس بالأمن العمومي. ويتأكد من خلال هذه الإجراءات الردعية أن السلطات المغربية لم تجد من خيار آخر لإخماد ثورة الفقراء في المملكة سوى اللجوء الى اعتقال من يتزعمهم بعد أن فشلت كل الوعود التي قدمها في حكومة سعد الدين العثماني وقبلها حكومة عبد الإله بنكيران، في إرضاء المحتجين الذين رأوا في تلك البرامج الإنمائية المقترحة مجرد وعود وردية لمشاريع لن يكتب لها التجسيد. وهو ما يفسر إصرار المتظاهرين في مدينة جرادة على مواصلة مظاهراتهم الاحتجاجية مع كل نهاية أسبوع تعبيرا منهم على أنهم لن يسكتوا على أوضاعهم وأن مطالبهم يجب أن تجسد اليوم قبل غد.