يتناول الكتاب مسيرة المناضل الراحل اعمر حداد المسمى صقر "المالغ"، الذي انضم للحركة الوطنية ولم يكن يتجاوز 17 عاما، وظل ملتزما حتى النصر، ورغم تضحياته الجسام بقي مفضلا للسرية بعيدا عن أي أضواء.. الكتاب وفاء للذاكرة وتكريم لهذه الشخصية اللغز، وهو رسالة للأجيال كي تعرف رجالها وتكتشف ما أنجزوه لتحرير البلاد والعباد. الكتاب يندرج ضمن مسار تتبّع "مناضلي الظل" وجمع ما تيسّر من الوثائق والشهادات، ويعرض حياة رجل من الظل ومن القيادات الوظيفية في الحركة الوطنية وثورة التحرير بعيدا عن المبالغة وتعظيم الذات، التي جعلت من التاريخ في كثير من المشاهد، مادة مجردة من الموضوعية. اعتمد الباحث على المنهج التاريخي في استعراض محطات من حياة هذا المناضل كونه أنسب للسرد، كما استخدم المنهج التحليلي كمحاولة لفك الغموض الذي ساد بعض محطات حياة الراحل، إلى جانب المنهج المقارن؛ في محاولة لتحديد الفوارق بين اعمر حداد ونماذج أخرى، على غرار طبيعة المحيط الأسري والمستوى التعليمي مقارنة بأقرانه ورفقاء دربه. وأكد المؤلف أن قيادات الظل بالحركة الوطنية وحرب التحرير لم تحظ بالظهور. وتناول مسيرتهم، وهنا ذكر مسعودي ما كتبه الأستاذ محمد عباس عن هذه الشخصية؛ إذ خصص له حيزا معتبرا في إحدى الصحف بعد أسبوعين من وفاته. وباستثناء هذا المقال ومقتطف في كتاب للمؤرخ بنجامين ستورا ب 9 أسطر يختصر نبذة عن حياته، لا يوجد الكثير عن هذه الشخصية ماعدا في مقتطفات عابرة في المذكرات والكتب. جمع المؤلف الشهادات من زوجة الراحل ومن رفقائه وبعض المناضلين منهم علي هارون، ومن مذكرات بن بلة ولخضر بورقعة وعلي كافي ويوسف بن خدة والمصري فتحي الديب في كتابه "عبد الناصر وثورة الجزائر". وينقسم الكتاب إلى فصل تمهيدي وأربعة محاور ضمن فصول، علما أن فصلي دور المناضل في الحركة الوطنية ثم في حرب التحرير، كانا الأكثر تفصيلا. يستعرض الفصل التمهيدي على نحو مقتضب، الأوضاع العامة للجزائر خلال الفترة التي سبقت مولد المناضل اعمر، ثم إلى فصل يتناول مولده ونشأته والعرش الذي ينحدر منه والمحيط الذي ترعرع فيه؛ حيث وُلد في 1921 بتالة مقر إحدى مداشر القبائل السفلى بدوار سيدي نعمان شمال غرب تيزي وزو، وكان الثالث في إخوته، علما أن أخاه إيدير استشهد في ضواحي شرشال في سنة 61 ولم تكن له سوى أخت واحدة، وهي زهيرة. ويتناول الفصل الثاني دور هذا المناضل في الحركة الوطنية وانخراطه في حزب الشعب ومشاركته في أولى العمليات الثورية، وانضمامه للمنظمة الخاصة وأهم نشاطاته بها، والقضايا التي صادفته في نضاله، ثم التحاقه بأرض المهجر. قام المؤلف في الفصل الثالث بتسليط الضوء على دوره في حرب التحرير منذ بداية الثورة، ثم التحاقه بالإمداد والتسليح وأهم العمليات التي شارك فيها. وفي الفصل الرابع، وهو الختامي، استعرض المؤلف مسار المناضل بعد 62؛ بإبراز مواقفه من أزمات ما بعد الاستقلال، ثم اعتزاله السياسة ووفاته. رثاه رفيق دربه المناضل بشير قاضي وقال: "عندما كنت تحمل السلاح بعضهم كان يرضع عندما كنت تحمل السلاح بعضهم كان يخضع كان يركع" شُيعت جنازة الراحل في 4 سبتمبر 1988 بمسقط رأسه بتالة بحضور رفقائه منهم الراحل يوسف بن خدة، ودُفن بجنب والده كما أوصى، علما أن والده كان أوصى قبله أن يُدفن في هذا المكان الذي افترق فيه عن ابنه اعمر حين رآه آخر مرة عند شجرة الزيتون قرب غدير ماء بمزرعتهم الطرحة؛ حيث كانا يتقابلان في كل مرة خلسة عن أعين العملاء والوشاة والعصابات المتحالفة مع فرنسا. للإشارة، تضمّن الكتاب ملحقا به وثائق تخص الراحل، منها جواز السفر إبان الثورة وبطاقات التعريف والكثير من الصور بالعاصمة وتيزي وزو وليبيا وتونس وغيرها من أماكن نضاله. ❊مريم .ن