استبعد وزير الشؤون الخارجية السيد عبد القادر مساهل أمس، أن تفتح الجزائر أي منطقة احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين، من منطلق أن الجزائر تواجهها نفس مشاكل أوروبا، مجددا التأكيد على ضرورة مكافحة الهجرة غير الشرعية في إطار اتفاقيات الأممالمتحدة والترتيبات المتفق عليها مع البلدان الأصلية وبلدان العبور. وأكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية في حوار مع راديو «أر أف إي» أن ذلك ما تقوم به الجزائر في جميع الحالات، مشيرا إلى أنه حينما يتعلق الأمر بالهجرة غير الشرعية «علينا استيعاب الأمور بشكل جيد، قبل أن يؤكد بأنه لايهمه بصفة مباشرة ما يمكن أن يقوم به الأوروبيون تجاه هذه الأزمة، كون ذلك شأنهم. وأوضح مساهل أن الأوروبيين لديهم ما يكفي من القدرات والوسائل والتصور لتسيير هذا النوع من الحالات، في حين علق على انتقادات بعض المنظمات غير الحكومية حول تسيير الجزائر لأزمة الهجرة، لاسيما في الجنوب الجزائري، بأن ذلك «لا يلزم سوى هذه المنظمات» وأن هذه الانتقادات «غير بريئة». وقال السيد مساهل «الآن والجزائر تتلقى انتقادات، نعلم في أي مقام نواجه هذه الانتقادات لكنها غير بريئة، فهي حملة يحاول البعض القيام بها ضد الجزائر»، مضيفا «نحن هادئون جدا لأن كل ما نفعله، نقوم به في إطار القوانين ونقوم به في ظل احترام الكرامة الإنسانية وفي إطار التشاور مع بلدان العبور». ويأتي تصريح وزير الشؤون الخارجية موازاة مع الاتهامات المغلوطة التي أصدرتها بعض الهيئات الدولية في المدة الأخيرة بخصوص تعامل الجزائر مع ملف المهاجرين، كانت آخرها التقرير الذي أعدته الوكالة الأمريكية للأخبار «اسوشيتد بريس»، الذي يتهم الجزائر بالتخلي عن المهاجرين غير الشرعيين بالقرب من النيجرومالي. كما سبق للمتحدثة باسم مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بجنيف أن اتهمت الجزائر شهر ماي الماضي بإساءة معاملة المهاجرين الأفارقة غداة ترحيلهم من الجزائر. و هو ما نفته بلادنا بشكل قطعي وكلفت ممثلها الدائم بجنيف لإبلاغ مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الاستياء الشديد للسلطات الجزائرية من هذه التصريحات غير المقبولة مع «طلب توضيحات حول أسباب محاكمة النوايا هذه بمثل هذا الاستخفاف المتهور». وكثيرا ما تخلو مثل هذه التقارير من الدقة والموضوعية في وقت تتمسك الجزائر بحقها في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة تدفق المهاجرين الأفارقة، ضمانا للأمن والسكينة لمواطنيها وللأجانب المقيمين بطريقة شرعية على أراضيها، طبقا للقانون الجزائري والالتزامات الدولية للجزائر وفي ظل الاحترام الصارم لحقوق الإنسان وكرامة الأشخاص المعنيين. كما أن عمليات الترحيل تتم بموافقة مسبقة من سلطات البلدان المعنية التي تقوم بتحديد هوية المعنيين وإصدار جوازات مرور قنصلية لهم، في وقت تعترف المنظمات الإنسانية الوطنية والدولية التي عاينت عمليات الترحيل المنظمة، بأن إيواء المهاجرين المرحلين يتم في ظروف لائقة بمراكز استقبال مجهزة خصيصا لهذا الغرض ونقلهم إلى مدينة تمنراست جنوبي الجزائر، حيث تخصص لهم حافلات مزودة بكل وسائل الراحة. وإذ تتعرض الجزائر في المدة الأخيرة إلى حملة غير مسبوقة بخصوص ملف المهاجرين، رغم أن هؤلاء يتواجدون على أراضيها منذ سنوات من دون أن تلتفت إليهم هذه المنظمات، فقد تبين تورط العديد من الشبكات الإجرامية في تفشي الظاهرة باعتراف وزير الداخلية النيجري الذي أقر بتورط عناصر شرطة بلاده في تسهيل مرور هذه الشبكات إلى الجزائر. مسار السلم في مالي يتقدم بشكل جيد من جهة أخرى، أكد وزير الشؤون الخارجية أن مسار السلم في مالي «يتقدم بشكل جيد»، حيث أوضح في هذا السياق بأنه من المهم إنجاح المسار السياسي لتعزيز أسس الدولة المالية. وقال مساهل في نفس الصدد «لا يجب الخلط بين تطبيق اتفاقيات باماكو المنبثقة عن مسار الجزائر، حيث أن الحل السياسي ومحاربة الإرهاب يتقدمان بشكل جيد كونهما وضعين مختلفين»، مشيرا إلى أن المسار السياسي يحقق تقدما وأنه يجب «إنجاح المسار السياسي لفعالية أكبر في مجال محاربة الإرهاب». وفي رده على سؤال يتعلق بخبر التواجد المفترض لزعيم مجموعة «نصرة الإسلام والمسلمين» الجهادية المالي إياد أغ غالي بالجنوب الجزائري، نفى وزير الشؤون الخارجية السيد عبد القادر مساهل هذا الخبر نفيا قاطعا. وواصل قائلا «ليست لدينا معلومات بخصوص اختبائه بالجزائر. ولقد قلت وكررت مرارا للمسؤولين الرسميين الفرنسيين وكذا لزملائكم أن هذه المصادر لا تلزم إلا تصريحاتها». وفيما يتعلق بحصيلة عهدة الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كايتا التي تنتهي في جويلية القادم، أجاب الوزير بقوله «هذا الأمر لا يرجع لي بل للماليين المعنيين وحدهم بتقييم هذه الحصيلة»، مؤكدا أن الجزائر تربطها علاقات تاريخية بدول الجوار وتعاون ممتاز مع مالي. لليبيين ما يكفي من القدرات لتسوية مشاكلهم وبخصوص الأزمة الليبية، أكد وزير الشؤون الخارجية أن الليبيين لديهم «ما يكفي» من القدرات لتسوية مشاكلهم، مشيرا إلى أن «المسار يجب أن يكون مسارا ليبيا محضا ويجب أن يضطلع الليبيون بمسؤولية امتلاك مستقبلهم وأن يكون مسارا يحفظ الوحدة والاستقرار في هذا البلد». وأوضح السيد مساهل يقول «ننضم إلى هذا المسعى لأننا لطالما دعمنا جهود الأممالمتحدة ونحن ندعم كذلك كل الجهود الرامية إلى مرافقة الأممالمتحدة في تنفيذ خارطة طريق وخطة عمل الأممالمتحدة»، موضحا أن «باريس جاءت لتعزيز هذا التيار ونحن دعمناها». وردا على سؤال يتعلق بالمعارك التي وقعت مؤخرا في الهلال البترولي، جدد رئيس الدبلوماسية الجزائرية تأكيده على موقف الجزائر المتمثل في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، متأسفا في الوقت ذاته لكون هذا النوع من الحالات لا يساعد على عودة الأمن والاستقرار بسرعة. وبخصوص موضوع القرار الأخير للدول الأعضاء في منظمة الأوبيك وغير الأعضاء فيها برفع إنتاج البترول، أكد السيد مساهل أنه لن يؤثر على الجزائر وأن «الجزائر طرف في كل قرار تتخذه منظمة الأوبيك وليس لديها أي مشكل مع الدول الأعضاء فيها.