إحتضنت جامعة بومرداس أمس، الجلسات الجهوية الثانية للاقتصاد التدويري بمشاركة ممثلين عن 18 ولاية وسط شرق الوطن، أشرفت على افتتاحها وزيرة البيئة والطاقات المتجددة فاطمة الزهراء زرواطي التي اعتبرت الجلسات لبنة أساسية لكلّ التصورات الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالاقتصاد التدويري، اعتمادا على الإنتاج والاستهلاك المستدامين وكذا على تثمين النفايات. يندرج اجتماع جامعة بومرداس ضمن سلسلة اللقاءات الجهوية التحضيرية للجلسات الوطنية الأولى للاقتصاد التدويري المرتقبة بالعاصمة نهاية فيفري القادم، حيث أكدت الوزيرة أنّ هذه الاجتماعات ستخرج بجملة من التوصيات تأخذ بالاعتبار خصوصية المناطق من أجل بلورة نظام اقتصادي متكامل ومتناسق خارج قطاع المحروقات. الوزيرة تحدثت عن تحديات نموذج تنموي عالمي يجمع بين الحفاظ على البيئة من كل أشكال التلوث وبين أساليب رسكلة هذه النفايات لجعلها مواد أولية يعاد إدخالها في سلسلة التصنيع وبالتالي تخفيف أعباء النفقات، متحدّثة عن انتهاج الجزائر لهذه الديناميكية العالمية من خلال جعل الاقتصاد التدويري ضمن مواضيع الإستراتيجية الوطنية للبيئة والتنمية المستدامة، موضّحة أنّ هذا المسعى "يتدعم بمثل هذه اللقاءات من أجل تبادل وتقاسم الخبرات والمعارف مع الجهات الفاعلة لاعتماد الاقتصاد التدويري وجعله حاسما لتطوير موارد البلاد وتنويعها خارج المحروقات". في هذا السياق، اعترفت الوزيرة بأنّ وتيرة رسكلة النفايات بالجزائر "تبقى ضعيفة جدا" مقارنة بحجم النفايات التي بلغت 34 مليون طن، منها 13 مليون طن من النفايات المنزلية "إلا أننا نعمل على تطوير الاقتصاد التدويري بوصفه أحد المفعلات الأساسية للتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر" تقول زرواطي داعية المشاركين ضمن نفس الجلسات لوضع توصيات "تستجيب لمستوى تطلعاتنا وستلعب دورا كبيرا في إعداد خارطة طريق ستسمح لنا بإرساء أسس الاقتصاد التدويري بالجزائر"، تضيف الوزيرة متحدثة كذلك عن أهمية تحديد الرؤيا الاقتصادية الكفيلة باستغلال النفايات كمخزون يمثل قيمة تجارية تقارب 40 مليار دج سنويا، والذي بإمكانه أن يوفر ما يفوق 100 ألف منصب شغل منها 40 ألف منصب شغل مباشر. وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، وفي حديثها عن الاقتصاد التدويري، قالت إنه يقدم مزايا من شأنها المحافظة على البيئة وفي تنمية الثورة وخلق مناصب شغل، موضّحة أنّه يساهم بالمقابل في ترقية الإنتاج والاستهلاك المستدامين، ولكنها ربطت ذلك بمدى تغيير أنظمة التسيير الحالية التي قالت إنّها أصبحت لا تتوافق مع متطلبات المرحلة الراهنة، كاشفة عن إمضاء مصالحها ممثلة في الوكالة الوطنية للنفايات لاتفاقية مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية ممثلة في مديرية العمل الإقليمي والحضري بمناسبة اليوم الوطني للبلدية، تهدف أساسا إلى مرافقة الجماعات المحلية في التسيير المدمج للنفايات والتدقيق والترشيد في تسيير مراكز الردم التقني وإنجاز مخططات تسيير النفايات على مستوى البلديات، قائلة بأنّ هذا الأمر سيدعم الورشة التي أطلقتها دائرتها الوزارية مؤخرا من أجل إعادة النظر في القانون 01-19 والمتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها، وكذا تكييف المنشآت وكيفية تسيير المؤسسات بما يتوافق مع المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الجديدة. نشير إلى أنّ الجلسات الجهوية حول الاقتصاد التدويري الجارية أشغالها بكلية الحقوق لبودواو، تعرف تنظيم تسع ورشات موضوعاتية تعنى إجمالا بمحاور قانونية ومؤسساتية، ترقية الشعب الجديدة للرسكلة، تطوير المؤسسات الناشئة، الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى ورشة تعنى بالحوكمة ورهانات الاقتصاد التدويري على المستوى المحلي. ومن المنتظر اختتامها مساء اليوم الاثنين بوضع عدد من التوصيات، علما أنّ الجلسات الجهوية الثالثة ستنعقد بالجنوب يومي 3و4 فيفري تحسبا لانعقاد الجلسات الوطنية بالعاصمة يومي 26 و27 فيفري 2019 للخروج بخارطة طريق حول الاقتصاد التدويري ضمن توقيت زمني يجسد عما قريب.