* email * facebook * twitter * google+ توجهت أنظار السودانيين باتجاه جمعية المهنيين السودانيين التي قادت الحراك الشعبي الذي أطاح بنظام الرئيس عمر حسن البشير، لمعرفة ما إذا كان يتعين مواصلة الاعتصامات الشعبية أمام مقر قيادة القوات المسلحة أم أن الجميع سيعودون إلى ديارهم بعد أن حقق الحراك هدفه برحيل أحد أقدم الرؤساء العرب بعد أن تربع على كرسي الرئاسة السودانية طيلة 30 عاما. ويطرح هذا التساؤل رغم قرارات التهدئة التي تعهد رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الجنرال، عبد الفتاح البرهان، القيام بها في أول خطاب ألقاه أمس، بتشكيل حكومة مدنية توافقية وإلغاء قرار حظر التجوال وإطلاق سراح كل المتظاهرين الذين تم اعتقالهم، في نفس الوقت الذي تعهد فيه باقتلاع كل جذور النظام السوداني السابق، ومحاكمة كل الأشخاص الذين يثبت تورطهم في قتل متظاهرين. وتسارعت الأحداث السياسية في السودان بشكل لافت نهاية الأسبوع بعد الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير، وتقديم مدير جهاز المخابرات الجنرال صلاح عبد الله قوش، استقالته من منصبه ضمن مؤشرات لسقوط رموز النظام العسكري الذي بناه الرئيس المخلوع طيلة ثلاثين عاما. وأكدت مصادر سودانية أمس، استقالة قوش، من منصبه بعد أن اتهمه متظاهرو حراك "رغيف الخبز" بمسؤوليته المباشرة في قمع حراكهم واعتقال المئات من بينهم وقتل 50 سودانيا منذ بدء موجة الاحتجاجات الشعبية ضد نظام البشير منتصف شهر ديسمبر الماضي. وجاءت هذه الاستقالة مباشرة بعد إعلان الجنرال عوض ابن عوف، انسحابه من على رأس المجلس العسكري الانتقالي بعد يوم واحد قضاه على رأس هذه الهيئة بعد أن قام المتظاهرون بتغيير اسم الرئيس البشير، في شعاراتهم وطالبوه هو الآخر بتقديم استقالته، بعد أن اعتبروا توليه مقاليد المرحلة الانتقالية بمثابة تجديد لنظام الرئيس المخلوع. واقتنع الجنرال عوض بن عوف، أن المتظاهرين المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش ليس في نيتهم فض اعتصامهم المتواصل منذ أسبوع أمام مقر قيادة الجيش السوداني إلى غاية رحيله هو الآخر، غير عابئين بسريان حالة الطوارئ التي سبق للرئيس البشير، أن أعلن عنها يوم 22 فيفري الماضي، اعتقادا منه أن مطالب الشعب الاجتماعية ستتوقف عند "رغيف الخبز" الذي رفضوا مضاعفة سعره. وأخطأ الرئيس السوداني تقدير الموقف ولم يتفطن أن سعر الخبز لم يكن في الحقيقة سوى شرارة ثورة شعبية هدفها وضع حد لنظامه الذي تحكم في مقاليد منذ سنة 1989، وأصبح معه أقدم رئيس عربي. ورغم توالي سقوط الأذرع النافذة في أعلى هرم السلطة في الخرطوم والتي يتوقع أن تليها استقالات لاحقة لكل الوجوه التي طبعت مسيرة النظام السابق إلا أن المتظاهرين رفضوا ما وصفوه ب "المسرحية"، مطالبين برحيل حتى المجلس العسكري الحاكم بعد أن وصفوا ما أقدم عليه بمثابة انقلاب أبيض ضد الرئيس السوداني المخلوع لضمان ديمومة نظام عسكري طبع دواليب السلطة في السودان منذ استقلاله. وفهم بن عوف، في خطاب باتجاه السودانيين رغبة هؤلاء بعد يوم فقط قضاه على رأس الهيئة الانتقالية ليعلن أنه قرر الانسحاب هو الآخر، قبل أن يقع اختيار أعضاء المجلس العسكري الانتقالي على الجنرال عبد الفتاح البرهان، لتولي مقاليد المرحلة الانتقالية التي تستمر على مدى العامين القادمين. وتشبث المتظاهرون إلى غاية مساء أمس، بموقفهم الرافض لمغادرة اعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني رغم أن الرئيس الجديد للمجلس العسكري الأعلى الجنرال عبد الفتاح البرهان، يحظى باحترام مختلف قيادات الجيش السوداني ورغم أنه غير معروف لدى عامة السودانيين مقارنة بضباط سامين آخرين ممن تركوا بصمتهم في قمع الشعب السوداني طيلة العقود الثلاثة الأخيرة. وسارع المجلس الانتقالي في الخرطوم أمس، إلى طمأنة مختلف عواصم العالم، مؤكدا أن الهيئة الجديدة ستقتصر مهمتها على ضمان الأمن والاستقرار في البلاد. وقال الجنرال عمر زين العابدين، عضو المجلس الانتقالي أمام السفراء العرب والأفارقة المعتمدين بالعاصمة الخرطوم، إن ما حدث لا يعد انقلابا بقدر ما هو انحياز للجيش السوداني إلى جانب مصلحة الشعب، وطمأن أن المجلس سيفتح حوارا مع الأحزاب السياسية لقيادة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، وسيعمل اليد في اليد مع المتظاهرين بهدف التوصل إلى حلول حول مشاكل كل السودانيين.