* email * facebook * twitter * linkedin تنطق محكمة الجنح لبئر مراد رايس بالجزائر، بالحكم في قضية رجل الأعمال علي حداد، يوم 17 جوان المقبل، بعد إحالتها أمس الملف على المداولات، فيما التمست النيابة تسليط عقوبة 18 شهرا حبسا نافذا وغرامة مالية قيمتها 100 ألف دينار في حق حداد، بتهمة التزوير واستعمال المزور والإدلاء بتصريحات كاذبة في قضية حيازته على جوازي سفر، ترى الجهات الأمنية أنه تحصّل عليهما ب "طريقة غير قانونية"، فيما طالبت هيئة دفاع المتهم العدالة باستدعاء كل من الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال، ووزير الداخلية السابق بدوي، وأمينه العام السابق حسين معزوز، الذين يكونون وجهوا تعليمات لعميد الشرطة حسان بوعلام مدير المركز الوطني لجوازات السفر البيومترية (المتهم هو أيضا في هذه القضية)، لمنح جواز السفر لحداد بدون حضوره وبدون تقديم أي ملف. واستمعت محكمة الجنح ببئر مراد رايس أمس، لكل من رجل الأعمال علي حداد وكذا المتهم معه في القضية مدير المركز الوطني لجوازات السفر البيومترية، ثم لمرافعات محاميهم الخمسة في مدة زمنية تجاوزت ساعتين، وسط حضور مكثف لوسائل الإعلام ورجال الأمن وعائلات المتهمين، حيث انطلقت جلسة المحاكمة في حدود الساعة الحادية عشرة والربع صباحا، عندما نادى رئيس الجلسة بإدخال المتهم الرئيس في القضية علي حداد الموجود في الحبس المؤقت بالمؤسسة العقابية للحراش منذ 3 أفريل الماضي، ليبدأ القاضي باستجواب المتهم حول كيفية حصوله على جواز السفر الثاني، الذي تم ضبطه بحوزته بالمركز الحدودي البري الجزائري - التونسي أم طبول. وأكد حداد في رده، أنه بحكم مهمته كرئيس سابق لمنتدى رؤساء المؤسسات والتي تستدعي، حسبه، السفر باستمرار للمشاركة في لقاءات أعمال اقتصادية، طلب من الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال في سنة 2016، منحه جواز سفر بيومتري ثان، مشيرا إلى أن سلال وافق على طلبه، ودعا وزير الداخلية آنذاك نور الدين بدوي، للتكفل بالموضوع، حيث كلف بدوي أمينه العام حينها حسين معزوز، بمتابعة الموضوع. وبهذه الكيفية استفاد حداد من جواز سفر ثان بدون أن يقوم بإيداع أي ملف إداري، كما أنه لم يحضر شخصيا لتسلّم هذا الجواز مثلما يشترطه القانون، بل كلف سكريتيرته التي أحضرته له. كل هذه التفاصيل أكدها المتهم الثاني في القضية مدير مركز جوازات السفر البيومترية عميد الشرطة حسان بوعلام، باعتباره المسؤول عن مركز تسليم جوازات السفر، الذي تم استدعاؤه من طرف العدالة في المرة الأولى كشاهد فقط، ليتحول فيما بعد إلى متهم. وجدد المسؤول الأمني في مرات متكررة، التأكيد على أنه لم يسبق له أن التقى حداد ولا تجمعه به أي علاقة، موضحا أنه لم يقم سوى بتطبيق الأوامر التي تلقاها من مسؤوليه بعد أن طالبه الأمين العام لوزارة الداخلية بذلك. كما أكد أن حيازة جواز سفر ثان "ليس ممنوعا قبل انتهاء مدة صلاحية جواز السفر الأول بالنسبة للأشخاص الذين يسافرون باستمرار ويستهلكون كل صفحات جواز سفرهم، غير أن الأمر يستدعي إلغاء جواز السفر الأول"، مشيرا إلى أن في قضية حداد، لم يتم إلغاء جواز السفر الأول، وبقي ساري المفعول..". وفي سياق متصل، أكد المتحدث أن المركز يحصي حاليا 18 ألف جزائري يحوزون على جواز سفر ثان، مضيفا أن عدم إلغاء الوثيقة الأولى لحداد، أمر "خارج عن نطاق المركز، ويعود إلى شرطة الحدود". غير أن رئيس الجلسة تدخّل ليطعن في أقواله، محملا المركز المسؤولية الكاملة؛ إذ كان من واجبه الاتصال بمصالح شرطة الحدود لمطالبتها بإلغاء الوثيقة الأولى، على حد تأكيده. من جهته، المتهم علي حداد أكد للقاضي أنه ظل يستعمل الجوازين بشكل عادي في كل خرجاته بدون أن يلقى أي مشكل من شرطة الحدود، موضحا أن استعماله الجوازين يختلف وفقا للتأشيرة الموجودة في كليهما. وبخصوص حيثيات ضبطه بالمعبر الحدودي "أم طبول"، صرح حداد وسائقه الذي استُدعي كشاهد في القضية، بأنهما كانا ذاهبين إلى تونس في "عطلة وليس بنية الفرار"، حيث قال حداد إنه لم يكن يعلم بصدور أمر بمنعه من السفر من محكمة سيدي أمحمد، وأنه سافر قبل صدور هذا المنع بيوم واحد. وفي نفس السياق، أكدت هيئة دفاع المتهم أن الأمر بمنع مغادرة التراب الوطني صدر في 31 مارس 2019، بينما علي حداد ألقي القبض عليه في 30 مارس 2019؛ أي قبل ذلك بيوم واحد، ولم يتم تقديمه أمام وكيل الجمهورية حتى يوم 3 أفريل الماضي؛ أي بعد مرور أكثر من 72 ساعة من توقيفه، غير أن محضر الإحالة سجل تاريخ التوقيف في 31 مارس 2019، وهو "ليس التاريخ الصحيح"، حسب هيئة الدفاع، التي طالبت ببطلان هذا المحضر، مشيرة إلى أنه لم يتم احترام الإجراءات السليمة التي تضمن حق المتهم، وفق ما أكد المحامي خالد بورايو. هذا الأخير جدد وصفه القضية بأنها "سياسية، وافتُعلت بصفة إرادية لوضع حداد في السجن إلى حين تهيئة الملف الثاني الذي ينص على الإيداع"، مستطردا: "كان الهدف من ذلك توقيف حداد وإيداعه السجن إلى غاية الانتهاء من تحقيق آخر يخصه في قضية فساد". وأكد المحامي أن موكله تحصّل على جواز سفر ب "طريقة قانونية وليس بالتزوير"، وهي قضية لا تستدعي، حسبه، "قبوعه في الحبس الاحتياطي كل هذه المدة، حيث كان من الممكن أن يستفيد المتهم من المثول الفوري". وخلص الأستاذ بورايو في مرافعته، إلى أن هيئة الدفاع لا تطالب إلا بتطبيق القانون، والسهر على أن تكون إجراءات التحقيق سليمة وغير تعسفية. وبعد حوالي ساعتين من المحاكمة والاستماع للمتهمين والشهود والمحامين قرر رئيس الجلسة إحالة القضية على المداولات، والنطق بالحكم يوم 17 جوان المقبل، حيث غادر حداد الجلسة مرفقا بعناصر الأمن وهو يلتفت إلى الوراء مبتسما لتحية عائلته وابنته.