الجزائر لها دور ريادي في مجال الذكاء الاصطناعي بإفريقيا    ضرورة تعزيز دور الجامعة في مجال الاقتصاد المبتكر    باتنة تحي الذكرى 67 لاستشهاده البطل بن بعطوش    الأونروا) تعلن استمراريتها في تقديم الخدمات الصحية بغزة    نكبات فلسطين والجامعة العربية..؟ !    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف شخص و حجز مخدرات    باتنة : الدرك الوطني بالشمرة توقيف عصابة سرقة المواشي    إحباط تهريب كميات من المواد الغذائية    سعيود يترأس اجتماعا ليرى مدى تقدم تجسيد الترتيبات    الغذاء الأساسي للإعلام في علاقته مع التنمية هو المعلومة    عطاف يحل بالقاهرة لتمثيل الجزائر في أشغال الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة    تكريم 12 خاتما لكتاب الله    دوريات تفتيشية مفاجئة على الإطعام بالإقامات الجامعية    "حماس" تتهم الاحتلال بتعمّد خرق وقف إطلاق النار    تصاعد الهجوم المخزني على الحقوق والحريات    مائدة مستديرة في موسكو حول القضية الصحراوية    ألمانيا تطالب الكيان الصهيوني برفع جميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    عادل عمروش مدرب جديد لمنتخب رواندا    غويري سعيد بقيادة مرسيليا للفوز ويشيد بثقة دي زيربي    مدرب بوتسوانا يتحدى "الخضر" في تصفيات المونديال    مشاريع البنى التحتية ودعم الاندماج الاقليمي في قلب النّقاش    "سوناطراك"- "إيني".. رضا تام لمستوى علاقات الشراكة    الخطط القطاعية ستكون نواة صلبة لترقية الصادرات    حجز 2 مليون كبسولة من المؤثرات العقلية    بيوت تتحول إلى ورشات لإنتاج "الديول" و"المطلوع"    صيام بلا انقطاع بفعل الفزع والدمار    السيادة للعروض المسرحية    إطلالة مشرقة على الجمهور بعد سنوات من الغياب    رمضان فرصة لإزالة الأحقاد من النفوس    قانون المنافسة لمكافحة المضاربة والاحتكار وحماية المواطن    المائدة المستديرة لريادة الأعمال : الجزائر وإيطاليا تؤكدان التزامهما بتعزيز الشراكة الاقتصادية    جمعية حقوقية صحراوية تطالب بضمان الحماية للشعب الصحراوي بالمدن المحتلة    وفد من كلية الدفاع الوطني بأبوجا في زيارة الى مقر المحكمة الدستورية    موسم الحج 2025: السيد سعيود يسدي تعليمات للتكفل الأمثل بالحجاج على مستوى المطارات    الذكرى ال 31 لاغتيال الفنان عبد القادر علولة..سهرة ثقافية حول مسرح علولة والبحث العلمي    وزير الخارجية يتحادث مع نظيره الإيطالي    ملاكمة: الاتحادية الجزائرية تعتمد الاوزان الجديدة للاتحاد الدولي "وورلد بوكسينغ"    اليوم العربي للتراث الثقافي بقسنطينة : إبراز أهمية توظيف التراث في تحقيق تنمية مستدامة    المدية: وحدة المضادات الحيوية لمجمع "صيدال" تشرع في الإنتاج يونيو المقبل    فتاوى : المرض المرجو برؤه لا يسقط وجوب القضاء    تبسة.. فتح خمسة مساجد جديدة بمناسبة حلول شهر رمضان    وزارة الثقافة تكشف عن برنامجها خلال شهر رمضان    ترقب سقوط أمطار على عدة ولايات غرب البلاد يوم الثلاثاء    وزارة الثقافة والفنون: برنامج ثقافي وفني وطني بمناسبة شهر رمضان    "التصوف, جوهر الدين ومقام الإحسان" موضوع الطبعة ال17 للدروس المحمدية بالزاوية البلقايدية    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): إعطاء إشارة انطلاق الطبعة الرابعة سهرة اليوم بالقاعة البيضوية بالعاصمة    جيجل: ضمان الخدمة على مدار 24 ساعة بميناء جن جن    العاب القوى: العداءة الجزائرية لبنى بن حاجة تحسن رقمها القياسي الوطني بفرجينيا الأمريكية    كانت تعمل بيومية الجمهورية بوهران    يخص الطورين من التعليم المتوسط والثانوي    أوغندا : تسجل ثاني وفاة بفيروس "إيبولا"    عبد الباسط بن خليفة سعيد بمشاركته في "معاوية"    صلاة التراويح    مولودية الجزائر تعزّز صدارتها    ذهب الظمأ وابتلت العروق    بحث سبل تعزيز ولوج الأسواق الإفريقية    شهر رمضان.. وهذه فضائله ومزاياه (*)    العنف يتغوّل بملاعب الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيدة تافساست .. تعيش حياة بدائية وتنتظر التفاتة
التقتها "المساء" بشرفات الغوفي
نشر في المساء يوم 30 - 11 - 2019


* email
* facebook
* twitter
* linkedin
في عمق الوادي الأبيض بالغوفي في بلدية غسيرة، ولاية باتنة، لما كان شباب رابطة الإعلام والاتصال لولاية بومرداس يستمتعون بجمال المنظر في رحلتهم الإعلامية، وبمكان اعتقدنا أن الصوت الوحيد الممكن سماعه هو خرير الوادي، رأيناها تحمل على كتفها كيسا وتسير بخطى متثاقلة نحو أعلى الشرفات.. سعينا خلفها، فهيئتها لم تكن توحي بأنها من زوار المنطقة.
كان مقررا أن يمضي شباب بومرداس سويعة من الزمن في شرفات الغوفي، حيث كانت أمامه طريق طويلة نحو ولاية بسكرة، مقصد الرحلة الترفيهية الأساسي، غير أن جمال المكان فعل فعلته في الجميع، فما كان منا سوى تمضية سويعات متتالية في التقاط الصور هنا وهناك.. النزول من على الشرفات لبلوغ الوادي كان شاقا، فقط بعض الدرجات تم نحتها لتسهيل عملية النزول، من يتجاوز صعوبة المسلك وبلوغ الوادي ينال جمال الاستمتاع بالجو المختلف تماما عن العلية.. المكان مغاير تماما عن الخارج، فلا تسمع هنا إلا خرير الوادي وزقزة العصافير، كأنك في مشهد سينمائي. لما هممْنا بالرجوع وعند بلوغنا نصف المسافة.. رأيناها تخرج من بين الصخور.. منظرها لم يكن يوحي بأنها زائرة ولا سائحة.. إنها ساكنة الغوفي الوحيدة.
وقفت تنظر إلينا، فهي التي ألفت رؤية زوار الشرفات وهم يتسلقون هذه الصخرة أو يلتقطون الكثير من الصور.. وبينما راح الشباب يتسابق من يصل الأول للأعلى، استدرنا نحوها لنسألها عن سبب وجودها بمكان جميل..، لكنه موحش، حيث تنعدم به كل علامات الحياة.
قالت سعيدة تافساست، إنها تسكن بالغوفي منذ أن ولدت قبل أزيد من خمسة عقود.. تحدثت بعفوية كبيرة عن حياتها اليومية، فقالت إنها تعيش "من ذراعيها"، أي أنها تتكل على نفسها في كل ما تحتاجه، حيث تحتطب لإعداد الطعام والتدفئة.. وترعى الماعز وتفلح الأرض بأنواع الخضر، وتجلب الماء من الوادي للشرب والغسيل أو غيره، فهي تعيش في كوخ حجري بجبل يقال له "احمر خدو" دون ماء ولا كهرباء ولا غاز..لا مؤنس لوحدتها سوى أخوها الأصغر المقعد، فهو عزاؤها الوحيد بعد وفاة والديها قبل سنوات لا تتذكر عددها. وأشارت إلى أن رئيس بلدية غسيرة زارها قبيل سنوات لتقديم يد العون، وطلبت منه وقتها سكنا قريبا إلى البلدة حتى تتمكن من قضاء بعض حوائج أخيها المقعد، لاسيما الأدوية، فالمسافة طويلة من حيث تقطن نحو أعلى الشرفات.. لكن لا رد مقنع تلقته سعيدة، سوى وعود تطايرت كتطاير الغبار من على صخور الجبال المحيطة بنا هناك في الغوفي..
أخذت سعيدة تروي لنا حكاية الشرفات والقبائل التي سكنتها في الماضي، وعن طفولتها البعيدة في الزمن لما استقر أهلها بالغوفي قبل اندلاع ثورة نوفمبر، آتين من تجموت ومن زريبة الوادي. تحدثت عن والديها اللذين كانا يُفلحِان الأرض الطيبة المنتجة لكل الخيرات، وعن أصوات الجيران على قلتهم ممن كانوا يعمرون المكان، بعضهم هجرتهم الحرب ضد المستعمر وغيب الموت بعضهم، وآخرون هجروا منازلهم وأراضيهم لصعوبة الحياة وقسوة الطقس، دون أية خدمات من شأنها إنقاص ولو الشيء اليسير من صعوبة الحياة، مثلما توحي به تقاسيم وجهها وخشونة يديها وهيأتها البالية..
استمرت سعيدة تحدثنا عن الغوفي وكيف يُحدث سحرها الكثير في نفس من يزورها، وكيف أنها تستأنس بوجود زوار في المكان، خاصة خلال عطل نهاية الأسبوع، لكن بعفوية، ذكرت نقائص كان لابد للسلطات المحلية إيلاءها العناية، كالمسلك الصخري الوعر الواجب تهيئته، على الأقل، ليساهم في تحسين السياحة المحلية، وغياب النقل وباقي الخدمات، كالفنادق والمطاعم وغياب مركز طبي قريب.
أما عن يومياتها، فقالت ساكنة "احمر خدو"، إنها تعبت من صعود الشرفات من حين إلى آخر لبيع "غبار" الماعز وشراء بعض الأدوية، وتقصد به روث الماعز الذي يستعمله بعض الفلاحين كسماد طبيعي. موضحة أنها تبيع كذلك بين فترة وأخرى، بعض الأعشاب الطبية التي تلتقطها من الجبال المحيطة بها، مثل الشيح والعرعار وإكليل الجبل لبعض الباعة القادمين من بسكرة المجاورة، كما أنها تستعمل بعضها في العلاج المنزلي.
عن عيشها في أسفل شرفات الغوفي، على ضفاف الوادي الأبيض، قالت إنه لا مكان آخر تقصده، مثلما فعل آخرون وهاجروا المكان، وأكدت أنها تخاف كل ليلة من الذئاب والخنازير البرية والثعابين والعقارب، كما أنها كما قالت تضطر إلى مواجهتها لوحدها، حفاظا على حياتها وعلى بعض رؤوس الماعز التي تستأنس بها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.