* email * facebook * twitter * linkedin دعا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أول أمس، إلى "وضع اليد في اليد من أجل بناء جمهورية جديدة قوية ومهيبة الجانب"، وذلك بطي صفحة الخلافات والتشتت والتفرقة، التي تُعد من عوامل الهدم والتدمير؛ باعتبار "الجزائر، اليوم، بحاجة إلى ترتيب الأولويات؛ تفاديا لمآلات مجهولة العواقب"، مؤكدا أن "الدولة ستصغي للتطلعات العميقة والمشروعة للشعب نحو التغيير الجذري لنمط الحكم، والتمكين لعهد جديد قوامه احترام المبادئ الديمقراطية ودولة القانون والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان". وقال السيد تبون في أول خطابه للأمة عقب أدائه اليمين الدستورية بقصر الأمم، إن الشعب الجزائري "لبّى نداء الواجب الوطني يوم 12 ديسمبر الماضي، وأعاد الجزائر إلى سكة الشرعية الدستورية والشرعية الشعبية التي لم يطعن فيها"، مشيرا إلى أن "النجاح الكبير للاستحقاق الرئاسي هو ثمرة من ثمار الحراك الشعبي المبارك، الذي بادر به الشعب عندما استشعر أنه لا بد من وثبة وطنية لتوقيف انهيار الدولة ومؤسساتها". وأسهب الرئيس الجديد في الحديث عن الوضع الراهن، مؤكدا أن ما تمر به البلاد يفرض "علينا أكثر من أي وقت مضى، أن نحصن حوكمتنا لمعالجة نقاط الضعف ببلدنا، وخلق الظروف اللازمة لإعادة بعث النمو الاقتصادي، وضمان إعادة النهوض ببلدنا، وإرجاعها إلى مكانتها بين الأمم، والتي لم تكن لتنصرف عنها أبدا". وعليه يرى السيد تبون أن التصدي لهذه التحديات لن يتأتى إلا "بتجاوز معا وبسرعة، الوضع السياسي الراهن للخوض في القضايا الجوهرية للبلاد عبر انتهاج استراتيجية شاملة، مبنية على رؤية سياسية واضحة، تهدف إلى استعادة ثقة الشعب في دولته، والالتفاف حولها؛ بغية ضمان استقرارها ومستقبلها". وبالنسبة له، فإن هذه الاستراتيجية تهدف إلى "استعادة هيبة الدولة؛ من خلال الاستمرار في مكافحة منتظمة للفساد وسياسة اللاعقاب وممارسات التوزيع العشوائي للريع البترولي"، مضيفا أن هذه الخطوة تهدف أيضا إلى "إطلاق سياسة اجتماعية ثقافية؛ لخلق بيئة ملائمة لازدهار شبابنا والتنمية الاقتصادية؛ من خلال مشاريع منشآت قاعدية كبرى، وتشجيع الاستثمار المنتج، وتنويع النسيج الصناعي عبر ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتنويع النشاط الاقتصادي الذي يخلق الثروة ويوفر مناصب شغل". كما أشار رئيس الجمهورية إلى أن هذه الاستراتيجية "ستكون مدعومة بسياسة خارجية مكيفة مع مصالح بلدنا الاستراتيجية والاقتصادية، ومناسبة للمتطلبات الظرفية والسياق الجيوسياسي"، مؤكدا: "هذه النظرة من شأنها تجسيد الالتزامات التي قطعتها على نفسي، والتي سيكون تنفيذها على منهجية عمادها الحوار والتشاور". وفي سياق إبرازه جسامة المسؤولية أوضح الرئيس المنتخب: "إننا اليوم مقبلون على تضحيات جسام من أجل بناء الجمهورية الجديدة؛ بناء على الالتزامات التي صوّت عليها الشعب بشفافية وسيادة"، مذكرا بأهم تلك الالتزامات، والتي يأتي على رأسها تعديل الدستور، الذي هو حجر الأساس لبناء الجمهورية الجديدة". دستور يقلّص العهدات ويحصّن من السقوط في الحكم الفردي وعليه أكد السيد عبد المجيد تبون أنه يعتزم تجسيد هذا الالتزام خلال الأشهر أو الأسابيع الأولى من مباشرة مهامه؛ "بما يحقق مطالب الشعب المعبر عنها في الحراك"، مضيفا أن الدستور "يجدد العهدة الرئاسية مرة واحدة فقط، ويقلّص من صلاحيات رئيس الجمهورية، ويحصن الجزائر من السقوط في الحكم الفردي، ويحق الفصل الحقيقي بين السلطات، ويخلق التوازن بينها، ويحدد حصانة الأشخاص، ولا يمنح الفاسد أي حصانة في الملاحقة القضائية، ويحمي الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان وحرية الإعلام وحق التظاهر". وتعهّد رئيس الجمهورية ب "أخلقة الحياة السياسية، وإعادة الاعتبار للمؤسسات المنتخبة من خلال قانون الانتخابات الجديد، الذي يحدد شروط الترشح للمناصب بوضوح"، معلنا أنه "سيتم تجريم تدخل المال الفاسد في العمل السياسي وشراء الأصوات والذمم، حتى يتمكن الشباب وخاصة الجامعيين منهم، من الحصول على فرصة الترشح، على أن تكون حملتهم الانتخابية من تمويل الدولة لحمايتهم من الوقوع فريسة في يد المال الفاسد". ودعا السيد تبون الشعب الجزائري إلى الاتحاد "مهما تباينت مشاربه الثقافية والسياسية"؛ بوضع اليد في اليد من أجل تحقيق حلم الآباء والأجداد، وتحقيق حلم شباب الحاضرين وأجيال المستقبل"، من خلال الاستلهام من بيان ثورة نوفمبر، "الذي كلما انحرفنا عنه إلا وأصابتنا عوامل التفرقة والتشتت والضعف والهوان". واغتنم المناسبة للتأكيد على أن العمل السياسي الذي يعتمده "يستمد روحه من مبادئ ثورة أول نوفمبر، التي هي مصدر إلهامنا وعزمنا، والمرجع الثابت لكل السياسات التي ننتهجها والمتطلعة إلى جزائر جديدة ومنيعة، تتحقق فيها، بإرادة الشعب، دولة المؤسسات، ويعلو فيها الحق والقانون، وتتبوأ فيها كفاءات من الشباب، مواقع المسؤولية لتحقيق الوثبة النوعية المبتغاة على درب النهضة الشاملة". بناء اقتصاد وطني قوي والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن وإذا كان رئيس الجمهورية ركز في بداية خطابه على الشق السياسي مراعاة للظروف التي تمر بها البلاد، فإنه اعتبر ذلك كأولوية قبل الالتفات إلى الجانب الاقتصادي؛ حيث أكد سعيه لبناء "اقتصاد وطني قوي ومتنوع، يحصن الأمة من التبعية القاتلة للخارج والمحروقات، مع منح الأولوية للمجال الاجتماعي. وفي هذا الصدد وجّه الرئيس المنتخب دعوة "خالصة، صادقة ومطمئنة لجميع رجال المال والأعمال الوطنيين الشرفاء والمؤسسات الاقتصادية العمومية والخاصة، إلى الاستثمار بقوة في كل القطاعات وفي كل ربوع الوطن"، ملتزما بأنهم "سيجدون من الدولة كل الدعم والامتيازات الضرورية"، في حين أكد أن "الدولة ستنتهج أسلوب الصرامة في تسيير المال العام مع عدم تسامحه بالعبث به أبدا. كما تعهّد رئيس الجمهورية ب "إطلاق خطة عمل للشباب؛ بهدف تمكينه من خلق مؤسسات اقتصادية ناشئة، ومنحها الامتيازات اللازمة لتحقيق النجاح وتثمين الإنتاج الوطني"، مؤكدا أنه لن يتم استيراد "إلا ما ينقصنا فعلا؛ بهدف منع هدر العملة الصعبة، وزيادة الإنتاج الوطني، وتعزيز الدور الاقتصادي للجماعات المحلية، وتنويع المجالات الاقتصادية كالاقتصاد الجبلي والصحراوي والساحلي". وأعلن السيد تبون عن "فتح آفاق واسعة لاقتصاد المنزل الذي تستفيد منه خاصة المرأة الماكثة بالبيت، مع إلغاء الضرائب عنه"، علاوة على وضع "خطة استعجالية لتحديث الزراعة؛ لضمان الأمن الغذائي، ثم الوصول إلى التصدير"، و"الاهتمام بالسياحة من خلال عدة آليات لدعم مكانة الوكالات السياحية، وتصنيف المناطق السياحية في الجزائر، وخلق رحلات جوية بأثمان تنافسية، وتخفيف إجراءات الحصول على التأشيرة السياحية". الرئيس تبون شدد على أن الدولة ستقوم ب "إصلاح عميق في نظام الضرائب وتوقيف الظلم والتعسف في هذا المجال، مع منح تحفيزات ضريبية بهدف تطوير الإنتاج الوطني خاصة للمؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة"، معلنا أن الدولة "ستخفف الضرائب عن كل مؤسسة عمومية وخاصة تخلق مناصب شغل، وستوضع آليات واضحة لهذا الغرض". وفي مجال الطاقة، كشف رئيس الجمهورية أن الدولة ستشجع الطاقات البديلة والمتجددة، والعمل على تصديرها، فضلا عن تعزيز تواجد الجزائر الطاقوي في أوروبا وآسيا وغيرهما، ملتزما ب "إحياء المشاريع الكبرى للطاقات المتجددة". القضاء نهائيا على أزمة السكن وأولى السيد تبون اهتماما كبيرا بالمجال الاجتماعي، مؤكدا أن "الطبقة المتوسطة وخاصة الطبقة الهشة، ستجد الدولة إلى جانبها حتى توفر لها كريم العيش الذي يصون كرامتها؛ بتنفيذ جميع الالتزامات المسجلة في البرنامج الانتخابي". كما أكد أن الدولة ستعمل على "القضاء النهائي على أزمة السكن"، قائلا في هذا الصدد: "لن أرضى لأي جزائري أن يعيش في كوخ أو بيت قصديري؛ صيانة لكرامته"، ملتزما بعمل الدولة "بكل قوة على رفع القدرة الشرائية لجميع المواطنين، خاصة الطبقة الوسطى والهشة، مع إلغاء الضريبة عن أصحاب الدخل الضعيف". وفي المجال الصحي أشار السيد تبون إلى أن الدولة "ستضمن حصول المواطنين على رعاية صحية نوعية بزيادة الحصة المالية لقطاع الصحة، وإنشاء مستشفيات جامعية جديدة، وحل معضلة الاستعجالات الطبية"، فضلا عن "تشجيع الاستثمار في إنتاج الأدوية وتنمية الصناعة المحلية للدواء. كما أعلن السيد تبون في مجال التعليم، عن "وضع حل نهائي لمشكل ثقل المحفظة، مع مراجعة البرنامج الدراسي وتخفيفه، خاصة في الطور الابتدائي". أما بالنسبة للتعليم العالي، فأكد الرئيس تبون أنه يراهن عليه "ليلعب دورا رائدا في بناء الجمهورية الجديدة"، مشيرا إلى أن "المشكل في الجامعة ليس في نظام التعليم، بقدر ما هو في تطوير البرامج للارتقاء بمستوى المتخرجين"، داعيا إلى "ربط الجامعة بعالم الشغل؛ حتى تكون قاطرة في بناء اقتصاد قوي". وجدد رئيس الجمهورية التزامه ب "العمل الجاد على حل جميع النزاعات العالقة"، متمنيا أن يكون ذلك "في ظرف وجيز جدا في ما يتعلق بمختلف فئات المجتمع؛ كالمعطوبين والمشطوبين، والذين أعيد تجنيدهم، والمتقاعدين وشبكات الإدماج وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم". حل مشكل الإشهار العمومي لدعم حرية الإعلام كما تطرق الرئيس تبون لمجال الإعلام، داعيا وسائل الإعلام الوطنية إلى أن تكون "في مستوى تطلعات الأمة، والقيام بدور التنوير والتعبئة والمراقبة بفضل تعزيز الاحترافية والمهنية بعيدا عن التضليل والدعاية المغرضة والتشويه والتجريح والقذف في حق أي كان"، مؤكدا أن وسائل الإعلام "ستجد كل الدعم والتحفيز من الدولة؛ من أجل ممارسة إعلامية في ظل حرية لا حدود لها سوى القانون والأخلاق والآداب العامة، والتأكد من مصادر المعلومات". والتزم السيد تبون في هذا الصدد، بالعمل "بكل جد على حل مشكل الإشهار العمومي بصفة نهائية، وجعله وسيلة لدعم حرية الإعلام والإبداع، ودعم الصحف الإلكترونية وتشجيع المؤسسات الإعلامية". أما بخصوص قطاع الرياضة فقد شدد الوافد الجديد على قصر المرادية، على ضرورة أن يحظى ب "الاهتمام بداية من الابتدائي وصولا إلى النخبة"، مؤكدا التزامه ب "دعم الفرق المحترفة؛ بمنحها قطع أراض لإنشاء ملاعب، وخلق إمكانيات مالية، مع عمل الدولة على تشجيع رياضة النخبة، ودعم شبابها ماديا للتحضير الجيد". وفي قطاع الثقافة، أكد رئيس الجمهورية على استعداد الدولة للعمل على "تطوير الصناعة السينمائية، فضلا عن منح امتيازات لتطوير الإنتاج الثقافي والسينمائي والفكري، مع الاهتمام بالوضع الاجتماعي للفنان". ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------ سحب لقب الفخامة أمر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، بسحب لقب الفخامة من التقديم الرسمي لشخصه وذلك في الخطاب الذي ألقاه أول أمس، بقصر الأمم نادي الصنوبر، بعد تأديته اليمين الدستورية، بحضور شخصيات وطنية وممثلين عن هيئات في الدولة، فضلا عن أعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد في الجزائر. ولقي هذا القرار ترحيبا كبيرا من قبل الحاضرين، حيث دوت القاعة بتصفيقات حارة لاسيما من قبل الإعلاميين الذين سبق لهم وأن وقعوا في مواقف حرجة وصلت إلى حد إقالة صحفي من التلفزيون خلال عهد النظام السابق، بسبب عدم إطلاق لقب الفخامة على رئيس الجمهورية السابق.