* email * facebook * twitter * linkedin أكد خبراء في السياسة وحقوق الإنسان، في تصريحات ل«المساء"، أن مبادرة رئيس الجمهورية بوضع إطار قانوني من أجل الحد من انتشار خطاب التمييز والكراهية عبر استعمال وسائط التواصل الاجتماعي، هي خطوة مهمة، تنسجم مع التطورات التي شهدها المجتمع في الفترة الأخيرة، معتبرين إياها "غير كافية" ما لم ترفق بحملة تحسيس واسعة لنشر الوعي عبر المدرسة والإعلام الثقيل وتمثيليات المجتمع المدني بمختلف مكوناته. وتوقع الرئيس السابق للهيئة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، الأستاذ فاروق قسنطيني، في تصريح ل "المساء" أن يطوي مشروع القانون الخاص بمحاربة خطاب التمييز والكراهية، صفحة قاتمة من التاريخ الحديث للجزائر، والتي تنامت حسبه بشكل كبير خلال الفترة الماضية مع كل ما شابها من أحداث، "حيث كانت وسائط التواصل الاجتماعي الفضاء الخصب لتكريس هذه الممارسات المشينة". واعتبر المحامي، أن المبادرة التي قام بها رئيس الجمهورية، والتي تمت المصادقة على مشروعها التمهيدي خلال اجتماع مجلس الوزراء أول أمس، جاء في توقيتها المناسب ومن شأنها وضع حد لبعض الممارسات السلبية التي انتشرت بحدة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، "بشكل أعطى انطباعا للرأي العام الوطني وحتى الدولي أن الشعب الجزائري منقسم على نفسه إلى صنفين أو أكثر" . ويرى المتحدث أنه من المبكر القيام بتعريف ممارسات الكراهية والتمييز، قبل أن يقوم المشرع بضبطها بدقة بمصطلحات قانونية، حتى تسقط على الأفعال التي ترتكب في الممارسة الميدانية، مشيرا إلى أن قانون العقوبات الحالي، حتى وإن كان يعاقب على أفعال الشتم والقذف، فإنه لم يتناول بدقة الظواهر الجديدة التي شهدها المجتمع الجزائري في الفترة الأخيرة، ما يستدعى من المشرع تكييف القانون وإيجاد الأدوات القانونية المناسبة للمرحلة القادمة، خاصة وأن تأثير وسائط التواصل الاجتماعي أصبح قويا في وجدان المواطنين بمختلف فئاتهم العمرية، "بل أصبحت هذه الوسائط توجه الرأي العام الوطني أكثر من وسائل الإعلام التقليدية التي بات دورها محدود جدا في ظل الثورة الإلكترونية". ويبرز مصدر "المساء" في سياق متصل، أهمية أن يقوم المجتمع المدني بعد كشف الحكومة عن جميع فصول المشروع الجديد، بإثراء النص بالاقتراحات والمساهمة في نشر الوعي في المجتمع، لاسيما وأن ظاهرة التمييز والكراهية جديدة أو دخيلة على المجتمع الجزائري. وعن التجارب المقارنة التي سبقت الجزائر في نشر مثل هذه القوانين، أشار قسنطيني إلى تجربة فرنسا، التي سنت قانونا خاصا بمكافحة الكراهية والتمييز العنصري بمفهومه الواسع، مستندة في ذلك إلى نظامها اللائكي الذي لا يقبل أن يروج أي مواطن في مكان عمومي لخطاب عنصري تميزي على أساس الدين أو العرق، حيث تبقى ممارسة الديانة وما يحوم حولها في الأماكن الخاصة بالمواطنين كمنازلهم وبأماكن العبادة المرخصة من قبل السلطات العمومية. وخلص المتحدث إلى القول أن مكافحة خطاب التمييز والكراهية، يجب أن يكون مسألة جماعية تشارك فيها المدرسة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والنوادي الشبانية والثقافية من أجل العودة للحالة السليمة التي تنبذ العنف. من جهته، اعتبر الكاتب محند أرزقي فراد، في حديثه ل "المساء" حول مبادرة رئيس الجمهورية الخاصة بسن قانون لدحر خطاب التمييز والكراهية في المجتمع، أنه "من السابق لأوانه الشروع في تطبيق مثل هذه القوانين، قبل القيام بإجراءات تهدئة، تكون كفيلة بإقناع من يقومون بمثل هذه الممارسات بالتخلي عنها بإرادتهم الشخصية وليس بقوة القانون". أما النائب البرلماني عن حركة مجتمع السلم، الدكتور شريفي أحمد، فيعتقد أن هناك انسجاما كبيرا داخل المجتمع الجزائري، وأن إشكالية التمييز والكراهية تعشش في أذهان البعض فقط. ويتم ترجمتها أو تأويلها حسب بعض التوجهات الأيديولوجية، مشيرا إلى أن البعض ممن يروجون للخطاب التميزي المحرض على الكراهية، لا يتقبلون في المقابل أي انتقاد. ولهذا يجب حسبه أن يضبط القانون القادم الإطار الذي ينطبق على هذه الأفعال حتى لا تصادر حرية الأشخاص وتترجم خطأ. ويرى محدثنا في نفس السياق أن بعض الاستئصاليين الذين يرفضون مكونات الهوية الجزائرية بجميع أبعادها، يتعمدون التوظيف الخاطئ، لأي رأي يخالفهم على أنه خطاب تميزي أو داعي للكراهية، "ولهذا تبقى دقة المصطلحات ضرورية لوضع حد لأي تأويلات أو ترجمة خاطئة للمشروع وتكييفه مستقبلا". على العموم، يرتكز توجه الحكومة في الوقت الراهن عبر قانون نشر خطاب التمييز والكراهية الذي بادرت به وزارة العدل، إلى معالجة بعض الاختلالات التي تقع عبر وسائط التواصل الاجتماعي والتي تأخذ أبعاد خطيرة، تؤثر على التماسك الاجتماعي وتحرض على التفرقة، ومن هذا المنطلق سيحدد القانون المقرر إصداره في هذا المجال، المعالم المسموح بها للتعبير عن الآراء من دون أن يكون المضمون تحريضيا أو تميزيا.