* email * facebook * twitter * linkedin أكد المحلل السياسي، الدكتور عمار رخيلة، أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون سلط الضوء على معالم المرحلة القادمة التي ترتكز على تحقيق مطالب الجبهة الاجتماعية وتحقيق الرهان الاقتصادي، من منظور يصحح الأخطاء السابقة، كالتعامل بحيطة مع رجال الأعمال الذين استفادوا سابقا من مقدرات البلد، ويشدد على مراجعة مفاهيم الدعم من أجل تغيير ذهنية الاتكالية، لاسيما في ظل نضوب الموارد المالية. وأبرز الدكتور رخيلة أهمية تركيز الرئيس على دور المجتمع المدني المساهم في خدمة الوطن، بعيدا عن أية منافع سياسية أو مادية، لافتا إلى أن مضمون الحوار، جدد مرة أخرى مواقف الدبلوماسية الجزائرية من القضايا الإقليمية وفي طليعتها القضية الليبية، عبر التأكيد على أولوية الحوار السياسي بين الفرقاء الليبين، بعيدا عن تدخلات الأجنبية. وأشار الدكتور رخيلة في تصريح ل"المساء" إلى أن الرئيس تبون تطرق في الحوار الذي جمعه مع عدد من مسؤولي وسائل الإعلام الوطنية وبث سهرة أول أمس، إلى كل الجوانب التي تهم الرأي العام الوطني وتستقطب اهتمام الشعب، حيث ركز الرئيس تبون على الأولويات، "مسجلا هذه المرة بامتياز أسلوب المباشرة والصراحة في الحوار". وبرر الدكتور المتخصص في القانون الدستوري ملاحظته، بالقول أن الرئيس تبون قام بتسمية الأشياء بمسمياتها، مشيرا إلى أن هذا المنحى في المصارحة من شأنه "استنفار اللوبيات وجماعات المصالح في مختلف دواليب السلطة والتي اعتادت العيش على ما تتمتع به من احتكار للامتيازات واليد الطويلة، في صناعة القرار الإداري والاقتصادي مستغلة تأثيرها في القرار السياسي". وبالنسبة لمسار تعديل دستور، أكد مصدر "المساء"، أنه "حتى وإن أعلن الرئيس تبون عن موعد توزيع مسودته، فإنه يبدو لي أنه صار مربوطا بالرفع الكلي للحجر وعودة النشاط، وهذا إذا ما كانت السلطة تريد نقاشا واسعا حوله كما كان مبرمجا، مضيفا بالقول أن العبرة في الوثيقة الدستورية، بما ستكون عليه من حيث مضمونها، فالمأمول أن تتضمن إصلاحات دستورية عميقة تعطي الدستور مناعة وحصانة من جهة وتستجيب للمتغيرات الحاصلة في المجتمع من جهة أخرى". وبخصوص الجانب الاجتماعي، أشار الدكتور رخيلة إلى أن رئيس الجمهورية "يعتمد نهجا لربح السلم الاجتماعي، يقوم على محاولة تهدئة الجبهة الاجتماعية، بتقديم مساعدات مالية لفئات متضررة من انعكاسات حالة كورونا، على نشاط مختلف القطاعات"، مقدرا في المقابل بأنه "إذا كان ذلك يدخل في إطار سياسة دعم الفئات الهشة، فإن الاستمرار في هكذا سياسة، من شأنه أن يدعم الاتكالية لدى المواطن حتى في الظروف العادية، وبما أن الوضع المالي للجزائر، وضع حرج، فإن اعتماد سياسة كهذه له مخاطره بالنسبة للاستقرار الاجتماعي في حالة نضوب الاحتياطات المالية". وحول المحور المتعلق بالاستدانة، قال محدثنا إن، تجاوز هذا الخيار يتم "بإنعاش للاقتصاد ورشاد في إدارة الشؤون الاقتصادية وصرف للإمكانيات المتوفرة وضمان لمداخيل ثابتة ومستمرة"، مشيرا إلى أن هذا الرهان "لا يمكن إنجازه بناء على إجراءات سيادية فقط، بل تتوقف بالنسبة للجزائر أساسا على استقرار السوق النفطية، وأن يكون سعر البرميل بما لا يقل عن 45 أو 50 دولار". أما بالنسبة لاحتمال طبع النقود من عدمه، فهو مرهون وفقا للدكتور رخيلة، بمداخيل الجزائر من العملة الصعبة، حيث لا يمكن تفاديه باللجوء إلى الاقتراض الداخلي، الذي لم يكن في الجزائر في أي وقت من الأوقات وسيلة ناجحة". واعتبر الدكتور أن أبرز النقاط التي تناولها الرئيس في حديثه عن السياسة الاقتصادية، تتعلق برجال الأعمال في الجزائر، وكيفية التعامل معهم، على خلفية تصحيح الكوارث الاقتصادية التي تسبب فيها البعض، "حيث أن معظمهم كان طفيليا.. فهم على غرار العديد من الفئات في المجتمع سجناء عقلية دعم الدولة لهم وحريصون كل الحرص على مطالبة الدولة بإعفائهم من العديد من الرسوم والضرائب والأعباء الملازمة لأي نشاط حر، بل إن البعض منهم يطالبون بإعفائهم من البنوك بالضمانات التي على أساسها تقدر البنوك ما تستجيب له من القرض المطلوب. وقد ذهب البعض منهم إلى مطالبة السلطات بوجوب مسح قروضهم ليتمكنوا من نيل قروض أخرى". الرئيس جزم في هذا الأمر، بالتأكيد على أن اليوم هناك سياسة جديدة في التعامل مع هذا الملف وفقا للقانون. على صعيد آخر، أبرز الخطاب الذي قدمه الرئيس تبون، حسب محدثنا، أولوية الأمن الصحي للشعب، على باقي المسائل، وذلك من خلال التعامل بحذر مع وباء كورونا، "كما قام بترتيب الأولويات الوطنية وطمأن الأولياء بإمكانية اجرء امتحان البكالوريا في ظروف مناسبة للجميع". وبالنسبة لنقطة المجتمع المدني، الذي يفترض أن يقوم بتقديم خدمات للمجتمع، أكد الدكتور رخيلة أهمية استفاقة هذا الأخير للعب الدور المنوط به في المجتمع، مقدرا يأن "المجتمع المدني في الجزائر مازال في مرحلة جنينية بالرغم من أن تقاليد المجتمع وأنماطه التعاونية كفيلة بأن ينتعش فيها". وبعيدا عن هذا المفهوم، يؤكد رخيلة أن ما تعرفه الساحة الجزائرية من آلاف الجمعيات البلدية والولائية والوطنية، "تعد جمعيات نفعية مطلبية ريعية أسست لهذا الغرض سابقا، من اجل استغلالها انتخابيا..ونشر ثقافة التمجيد..وهو ما يجب وضع حد له اليوم وتصحيحه". في الأخير، سجل المحلل السياسي أن الحوار جدد مواقف الدبلوماسية الجزائرية المرتكزة على الحياد ودعم الحلول السياسية بعيدا عن التدخل في الشؤون الدولية، مشيرا إلى أن ذلك تجسد في تناول الرئيس تبون للملف الليبي الذي عرف انزلاقا بسبب الدوائر الداعمة لحفتر..والتي تراهن على إبعاد الجزائر من أي تسوية ينتهي إليها النزاع في ليبيا، "غير أن الجزائر تملك من الأوراق، سواء في الداخل الليبي أو في المنطقة بصفة عامة، ما يجعل من محاولات تحييدها أمرا ليس بالسهل، لاسيما وأن الموقف الجزائري من أطراف الصراع في ليبيا ظل على مسافة واحدة والمعطيات القائمة على مستوى القارة تجعل العديد من الزعماء الأفارقة يدعمون الجهود الجزائرية لتسوية الأزمة الليبية".