توقع صندوق النقد العربي أن يتأثر النشاط الاقتصادي في الجزائر خلال سنتي 2020-2021 بجملة من العوامل، أهمها الانكماش في القطاع النفطي وانخفاض الإنفاق العمومي. حيث تحدث عن تراجع النمو إلى – 6,1 بالمائة في 2020 ثم تعافيه إلى 2,3 بالمائة في 2021. تعاف مرده بالخصوص الإجراءات المتخذة من طرف الدولة للتخفيف من تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد الوطني. وأوضح التقرير الدوري للصندوق حول "آفاق الاقتصاد العربي" في نسخته الجديدة الصادرة الشهر الجاري، أن سوق النفط العالمية ألقت بظلالها على النمو الاقتصادي بالجزائر، في ظل انخفاض كميات الإنتاج في إطار اتفاق "أوبك+" بما يُقارب 12 في المائة في عام 2020، إضافة إلى تأثير انخفاض الأسعار العالمية للنفط على أوضاع الموازنة العامة للدولة، التي تواجه ضغوطات نتيجة الزيادة المطلوبة لمستويات الإنفاق العام للتخفيف من التداعيات الاقتصادية والإنسانية لانتشار فيروس كورونا. من جانب آخر، اعتبر أن القطاع غير النفطي أو خارج المحروقات، يواجه حاليا تحديات في ظل الانخفاض المتوقع لمستويات الإنفاق العمومي، والحاجة إلى تطوير البيئة الاستثمارية، بشكل يشجع على مساهمة القطاع الخاص، ليقوم بدور أكبر في الناتج والتشغيل في إطار رؤية "الجزائر 2030" للتنويع الاقتصادي. ولمواجهة هذا الوضع، ذكر التقرير بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة بهدف محاولة التخفيف من حجم العجز المتوقع في الموازنة العامة للدولة، ومنها خفض الإنفاق الجاري بنسبة 30 في المائة، ما يعادل 12 مليار دولار، مع الحفاظ على ثبات مستوى الأجور وحماية الإنفاق على الصحة والتعليم، يضاف إليها الإعلان عن تأجيل ضرائب الدخل للأفراد والمؤسسات، باستثناء المؤسسات الكبيرة. وتخفيض قيمة فاتورة الاستيراد من 41 إلى 31 مليار دولار، ووقف إبرام عقود الدراسات والخدمات مع المكاتب الأجنبية، لتوفير ما يقرب من 7 ملايير دولار سنويا، وتأجيل إطلاق المشاريع المسجلة، أو قيد التسجيل، التي لم يُشرع في إنجازها باستثناء تلك المنفذة في بعض المناطق. إضافة إلى تكليف الشركة الوطنية "سوناطراك" بتخفيض أعباء الاستغلال ونفقات الاستثمار، من 14 إلى 7 ملايير دولار، بهدف الحفاظ على احتياطي الصرف وتخفيف المواعيد النهائية التعاقدية للمشاريع الحكومية المُنفذة من قبل القطاع الخاص، وتعليق العقوبات المفروضة على الشركات التي تعاني من التأخير في إنجاز العقود العمومية. على مستوى السياسة النقدية، ذكر التقرير بقيام بنك الجزائر بخفض نسبة متطلب الاحتياطي القانوني الإلزامي من 10 إلى 6 بالمائة، وسعر الفائدة الرئيسة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 3 بالمائة. كما أعلن عن تخفيف نسب الملاءة والسيولة والسماح للبنوك بتمديد آجال سداد مدفوعات القروض، بدون الحاجة إلى تكوين مخصصات مقابلة، إضافة إلى تشجيع المزيد من الاندماج المالي عن طريق التركيز على الرقمنة والمنتجات المبتكرة، وتشجيع الخدمات المالية الممولة بواسطة الصيرفة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. ومن أجل دعم التعافي التدريجي للنشاط الاقتصادي، اتخذت الحكومة كذلك عددا من التدابير، تشمل إقرار قانون مالية تكميلي للموازنة، يهدف إلى تعزيز مواجهة الجائحة بما يشمل: "مخصصات للتخفيف من الآثار الصحية والاقتصادية لأزمة "كوفيد- 19"، "دعم الإنفاق على قطاع الصحة"، "إعانات للعاطلين عن العمل بسبب الجائحة"،"تحويلات إلى الأسر الفقيرة"، فضلا عن "خفض الإنفاق الحالي والرأسمالي من أجل التكيف مع البيئة الجديدة المنخفضة لأسعار النفط، بنسبة 5.7 بالمائة مقارنة بقانون الميزانية الأولى لعام 2020". وعلى ضوء ما سبق، توقع صندوق النقد العربي أن يسجل الاقتصاد الجزائري انكماشا بنسبة 6,1 في المائة في عام 2020، فيما توقع أن يسجل نموا بما يقارب 2,3 في المائة في عام 2021، مستفيدا من الزيادة في كميات الإنتاج النفطي وأسعاره في الأسواق الدولية، وكذلك من الإصلاحات الأخيرة التي تم تبنيها فيما يتعلق بجذب شركات النفط الدولية، من خلال العودة إلى اتفاقيات المشاركة في الإنتاج، وخفض مستويات الضرائب على تلك الشركات. وبالنسبة للتضخم، قدر التقرير متوسط معدله خلال الخمسة أشهر الأولى من عام 2020، بنحو 2,1 بالمائة مقارنة بذات الفترة من عام 2019، مع توقع ارتقاب تسجيله 2,8 بالمائة نهاية 2020 و4 بالمائة في 2021.