❊ الرئيس: التغيير مثلما طالب به الحراك المبارك هو تغيير سلمي لكن جذري ❊ متابعون: مراجعة الدستور محطة أولى لتعزيز الصرح المؤسساتي وصل مشروع تعديل الدستوري مرحلته النهائية بعد تحديد تاريخ الفاتح من نوفمبر القادم موعدا لإجراء الاستفتاء. وذلك بعد سلسلة المشاورات التي رافقت مسار التحضير لهذا الموعد الهام والمدرج ضمن أولويات البرنامج الرئاسي للرئيس عبد المجيد تبون، فضلا عن كونه من المطالب الحيوية للحراك، الذي سعى لوضع قطيعة مع النظام السابق ومظاهر الانفراد بالحكم، التي لزمت مظاهر التسيير خلال العشرية الماضية. وكان رئيس الجمهورية قد دعا بمناسبة انعقاد اجتماع الحكومة-الولاة، مؤخرا، بقصر الأمم، إلى الاستعداد لمرحلة الاستفتاء حول المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، مخاطبا المشاركين "أدعوكم من الآن، للاستعداد إلى مرحلة الاستفتاء (حول مشروع تعديل الدستور)، حتى نوفر أفضل الظروف والشروط المادية والنفسية لتمكين المواطن من قول كلمته الفاصلة في مستقبل وطنه". وتوجه الرئيس بالشكر "لكل من ساهم في إثراء وتعديل المشروع التمهيدي لمسودة هذا الدستور من شخصيات وطنية وأحزاب سياسية ونقابات وجمعيات مدنية وأساتذة جامعيين وغيرهم". وقدر "عاليا" ما قدموه من اقتراحات. وجدد السيد تبون في هذا السياق، التأكيد على أن "التغيير مثلما طالب به الحراك المبارك هو تغيير سلمي لكن جذري، يتم على الدستور الذي هو أساس الدولة"، مشيرا إلى أن "التغيير لا يكون داخل المكاتب أو بيد جماعة معينة، بل الشعب هو من يقرر وله الحرية في قبول مسودة الدستور أو رفضها". وفي حالة رفضه أضاف الرئيس تبون- "سيتم العمل بالدستور القديم مع الإصرار على إحداث التغيير". تقنين مطالب "فخامة الشعب" وكان رئيس الجمهورية قد أكد في مختلف خطاباته منذ الحملة الانتخابية لرئاسيات ديسمبر 2019 وخلال أدائه اليمين الدستورية وبعد توليه منصب الرئاسة، أن مراجعة الدستور تهدف إلى "تقنين" مطالب الشعب المعبر عنها في الحراك المبارك. ويحرص الرئيس تبون، حسب متابعين، على أن يكون تعديل الدستور معبرا عن طموحات الشعب إزاء التغيرات التي أفرزها الحراك الشعبي، فضلا عن إرساء رؤية شاملة ترمي إلى تعزيز الصرح المؤسساتي للدولة، والتي تصب في مسعى تمكين المجتمع من التحرر تدريجيا والتحكم في مقاييس العصرنة في إطار القيم الحضارية. كما تعهد الرئيس تبون، خلال حملته الانتخابية بفتح حوار وطني واسع حول مشروع تعديل الدستور، مؤكدا أن الوثيقة التي سيطرحها "ستحافظ على الثوابت وعناصر الهوية الوطنية بما في ذلك الأمازيغية التي فصل فيها الدستور الحالي". ويحمل اختيار تاريخ الفاتح من نوفمبر الكثير من الرمزية، كونه يمثل محطة هامة في تاريخ الجزائر ونقطة تحول في الكفاح لشعب انتفض من أجل التغيير للعيش بكرامة، ومن هنا سيكون الشعب الجزائري مرة أخرى أمام تاريخ جديد لتجسيد التغيير وفق قناعات سياسية، تتطلع لاستحدث تصور جديد لأساليب الحكم في البلاد. ومن هذا المنطلق، يراهن الرئيس تبون على أن التعديل الدستوري سيشكل أولى أسس الجزائر الجديدة التي تتطلع إلى التقدم والعصرنة، كما سيسهم في بناء دولة قوية وتجنيبها الاضطرابات التي تنخر البلدان الشقيقة والصديقة رفقة العديد من دول العالم التي تشهد تحولات عميقة. وعليه فقد حرص الرئيس على أن يضفي على مسار تعديل الدستور منهجية مدروسة، من خلال تكليف لجنة صياغة متكونة من خبراء ذوي مستوى علمي رفيع، أوكلت لها مهمة تحضير تعديله، علما أن عدد الاقتراحات المقدمة قد بلغت حوالي 2500، وردت من شخصيات وطنية وقادة أحزاب سياسية ونقابات وممثلي المجتمع المدني. وكان رئيس الجمهورية، أشار في لقاءاته الإعلامية إلى أن مشروع تعديل الدستور سيقدم نموذجا جزائريا أصيلا مبنيا على نظام شبه الرئاسي و"يعبر عن ثقافتنا لأننا نعتبر أن التقليد الأعمى ليس له أي نفع"، كما أضاف أنه سيعزز من صلاحيات الهيئة التشريعية، وسيمكن نواب البرلمان من تقديم مقترحات قوانين وإنشاء لجان رقابة حول أي موضوع وبخصوص أي قطاع وزاري، فضلا عن أن الدستور الجيد سيضع القيود التي تمنع أي انزلاق إلى السلطة الشخصية. تعزيز الصرح المؤسساتي للدولة ويرى متابعون أن خيار مراجعة الدستور يعد محطة أولى ضمن رؤية شاملة، ترمي إلى تعزيز الصرح المؤسساتي للدولة، كما أنها تصب في مسعى تمكين المجتمع من التحرر تدريجيا والتحكم في مقاييس العصرنة في إطار القيم الحضارية للبلاد، وفق مرتكزات حماية حريات وحقوق المواطن، أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد بكل أشكاله، تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وترقية دور البرلمان في مرافقة عمل الحكومة، تعزيز المساواة بين المواطنين أمام القانون، التكريس الدستوري لآليات تنظيم الانتخابات وتقنين المجال الإعلامي وتحسين نوعية الحكامة. وكان رئيس لجنة الخبراء المكلفة بصياغة المقترحات من أجل مراجعة الدستور أحمد لعرابة، قد قدم مسودة المشروع حول مقترحات اللجنة يوم 24 مارس الفارط للرئيس تبون. ليتم بعدها توزيع هذه الوثيقة على الشخصيات الوطنية ورؤساء الاحزاب والنقابات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني وكذا وسائل الاعلام، وتم فتح نقاش واسع على مدار أسابيع، من أجل التنقيح والتعديل والاقتراح والحذف والإضافة.