في سابقة لم يشهدها تاريخ المناظرات بين المترشحين للرئاسيات الأمريكية، خرج الرئيس الحالي دونالد ترامب، ومنافسه الديمقراطي لانتخابات الثالث نوفمبر المقبل جو بايدن، عن اللباقة السياسية في أول مناظرة انتخابية ساخنة بينهما بدأت باتهامات شخصية لا علاقة لها بالشأن الفيدرالي، لدرجة أنها وصفت بأنها "تبقى واحدة من بين أسوء المناقشات في التاريخ "الامريكي. وتحولت أول مواجهة مباشرة بين المترشحين الجمهوري والديمقراطي جرت وقائعها بكليفيلاند ودامت 90 دقيقة وتابعها عشرات الملايين من الأمريكيين من وراء شاشات التلفزيون، إلى مشهد فوضوي كشف حدة التوتر والجو المكهرب الذي يحيط بالرئاسيات الأمريكية قبل 35 يوما فقط من تنظيمها. وبمفردات حملت الكثير من الاهانة والتحقير، نعت المرشح الديمقراطي جو بايدن، البالغ من العمر 77 عاما منافسه الرئيس ال45 للولايات المتحدة ب"الكذاب" و"العنصري" ثم ب"المهرج" وبأنه " كلب "كانيش" الرئيس بوتين"، حتى أنه قال له عندما تحولت المواجهة إلى مشادات كلامية حادة "سوف تصمت يا رجل". وطبعا لم يخرج دونالد ترامب، وهو المعروف عنه مواقفه المثيرة للجدل وكلامه الرديء عن نفس أسلوب الاهانة والتحقير، فذهب إلى حد اتهام منافسه الديمقراطي بأنه "أبله ولا يملك شيئا من الذكاء"، بل أن ترامب وهو يضغط على فكيه سعى لتصوير بايدن على أنه "دمية" لليسار الراديكالي سواء فيما يتعلق بالصحة أو الأمن أو المناخ. وشكلت العلاقات مع روسيا والتعامل مع جائحة فيروس كورونا، ونزاهة الانتخابات الرئاسية وقضية إصلاح نظام الرعاية الصحية وإنعاش الاقتصاد أهم النقاط التي اشتبك حولها الرجلان. وسعى الرئيس ترامب، طوال المناظرة لاستعادة السيطرة محاولًا باستمرار مقاطعة منافسه الديمقراطي، غير أن مدير الجلسة كريس والاس، وهو مراسل قناة "فوكس نيوز" واصل طرح أسئلته على ترامب، ومنها موقفه من ادانة العنصريين البيض، فجاء رده غامضا بما أثار انتقادات لاذعة ضده من قبل الديمقراطيين. من جانبه هاجم بايدن، بشدة أسلوب تعامل ترامب مع جائحة فيروس كورونا، قائلا إن ترامب "أصابه الذعر" وتقاعس عن حماية الأمريكيين لأنه أكثر اهتماما بالاقتصاد. وقال بايدن، عن ترامب الذي حث الدول على إعادة فتح اقتصاداتها وهون من خطر الوباء "لقد أصابه الذعر أو نظر إلى سوق الأسهم". ورد عليه ترامب، بالقول "لقد قمنا بعمل رائع... لكنني أقول لك يا جو، لم يكن بإمكانك أبدا القيام بالعمل الذي قمنا به"، مفترضا أنه لو كان بايدن رئيسا لمات مليوني أمريكي وليس 200 ألف أمريكي. وفيما يتعلق بالاقتصاد وعد بايدن بأن تخلق خطته الاقتصادية 7 ملايين منصب عمل وتؤدي إلى نمو اقتصادي بقيمة 1 تريليون دولار أخرى، فيما اكتفى ترامب، بالقول إنه في ظل ولايته كان الاقتصاد الأمريكي "الأعظم في التاريخ"، لكنه تضرر مما لا يزال يصفه ب "الطاعون الصيني" في اشارة الى جائحة كورونا. وإذا كان جو بايدن، التزم بقبول نتائج الانتخابات الرئاسية، فإن خصمه ترامب حاول المراوغة بعدما كرر مخاوفه من أن التصويت بالبريد سيؤدي إلى حدوث تزوير فيما بدى أنه رفض صريح منه للنتائج في حال لم يفز بها. ولم يؤكد ترامب، بشكل واضح استعداده لقبول نتائج الاقتراع، حيث قال "آمل أن تكون انتخابات نزيهة.. لكن إذا رأيت أنه تم تزوير عشرات الآلاف من استمارات الاقتراع فلن أتمكن من الموافقة على ذلك". وحسب استطلاعات للرأي فإن المناظرة بما اتسمت به من تدني في المستوى من حيث الشكل والمضمون، لم تؤثر بشكل يذكر في مواقف الناخبين، وظل بايدن يحتفظ بتقدم طفيف على خصمه الجمهوري قبل نحو شهر من موعد الاقتراع.