❊ الرئيس: النص رد على محاولات تفتيت المجتمع عبر شبكات التواصل الاجتماعي يعتبر قانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتها، سندا تشريعيا قويا للتصدي لهذه الظاهرة التي أخذت أبعادا مقلقة، دفعت بالسلطات العليا للبلاد وعلى رأسها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى السعي لمعالجتها وصيانة الوحدة الوطنية بكل مكوّناتها. ويعد سن هذا القانون أحد أبرز المكاسب التي اجتهدت السلطات في تحقيقها في ظل تفشي هذه الظاهرة، لا سيما من بعض الأوساط، حيث تحوّلت بعض منصات التواصل الاجتماعي إلى فضاءات لنشر مقالات مسيئة لأسس ومقوّمات الوحدة الوطنية والانسجام المجتمعي. وأضحت بعض الأوساط تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي مضامين وخطابات الكراهية والازدراء والنعوت المشينة تجاه شخص أو فئة من المجتمع وذلك لاعتبارات جهوية وإثنية ودينية وشخصية. ولم يسلم من هذه الآفة حتى رموز الثورة المجيدة على غرار الشهيد عبان رمضان الذي وصل بالبعض إلى التشكيك في وطنيته. وأمام هذا المنحى الخطير للظاهرة وجّه رئيس الجمهورية في شهر يناير من السنة الجارية تعليمات للوزير الأول عبد العزيز جراد لإعداد مشروع قانون يجرّم كل مظاهر العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية في البلاد. وجاء هذا النص، حسبما ذكرت رئاسة الجمهورية "بعد ما لوحظ ازدياد خطاب الكراهية والحث على الفتنة خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، ولسد الباب في وجه أولئك الذين يستغلون حرية وسلمية الحراك برفع شعارات تهدّد الانسجام الوطني". كما تم التأكيد في ذات الوقت على "أن الجميع مطالبون بالتقيد بالدستور وقوانين الجمهورية، لاسيما فيما يتعلق باحترام ثوابت الأمة وقيمها، والمكوّنات الأساسية للهوية الوطنية والوحدة الوطنية ورموز الدولة والشعب". وتمت المصادقة على القانون في 23 فيفري الأخير في مجلس الوزراء قبل التصويت عليه من طرف غرفتي البرلمان. وشدّد رئيس الجمهورية خلال عرض مشروع القانون على مجلس الوزراء، على أن هذا النصّ "جاء ردا على محاولات تفتيت المجتمع عبر شبكات التواصل الاجتماعي"، معتبرا أن "حرية التعبير لا تعني حرية السبّ والشتم والقذف وزرع الكراهية". كما أمر بإدخال بعض التعديلات للحفاظ على الغاية الجوهرية من إعداد القانون، وهي صيانة الوحدة الوطنية بكل مكوّناتها، وأخلقة الحياة السياسية والعامة وصونها من الانحراف". المنظومة القانونية تتعزز بآليات لتحصين المجتمع وتعززت المنظومة القانونية في الجزائر بهذا القانون الذي تضمن جملة من العقوبات والتدابير الوقائية لتحصين المجتمع وإنشاء مرصد وطني للوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتها. وقد أبرز وزير العدل حافظ الأختام، بلقاسم زغماتي أن هذا القانون سيكون له "الأثر المباشر في الحد من تفشي مختلف ظواهر وأشكال التمييز وخطاب الكراهية في بلادنا وسيكون له دور كبير في أخلقة الحياة العامة والحد من جرائم الكراهية والتمييز التي ترتكب يوميا، عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي". وبخصوص أثر هذا القانون على المجتمع، يقول الأستاذ الجامعي في علم الاجتماع بجامعة مستغانم، راجعي مصطفى، في تصريح لوكالة الأنباء، إن المشرع ومن خلال هذا القانون استحدث آلية جديدة وإجراءات ردعية ووقائية للتصدي لخطابات الكراهية وحماية المجتمع من هذه الآفة التي كانت حتى وقت غير بعيد، "غريبة عن المجتمع الجزائري". ولاحظ الأستاذ راجعي، الذي أنجز عدة دراسات حول مواضيع تتعلق بالمجتمع المدني، أن "جماعات فايسبوكية وظفت هذه الخطابات لنشر الكراهية واتخاذ مواقف سلبية من الآخرين والتحريض على التمييز وزرع الفتنة"، الوضع الذي استلزم تدخل المشرّع لوضع حد لهذه الظاهرة وحماية المجتمع من مخاطرها. وقد نصّ القانون على استحداث مرصد وطني للوقاية من التمييز وخطاب الكراهية يوضع لدى رئيس الجمهورية، كهيئة وطنية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، تتمثل مهامه في رصد كل أشكال التمييز وخطاب الكراهية، ووضع الاستراتيجية الوطنية للوقاية من التمييز وخطاب الكراهية التي تمثل الجانب الوقائي. ويعرف النصّ "التمييز" بكونه "كل سلوك يقوم على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني أو اللغة أو الانتماء الجغرافي. وينصّ على أن العناصر المكوّنة لتجريم خطاب الكراهية تتعلق بجميع "أشكال التعبير التي تنشر التمييز أو تحرض عليه أو تشجعه أو تبرره أو تلك التي تعبر عن الاحتقار أو الإذلال أو العداوة أو الكراهية أو العنف". وينطلق القانون من مراعاة المواثيق الدولية واحترام سوسيولوجيا المجتمع الجزائري، مع الأخذ بعين الاعتبار كون أغلب جرائم التمييز وخطاب الكراهية ترتكب باستخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال، ما يستلزم تحديد الأحكام المتعلقة بالمساعدة والتعاون الدوليين.